هبة أبو غضيب - النجاح الإخباري - هل تزوجت؟ أو ترغب بالزواج عن حب؟ وهل تعتقد أن الزواج عن حب يعطي الحياة الزوجية متانة وقوة؟

هي أسئلة كلاسيكية، لكنها تبقى مهمة وإجاباتها مرنة ومتملصة.

البعض يقول إن الزواج عن حب هو بوابة الفرح والسرور للأسرة المستقبلية، بينما يرى آخرون إن الحب ينتحر على عتبات الزواج، ويتحول إلى مقبرة ! 

عند النظر إلى الغرب والشرق تنعكس معادلة صعبة، فأغلب الشباب في الدول الغربية يتزوج عن حب، لكن العلاقات تنهار مع أول اختبار، بينما تنشط في العالم الشرقي حالات الزواج التقليدي أو ما يعرف باسم "زواج صالونات"، والمفاجأة صادمة، حيث إن هذه العلاقات غالبا ما تنجح وتنتج أسرة قوية.

"النجاح الإخباري" اقترب أكثر من هذه القضية عبر لقاءات مع شباب وفتيات وكذلك مع أخصائيين في محاولة للبحث عن إجابات.

مهين للمرأة

الشابة ليلى اصبيح من نابلس، ترفض الزواج التقليدي بشدة، وتعتبره مهينا للمرأة قبل الرجل، وتقول لـ"النجاح الإخباري": "أنا لست بضاعة للعرض، وكأنني عارضة أزياء، طريقة الزواج التقليدي تحرجني كثيرا، وعادة لا أظهر  بأجمل مظهر عندما نستقبل عائلة تبحث عن عروس لابنها، وارتدي ملابس النوم"، وبررت ذلك بأن عليهم المجيء كي يتعرفوا على قلبها لا قالبها، وأنهت حديثها بأن هذا النوع من الزواج لا يستمر، قائلة: بـ"لن أتزوج على مزاج والدته".

ما علاقة شاكيرا؟

أما الذكور فعرفوا الزواج التقليدي على مزاجهم بمنشورات استهزاء على الفيس بوك فيقول الشاب إبراهيم رياض عبر صفحته على فايسبوك "الزواج التقليدي يعني أمك تروح على عرس وتختار وحدة رقصها حلو، وبيجوا أهلها يسألوا عن صلاتك طيب، وشاكيرا بتصلي !".

تزوج وهو في بطن أمه !

وفيما يتعلق بأغرب طريقة زواج والتي تحدث بلا حب، ولا حتى بطريقة تقليدية، كما صنفها الحاج أبو علي البالغ من العمر (67 عاما) من نابلس، مستهزءا بما عايشه قبل أن يرى النور، ويقول لـ"النجاح الاخباري": "تزوجت قبل أن تراني أمي"، ويكمل بلهجة ساخرة "حجزوني وأنا ببطن أمي، وقالوا لامي أبو علي لفدوى"، وأضاف بأنه بقي اسم فدوى على اسمه حتى سن المراهقة، ولكن شاء القدر وتزوجت فدوى بشخص آخر".

ويؤكد على أن كثيرا من الحالات في فلسطين تزوجت بهذه الطريقة، وأغلبها كانت لأسرى يتزوجون وهم داخل السجون الإسرائيلية، من خلال الموافقة على صورة للفتاة، وعندما يفرج عنه الاحتلال يكمل الطرفين إجراءات الزواج، دون رجعة عن القرار".

فكرة خاطئة

الشابة حنان من رام الله  تروي لـ"النجاح الاخباري"، والبسمة ترتسم على ثغرها على أن الفكرة السائدة التي تقول بأن الزواج مقبرة الحب خاطئة، وحبها لزوجها قبل الزواج لم يكن بهذا الكم، مشيرة إلى أنه تضاعف وأصبح بطريقة مختلفة مبني على التفاهم والمودة والرحمة، رغم وجود بعض الخلافات أحيانا، وأنهت حديثها بأن "الخلافات أحيانا تحيي الزواج، ولا مذاق للحياة دون بهارات".

قبل كتب الكتاب

أما الشابة سارة قاروط من طولكرم تفضل الزواج التقليدي أكثر، وعلقت على الموضوع بأن الدين الإسلامي أتاح فرصة التعرف على الطرف الآخر قبل كتب الكتاب، واعتبرت مشاعر الحب غير مستقرة، وخارج إطار المسؤولية، وهو ما وصفته بـ"الطائش"، قائلة "التقليدي يبقى أضمن ويستمر".

السيء يبقى سيئًا

الشاب عمرو بخيتان كانت له نظرة مختلفة حول الزواج قائلا: "لا أعتبر مسمى الزواج مهما، بقدر نوع الشخصية التي سترتبط بها، فالسيء يبقى سيئا سواء بزواج تقليدي أو حب". ونوه إلى أن هناك أمور يجب أن تتوفر بأي طرف من الطرفين ليتكلل الزواج بالنجاح، ومنها العمر والثقافة.

