نهاد الطويل - النجاح الإخباري - أثارت إسرائيل غضب الفلسطينيين والعرب والغرب بعد قرار حكومتها الأخير بالتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة.

رئيس "هيئة مقاومة الجدار والاستيطان"، وليد عساف، قال إنّ إسرائيل تسعى لتنفيذ مخططها الاستعماري، واستكمال الخارطة النهائية لتقسيم الأراضي الفلسطينية إلى "كانتونات".

وحذّر عساف في تصريحات لـ"النجاح الإخباري"  من خطورة إعلان تل أبيب إقامة مستوطنة جديدة في الضفة الغربية، موضحًا أنّ الهدف منها "استكمال الحزام الاستعماري" الفاصل بين شمال الضفة الغربية ووسطها.

الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية، "د. مصطفى البرغوثي" اعتبر أنّ الرد على التغول الاسرائيلي يجب ان يكون فلسطينيًا بالدرجة الأولى ويكمن بدفع عجلة العقوبات العربية والأوروبية عليها .

وطالب البرغوثي في تصريح مقتضب لـ"النجاح الإخباري" القيادة بضرورة التحرك فورًا في أروقة الجنايات الدولية لفتح ما وصفه بـ"صندوق اسرائيل الأسود " في الوقت الذي ينتظر الشارع لقاء الرئيس الفلسطيني بنظيره الأمريكي "ترامب".


من جانبه علّق السفير "بركات الفرا"، سفير فلسطين السابق في مصر،إنَ إسرائيل لا تأبه بالعرب ولا تهاب الأمة العربية، لذلك تضرب بـ"عملية السلام" عرض الحائط، كما أنّها لا ترتدع إلا إذا شعرت بالقوة.

وأضاف "الفرا"، في تصريح له :" موضوعيًّا  إسرائيل لم تلتزم منذ نشأتها غير القانونية عام (1948) حتى وقتنا هذا، فهم لا يلتزمون بقانون دولي أو قوانين الأمم المتحدة، فإسرائيل لا تعبأ إلا بالشيء الذي يهدد أمنها فقط، وقرار استئناف الاستيطان إمعان في رفض إسرائيل عملية السلام، وأنّها تريد أن تهدم أي محاولات لإحياء عمليات السلام، خصوصًا مع انتظار لقاءات زعماء العرب مع الرئيس الأمريكي.

توقيت خطير .. وتحد للقمة

توقيت تصعيد حكومة الاحتلال يأتي متزامنًا مع انتهاء القمة العربية في الأردن، ويمثل رسالة للعرب والفلسطينيين، بأن المشروع الاستيطاني سيستمر رغمًا عن بيان عمان، وقرار مجلس الأمن (٢٣٣٤)، وهو ما يشكل تحديًّا عمليًّا على الأرض، لإكمال لف حزام المستوطنات حول "عنق الدولة الفلسطينية".

يذكر أنّ البند الأول في "بيان عمّان"، الذي صدر عن القمة العربية، نصّ على تأكيد القادة العرب، بعد "مشاورات مكثفة، وحوارات معمقة وصريحة"، بحسب تعبيره، استمرارهم في "العمل على إعادة إطلاق مفاوضات سلام فلسطينية إسرائيلية جادة وفاعلة، تنهي الانسداد السياسي، وتسير وفق جدول زمني محدّد، لإنهاء الصراع، على أساس حل الدولتين، الذي يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من حزيران/يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية".

سباق مع الزمن ..

ويرى مراقبون في التصعيد الإسرائيلي أنّه يأتي في إطار السباق مع الزمن  قبل بلورة إدارة "ترامب" لتصوراتها للتسوية النهائي لتثبيت أكبر قدر من المستوطنات والبناء الاستيطاني كحقائق ناجزة على الأرض، قبل التوصل إلى تفاهمات رسمية وملزمة مع الإدارة الأميركية، التي ستعرض بدورها هذه التفاهمات على الجانب الفلسطيني باعتبارها أمرًا مفروغًا منه خارج نطاق التفاوض.

وتجري واشنطن والحكومة الإسرائيلية منذ منتصف الشهر الماضي، محادثات للتوصل إلى ما بات يعرف بتفاهمات حول الاستيطان في الأراضي الفلسطينية، دون إعلان التوصل عن اتفاق حتى الآن.

إدانات واسعة ..

ولاقى التصعيد الإستيطاني الإسرائيلي إدانة واسعة شملت الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية والأردن.

