نهاد الطويل - النجاح الإخباري -  أحد أبرز الأحاديث الرئيسة في منازلنا اليوم يتعلق بمخاطر تناول الفاكهة والخضار المهرمنة وتأثيرها "الفتاك" على حياة المستهلكين، وسط أسئلة كثيرة تتعلق بالرقابة الصحية والغذائية والمخبرية لتقيّم يحسم صلاحية هذه الأغذية للاستهلاك البشري ،وكم تبلغ نسبة الكيماويات والهرمونات فيها يا ترى؟!

مسؤول وحدة بناء القدرات والتوجيه في جمعية "عدل" - المتخصصة بالمنتوجات العضوية -  "جهاد عبدو" حذَّر من غياب نظام خاص لفحص الخضار والفواكه المنتجة محليًّا أو المستوردة ، للتأكد من خلوها من المبيدات الزراعية التي قد تسبب أمراضًا في حال الإفراط باستخدامها.

وحذَّر عبدو في تصريح خاص لـ"النجاح الإخباري" الخميس من قيام مزارعين باستخدام كميات كبيرة من المبيدات في فترة النضوج وذلك خلافًا للمحاذير والتعليمات الأمان المحلية والدوليَّة، والقيام لاحقًا بتسويقها محليًّا بشكل ميسر دون الحصول على شهادات التحاليل الخاصة قبل وصول هذه الخضار والفواكه الى بطون المواطنين.

غذاء نظيف ..

ورأى "عبدو" أنَّ الحاجة باتت ملحة اليوم لتبني استراتيجية الغذاء النظيف عبر  القيام بدور أكثر في الرقابة على المزارعين وارشادهم ، كما يتطلب الأمر من وزارة الصحة فحص الأغذية وضمان خلوها من مسببات الأمراض، عبر فحص عينات عشوائية من مراكز توزيع الخضار بشكل دائم من أجل ردع المستهترين الباحثين عن تسمين جيوبهم على حساب صحة المستهلكين.

وكان مجلس الوزراء قد أقرَّ مؤخرًا بتشكيل فريق لوضع استراتيجية لسلامة الغذاء، خلال العام الجاري وهي وطنية وليست خاصة بوزارة معينة وذلك وفقًا لما يظهره "كتيب" أجندة السياسات الوطنية الذي أطلقت قبل أشهر.

ويحذر خبراء ومختصون محليون من سوء استخدام المبيدات الزراعية على صحة المواطنين في ظلِّ غياب الضبط المستمر وعدم تحييد ما يتمُّ استخدامه من هذه المواد الخطيرة، التي قد تكون أحد أسباب ارتفاع نسبة الإصابة بالأمراض المزمنة وعلى رأسها السرطان.

أرقام الصحة ..

وتضاعفت نسبة الإصابة بمرض السرطان بأنواعه المختلفة في فلسطين ما بين عامي (2000-2014) حسب بيانات وزارة الصحة، حيث ارتفع عدد المصابين بالمرض من (1073) حالة إلى (2294) حالة جديدة، أي بزيادة وصلت إلى (114%)، وارتفعت حالات الإصابة بالمرض بين الأطفال من (89 -141) إصابة في الضفة ما بين (2012 -2014).

وأضاف أنَّ (59%) من المصابين بالمرض تتراوح أعمارهم ما بين (15- 64) عامًا، و(35%) من كبار السن فوق الـ(65) عامًا، و(6%) من الأطفال أقل من (15) عامًا، .ويأتي مرض السرطان كمسبب ثانٍ للوفاة في فلسطين بعد أمراض القلب.

اتهامات الشارع : تقصير وزاري ...

"ويبدو أنَّ الرقابة على الخضروات والفواكة في أسواقنا  تائهة بين وزارتي الصحة والزراعة  ولا أحد يعرف ما إذا كانت الخضروات والفواكة التي نلتهمها ونملأ بها بطوننا تحتوي على مواد ضَّارة أم مفيدة"، يقول أحد المواطنين لـ"النجاح الإخباري".

وطالب مواطنون الوزارتين بضرورة التكامل وأخذ زمام المبادرة قبل فوات الأوان في الرقابة على ما هو موجود في الأسواق من مبيدات زراعية وما "يدخل إلى أسواقنا من إسرائيل".

وتقول وزارة الصحة: إنَّها تمتلك مختبرًا متطورًا ومؤهلًا لفحص العينات من المنتجات المصنعة والمعبئة، كما يوجد لدى الوزارة مختبر لفحص الهرمونات في الدجاج واللحوم ومتاح للاستخدام أيضًا.

وتنشر وزارة الزراعة على موقعها الإلكتروني ما تقول بأنَّه أنظمة وقوانين،وتعليمات يتمُّ توزيعها على محال بيع المبيدات الزراعة بما هو مسموح وما هو ممنوع.

وعادة ما يتمُّ وسم عبوات المبيدات الزراعية بتعليمات يقع الالتزام بها أيضًا على المزارعين ومتابعتها في الوقت ذاته، مع المرشدين الزراعيين المنتشرين في كل المحافظات.