وأضاف: "أمي هي ستختار لي، وأنا راض تماما عن أي اختيار لأنها تعرف أكثر مني".

ونشر موقع دوتشيه فيله الألماني بحث للبروفيسور آرون بن زائيف، يؤكد فيه على أن الزواج القائم على الهيام والغرام والمشاعر الملتهبة يتجاهل في الغالب عناصر الشراكة المهمة بين الزوجين من قبيل التقارب الفكري والذكاء المطلوب والتقارب الاجتماعي، وهو في النهاية اختيار رومانسي قد يزول بزوال أسبابه.

فيما أكد الكاتب في معهد الإنماء العربي زهير حطب في كتابه عن تطور الأسر العربية، على أن كثيراً من الزيجات العربية تستمر غالبا على حساب سعادة المرأة والرجل، فهما يفضلان أن تستمر مؤسسة الأسرة لتربية أبنائهما حتى إذا دبّ الخلاف بينهما ووصل إلى مستوى القطيعة، كما أنّ مجتمعات عربية كثيرة ترى في الطلاق وصمة عار تلحق بالمرأة، وتجعل منها مخلوقا من الدرجة الثانية بين أقرانها.

لا يعتمد على الطريقة

بدورها أشارت أخصائية التنمية البشرية خلود المصري لـ"النجاح الإخباري"، إلى أن الزواج سواء أكان تقليديا أم عن حب، فاستمراريته ونجاحه يعتمدان على شخصية الطرفين، ومدى التوافق الفكري والروحي، وهذا يحدث بإجراء محادثات أكثر قبل الزواج".

وأضافت: "أعتقد أن الفكرة القديمة عن الزواج التقليدي زالت".

وشددت على ضرورة توفر فرصة لتعرف الطرفين على بعضهما البعض بشكل أكبر، ولا بد من وجود منعطفات بالزواج، وأن يقل الشوق أو تتغير طريقة الحب لا يعني الكره، وهو ما وصفته بـ"الخمود المؤقت للعلاقة".

نظرة الدين للزواج 

وكان الداعية الإسلامي الأردني والمحاضر في الجامعة الأردنية أمجد قورشة، أشار بمحاضرة إلى أن الحب قضية فطرية، وشبه الحب بالجوع بحيث هناك طعام قد يضر بصحتي ولا يجوز أن آكله، كما أنني محكوما بالوقت، وغيرها من الأمور فلا يجوز مثلا أن آكل خلال اجتماع رسمي، لأسباب تقليدية تتعلق باحترام المكان.

وشدد على أن "وجود شهواتنا ليست مبررا كي نطلق العنان لأنفسنا بأن نفعل ما نريد".

وأضاف أن السينما سواء العربية أو الغربية لعبت دورا هاما فيما تولده عقول الشباب من أفكار تقول "لحق حالك، واستمتع بحياتك قبل دخولك القفص الذهبي"، مشددا على أن الزواج لا يعد قفص كما أطلقوا عليه، وتلك المسميات لها تأثيرها على العقل الباطني بطريقة خاطئة، خاصة عندما يقرنوا الزواج بـالهم والغم، ويقرنوا العزوبية بالأحداث الحيوية والحياة الوردية.

واعتبر الحب قبل الزواج مجرد إعجاب أو انجذاب، أما الحب الحقيقي فهو شجرة تبتدئ بالزواج، المكلل بالتضحية، والتسامح، والصبر، وتقديم تنازلات لصالح العلاقة.

وفيما يتعلق بالزواج التقليدي استدل قورشة بحديث الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، عندما ذهب أحد الصحابة لخطبة إمرأة، وقال له: "هل نظرت إليها؟ فقال: "لا، فقال له النبي انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما"، ونوه إلى أن الإسلام عدل الطرفين بكافة المسائل.

مستعدون للزواج 

يذكر أن صحيفة ديلي ميل البريطانية نشرت بحث شمل خمسة آلاف متطوع، كشف أنَ 31% من الرجال مستعدون للزواج من إمرأة لديها كل المواصفات المطلوبة، رغم عدم وجود علاقة حب بين الطرفين.

وثلث الرجال الغربيين في هذه الدراسة لا يشترطون الحب في علاقة الزواج، ويرون أنّ التراحم والمودة بين الزوجين يمكن أن تحل محله.

جدل لا ينتهي أبدا حول الزواج التقليدي أو عن طريق الحب، يبقى الحديث عنه مفتوحا ويحمل أبعادا قد تكون جديدة للبعض، فيما يكون مجرد حديث عابر للبعض الآخر يعبر فيه عن نفسه، ويخضع بعد ذلك للعادات والتقاليد لا أكثر..!