الأمين العام للجامعة العربية "أحمد أبو الغيط" ، اعتبر التصعيد بمثابة "تسميم للأجواء" لتفادي إطلاق عملية سياسيّة على أساس حل الدولتين، كما اعتبر الأردن أنّه يضرّ جهود إحياء السلام، ورأى الاتحاد الأوروبي أنّه يقوض حل الدولتين.

بدورها أعربت الحكومة الأردنية عن شجبها وإدانتها الشديدة للتصعيد الإسرائيلي بحق الأرض الفلسطينية.

مقترح برلماني

وقررت المجموعتان العربية والإسلامية في الاتحاد البرلماني الدولي، دعم مقترح برلماني عربي لإدراج إدانة قانون شرعنة الاستيطان على جدول أعمال الجمعية العامّة للاتحاد البرلماني الدوليّ، التي تعقد اليوم في العاصمة البنغالية "دكا" بمشاركة وفد المجلس الوطني الفلسطيني.

تاريخ استيطاني متدحرج ..

مرحلة ما قبل الانتداب البريطاني

ويطلق عليها مرحلة الدولة العثمانية ويمكن تحديدها منذ انعقاد مؤتمر لندن عام ( 1840)م، بعد هزيمة "محمد علي" وحتى الانتداب البريطاني (1920)، ولم تلق هذه المرحلة  النجاح المطلوب بسبب عزوف اليهود أنفسهم عن الهجرة إلى فلسطين، والتوجه إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

بدأت هذه المرحلة أو الاستيطان الإسرائيلي بصفة عامة بممارسات  اليهودي  الثري "منتيفيوري"، الذي استطاع في عام (1855)م أن يشتري قطعة أرض في مدينة القدس، أقام عليها في عام(1857)م، وإقامة أوّل حي سكني يهودي في فلسطين خارج أسوار مدينة القدس، وهي (حي مشكانوت شعنا نيم) وعرف فيما بعد يمين موسى.

وفي عام (1860)م، اشترى اثنان من اليهود قطعتي أرض في فلسطين، الأولى قرب أراضي "قالونا" والثانية حول بحيرة طبرية.

تم بناء أول عشرين وحدة سكنية لم تشغل إلا في عام (1862)م، وبعد ذلك أقامت جمعية الهيكل الألماني برئاسة "كريستوف هوفمان" بعض المستوطنات في فلسطين، وخاصة في يافا وحيفا.

 في عام(1878)م، تمكنت مجموعة من يهود القدس- بعد حصولهم على دعم من الخارج - من الاستيطان في السهل الساحلي وتأسيس مستوطنة "بتاح تكفا" على جزء من أراضي ملبس قرب يافا.

في الفترة ما بين (1882-1903)م، وقد تراوح عدد المهاجرين اليهود إلى فلسطين حوالي ثلاثين ألف مهاجر بسب حركة الاستيطان اليهودي المنظم في فلسطين.

وأقيمت في هذه الفترة مستوطنة "ريشون ليتسيون وزخرون يعقوب وروش ليتاح"، "يسود همعله" و" نيوز يونا ،رحوبوت، ومشمار هارون، والخضيرة".

استمر النشاط الاستيطاني ما بين الفترة (1907م -1914م) ، حيث أقيمت (15) مستوطنة يهودية، فبلغ مجموع المستوطنات الصهيونية، أربعين مستوطنة يسكنها حوالي (12000) مهاجر يهودي.

مرحلة الانتداب البريطاني

 هذه المرحلة تبدأ من الانتداب البريطاني على فلسطين (1920) وحتى قيام إسرائيل عالم (1948)، وبدأ الصهاينة فيها بتكثيف عمليات امتلاك اليهود للأراضي الفلسطينية، وتدفق الهجرة اليهودية، وشهدت هذه المرحلة الموجات الثالثة والرابعة والخامسة من الهجرات اليهودية.

تمكنت الحركة الصهيونية في هذه المرحلة من خلال الانتداب البريطاني على فلسطين من امتلاك ما يزيد عن (30%) من مجموع الأراضي الزراعية في فلسطين.

 بلغت مساحة الأراضي التي يمتلكها الصهاينة مع نهاية فترة الانتداب عام (1947م)، (1.82) مليون دونم، وهو ما يعادل (6%) من مساحة فلسطين، والبالغة (27) مليون دونم.

