أحمد الشنباري - النجاح الإخباري - يمر في  الحدود عابرًا مأخوذًا برائحة الأرض ذلك المغترب الذي تغمره اللهفة، فعلى جوانبها ارتسمت لوحة تراثية ، فمن الأرض المحتلة يلقي السلام على أولئك المهجرين.

 بين عيدان البوص المنتشرة على جوانبه والبرج العسكري الإسرائيلي يقع  وادي الدوح إلى الشمال الشرقي من بيت حانون ولا يزال الحمام يحلق فوقه عاليًا أملا في وصول آمن.

مراسل النجاح الإخباري التقى بعض  كبار السن يحدثوه عن ذكريات الوادي تقول الحاجة فاطمة: " لم انس ذكريات الوادي ودائمًا ماكنت أذهب اليه مع والدي في موسم قطف البرتقال "

وتضيف الحاجة " في الوادي ارتياح وهدوء بال واستمتاع بمنظر الحمام الجميل"

أما الحاج علي الذي  لم يرهقه السير إلى وادي الدوح حين كان شاباً فيقول: " لم يأتِ يوم دون أن نذهب إلى وادي الدوح حتى في وقت الدراسة كنا نأخذ معنا كتبًا دراسية لنقرأ هناك تحت ظلال شجر " الغلان "  كانت  أجمل أوقات نصل إليه ونعود مع مغيب الشمس ".

واليوم بعد أن قتل الاحتلال زقزقة العصافير بتجريف الأراضي الزراعية وبيارات الحمضيات أصبح مشهدهُ أكثر إيلاماً وبرغم ذلك ما زال بعض الشباب اليوم يتجهون إليه كمتنزه طبيعي .

الشاب عماد يقول لمراسلنا " نتجمع يوم الجمعة بعد الصلاة ونذهب إلى الوادي سيرًا على الأقدام لنجلس هناك ننظر إلى الأراضي الواسعة وإلى الوادي ".

مضيفًا "مشهد فيه تفريغ عن النفس  بين الأراضي".

أما الشابة " إسلام" والتي تحلم بزيارة إلى وادي الدوح تقول " أخبرنا والدي عن وادي الدوح كثيرًا لكن لم أره يومًا في حياتي ".

صاحب كتاب بيت حانون تاريخ وحضارة المؤرخ والمهندس " محمود الزعانين " كان محطة التقينا به حول الوادي قائلًا: " يتميز وادي الدوح برمزية فلسطينية قيمة، فهو الوادي الذي يعبر من الحدود والأرض المحتلة ليدخل إلى قطاع غزة ومن ثم يعود حاملًا رائحة الأرض لأصحابها المهجرين ،ناهيك عن ارتباط التراث الفلسطيني باسمه عبر الأغاني الشعبية " يا حمام الدوح "

ويضيف "الزعانين" مما لاشك فيه أنّ السياج الفاصل مع الأرض المحتلة أبقى جزءًا منه داخل غزة دليل على حق العودة المتمثل في حمامه".

وتعتبر رواية "بكاء العزيزة" والتي تتحدث في أجزاء منها عن وادي "الدوح" يعقب عليها الدكتور عبد الرحيم أبو حمدان لمرسلنا " الخصوصية التي تتميزبها البيئة المكانية بأبعادها الطبيعية والحضارية والاجتماعية؛ لكونه وعاء فكريًّا يلعب دورًا حيويًّا في تشكيل الذاكرة الجماعية للمنتمين إليه، وبوصفه المُعَبِّرعن عدم استقرارالفلسطيني في محطات التشرد والشتات، مضيفاً تعتبر الرواية "المُذًكِّر بالأرض المفقودة التي سلبها المغتصب، فكان رد الروائيين على هذا المغتصب أن جعلوا من تراب الوطن مكانًا مقدسًا، مؤكدين هويتهم الوطنية ، وحاضراً في كتاباتهم حضوره الأبدي في وجدانهم."