"النجاح الإخباري" يستمع ..

ودعا عاطف شقير المزارعين إلى التحلي بحسٍ وطنيٍ عال، سيما في استخدام المبيدات الكيماوية في رش محصوله الزراعي، في وقت أثبتت فيه عدَّة دراسات خطورة المبيدات الكيماوية على جودة المحصول.

وعلَّق الناشط مروان عصيدة :" أنا بعتقد ما في حدا سائل عن حدا وخصوصًا موضوع الخضروات، شخصيا بوكل الفواكه وأنا خايف، في كثير من الفواكه بكون شكلها مش طبيعي المفروض يكون في رقابة على هذه المنتجات مثلها مثل السلع الأخرى."

ووصف "سامر عبده عقروق" الوضع بالخطير، داعيًا الجهات المختصة إلى القيام بعمليات توثيق وتحليل لما يدخل للسوق التوضيح ما هو مسموح وما هو ممنوع.

الصحفي والباحث محمود فطافطة قال لـ"النجاح الإخباري": "إنَّه في ظل جشع المزارع في أن تنمو الخضار والفواكه سريعًا، والتاجر الذي يحلم بربح سريع، ومافيا الخضار الذين يسعون دوماً إلى الربح الفاحش وإقصاء المنتجات الوطنية لتحل بدلًا منها الإسرائيلية، إلى جانب الرقابة شبه المعدومة من قبل وزارة الاقتصاد وضعف رقابة جمعية حماية المستهلك كل ذلك يؤدي للأسف الشديد إلى أن تتحول بطوننا إلى أماكن للتلوث والأمراض.. المطلوب مزيد من الرقابة من الوزارة وكذلك الجمارك.

ويختصر أحد المواطنين المشهد بقوله: "ولنكن أكثر صراحة الكثير من ثمارالخضار والفاكهة الزراعية تخضع لتسريع هرموني.."

ويضيف الناشط علاء مسعود مستهجنًا : من المستغرب أن يتحول القلق لدى التجار والمزارعين لجهة الخسارة  التجارية بالدرجة الأولى، أمَّا صحّة المواطن هنا وماذا يأكل وماذا يقدّم إليه وما هي الخطوات القادمة لحمايته والحفاظ على صحته فهذه تأتي بالدرجة الثانية..".

إسرائيل متورطة ..

وأكَّدت لجنة مشتركة لتقصي الحقائق في الضفة الغربية، أنَّ دولة الاحتلال الإسرائيلي تصنع وتتاجر بشكل غير مشروع بالمبيدات السامَّة في المستوطنات التابعة لها، كما تقوم بتسريب مياه الصرف الصحي الصناعي والمنزلي الخام من المستوطنات إلى أراضي الرعي والبساتين مباشرة، ما يؤدي إلى انعدام الأمن الغذائي ويعد انتهاكاً خطيرًا لحقوق الإنسان.

وكشف تحقيق مشترك، أعدَّته البعثة المشتركة لتقصي الحقائق برئاسة الجمعية العربية لحماية الطبيعة،(APN) وشبكة العمل على المبيدات في آسيا والمحيط الهادئ،(PANAP) عن وجود مبيدات شديدة الخطورة والتي تحظرها السلطة الفلسطينية، مثل الإندوسلفان، ودوكاتالون (الباراكوات)، ولكن تتم المتاجرة بها بشكل غير مشروع إلى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.

%50 من المبيدات غير مشروعة:

كما وجدت التقارير أنَّ (50%) من المبيدات الموجودة في فلسطين غير مشروعة، وأنَّه قد تمت مصادرة خمسة أطنان من المبيدات المحظورة منذ عام (1995).

وتقول الدكتورة "ميريل واط"، من شبكة العمل على المبيدات في آسيا والمحيط الهادئ والذي شاركت في البعثة: "من غير المقبول أنَّ السلطة الفلسطينية، التي تمتلك واحدًا من أشد أنظمة تسجيل المبيدات والامتثال، بما في ذلك عدم السماح بدخول المبيدات المحظورة في بلدانها الأصلية، تتعرض للإحباط عند كل منعطف من قبل السلطات الإسرائيلية التي تسهل عن علم دخول المبيدات المحظورة شديدة الخطورة إلى الضفة الغربية المحتلة".

وفي ظلِّ الجهود التي تقوم بها الحكومة على صعيد زيادة حصة فلسطين من مساهمتها في سلة غذاء المنطقة العربية عبر سياسة الإنفتاح على الأسواق في الدول المجاورة يكفي الإشارة إلى ما يواجه المزارعون في الأردن من اختبار خليجي صعب لجهة تشديد بعض دول مجلس التعاون فحوصات اختبار السلامة والأمان الغذائي في الخضار والفاكهة للاشتباه في ارتفاع نسبة ما يعرف بالسمية المتبقية من المبيدات،وهو ما يهدد زراعتهم وينذر بخسائر وكساد كبير.