فترة قيام دولة إسرائيل

 وبدأت منذ إعلان قيام إسرائيل (1948) وحتى عام(1967)، وتمكن اليهود حينها من الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، والاستمرار في مصادرة الأراضي وإقامة المستوطنات لاستقبال المهاجرين الجدد باستمرار.

املاك الغائبين..

وبسبب  قانون أملاك الغائبين، تمكن اليهود من امتلاك (2070000) دونم بعد "قيـام إسرائيل"، وقد حرصت إسرائيل على أن تكون هذه الأراضي في مناطق متباعدة من أجل توسيع رقعة "الدولة اليهودية".

في عام (1950) قامت الحكومة الإسرائيلية بعمل قانون العودة، والذي بموجبه يمنح كل يهودي داخل فلسطين حق الاستيطان فيها، وفي هذه الفترة تمكنت إسرائيل من السيطرة على 77% من مساحة فلسطين التاريخية، وتمكن اليهود من طرد معظم السكان الفلسطينيين، بعد أن ارتكبت العديد من المذابح والمجازر، ودمرت القرى والمدن الفلسطينية، كما فتحت أبواب الهجرة اليهودية على مصراعيها ليتدفق الكثير من اليهود من مختلف أنحاء العالم.

مرحلة التسوية السياسية

وتبدأ من بعد عام (1967) وحتى مرحلة التسوية السياسية وتوقيع اتفاق أوسلو عام (1993)م.

تسارعت حركة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية، واستمرت أعمال تشيد المستوطنات وتوسيعها وصولاً إلى إقامة جدار الفصل العنصري، الذي سيطرت من خلاله إسرائيل على أكثر من ثلث مساحة الضفة الغربية.

واستكملت إسرائيل في هذه المرحلة سيطرتها على الأراضي الفلسطينية في هذه الفترة، بعد احتلالها للضفة الغربية بما فيها القدس وقطاع غزة.

مرحلة ما بعد اتفاقية أوسلو

ويطلق عليها مرحلة التخطيط وهي بداية مرحلة الاستيطان اليهودي في فلسطين، وتبنت الحكومات الإسرائيلية فيها سياسات استيطانية متجانسة، بهدف تغيير الوضع الديمغرافي وخلق وقائع جديدة والعمل على تثبيتها.

وكانت هذه الممارسات الاستيطانية في الفترة من بعد توقيع اتفاق التسوية عام 1993 وحتى 2005 تقريبًا "شرسة"، وتجاهلت الحكومة الإسرائيلية فيها اتفاقية أوسلو الداعية إلى عدم تغيير الوضع القائم، فتصاعد النشاط الاستيطاني الإسرئيلي بوتيرة عالية.

تجسدت هذه المرحلة في مزيد من البناء والتوسع الاستيطاني ومصادرة الأراضي؛ بغية تقوية التواجد الاستيطاني في محيط القدس ومناطق ما يسمى بالكتل الاستيطانية التي أعلن صراحة بوجوب ضمها إلى إسرائيل.

واستمرت الحكومات الإسرائيلية العمالية والليكودية في سياسة توسيع الاستيطان وفتح الشوارع الالتفافية وإصدار الأوامر العسكرية القاضية بوضع اليد على الأراضي الفلسطينية.

مرحلة التهويد

وتبدأ من عام 2005 والت بدات بموجب خطة فك الارتباط الأحادية من جانب اسرائيل. فقامت إسرائيل بتفكيك 21 مستوطنة في قطاع غزة، و4 مستوطنات في الضفة الغربية في عام 2005.

واستمر التوسع الاستيطاني في هذه الفترة التي تستمر حتى الآن مناطق محددة أكثر من مناطق أخرى، وذلك بغية تنفيذ الرؤية الإسرائيلية للمرحلة النهائية للحدود والمستوطنات.

واستنادا إلى تقارير حركة السلام فقد تزايد عدد المستوطنين إلى 145 ألف وتم بناء 10 آلاف وحدة سكنية، وأقيمت أربعة آلاف وحدة سكنية جديدة.

وفي عام 2016، وصل عدد المستزطنين في الضفة الغربية إلى 407 ألف مستوطن، و375 ألفا في القدس الشرقية.

وكان مجلس الأمن الدولي، قد تبنى في 23 كانون أول/ ديسمبر 2016، مشروع قرار بوقف الاستيطان وإدانته، بتأييد 14 دولة (من أصل 15 دولة هم أعضاء مجلس الأمن)، بينما امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت دون أن تستخدم حق النقض "الفيتو".