أنوار نصر - النجاح الإخباري - ما أن تقف على تلة من تلال سهل مرج بن عامر حتى يجذبك سحر المكان وروعة المنظر، تتطاير نسمات هوائه الدافئة من حولك تداعب شقائق النعمان و الأقحوان، هكذا يبدو السهل في فصل الربيع من كل عام أخضر يانع  يتباهى بجماله، ولكن ما أن تبدأ الأمطار بالانحسار في  منتصف الفصل حتى يبدأ العد التنازلي للكسوة الخضراء واستبدالها بالصفراء،  فيصبح مع مرور الوقت قاحلاُ لا مكان لزراعة شيء فيه وعدم توفر البديل عن مياه الأمطار أصبح يشكل خطراً على موسم الزراعة في المنطقة حتى نهاية العام المنصرم.

ولعل مشروع معالجه المياه العادمة الذي انطلقت به مؤسسة انيرا بالشراكة مع مؤسسة سهل مرج بن عامر ووزارة الزراعة الفلسطينية وبالتعاون مع  بلدية جنين وسلطة جودة البيئة تم تنفيذ مشروع إعادة تدوير المياه العادمة لري المزروعات في فصل الصيف من خلال تمديد شبكة توزيع لمياه الري بطول 20كم تربطه محطة المعالجة شمال غرب مدينة جنين بالأراضي الزراعية في مرج بن عامر.

مزارع الحمضيات سلاح شالمين، من مدينه جنين 42عاماً، يروي قصته مع الزراعة في سهل مرج بن عامر:" كانت مدينة جنين من أكثر المدن الفلسطينية التي تتوفر فيها الحمضيات، ولكن مع انحسار المياه بعد فصل الربيع تراجعت زراعة هذه الأشجار، لأنها تحتاج إلى المياه طوال العام، عدا عن عدم قدرة المزارع وحده على توفير المياه المُحلية لري المزروعات، أما مع توفر المياه بعد القيام بإعادة تدويرها وإيصالها إلينا باستخدام الخراطيم الخاصة بالري أصبحنا قادرين على الإنتاج طيلة أيام السنة، وانخفضت تكلفة المياه من ثلاثة شواقل إلى سبعة "اجورات" للكوب الواحد".

في حين يعمل المزارع صلاح  صوافتة منذ زمن طويل على زراعة السهل بالقش الأبيض والبرسيم الحجازي المميز والذي وصل حديثا إلى الأراضي الفلسطينية مبيناً " قيام هذا المشروع ساعدني على زراعة هذا النوع من البرسيم المعروف بجدواه الاقتصادية في الدول المجاورة كالأردن، والذي يقدم للحيوانات مجففا كوجبة أساسية مما يزيد إنتاجها للحليب واللحوم، فزراعة البرسيم ازداد بعد قيام مؤسسة انيرا بإيصال المياه إلينا وبالتالي  أدت إلى ارتفاع  الإنتاجية طيلة أيام السنة دون الاقتصار على أمطار الشتاء فقط.

وما بين النجاح والإصرار في تحقيق المشروع انطلقت فكرة تنفيذ أول محطة معالجة للمياه العادمة، قبل أربعة سنوات، يوضح مدير مؤسسة انيرا ناصر قادوس " منذ بدأ المشروع بتمديد شبكة توزيع المياه لري المزروعات من خلال إنشاء خزان ارضي بسعة 5.500مترا مكعبا ليتم الضخ منه بواسطة ثلاث مضخات عبر شبكات التوزيع".

ويضيف قادوس :" إذا كان عماد الزراعة هي الأرض والمياه، فإن مثل هذا المشروع يساعد في استغلال ما يقارب المليون متر مكعب من المياه ذات الجودة العالية لإنتاج محاصيل أساسية طيلة أيام السنة بعد أن كان معظم سهل مرج بن عامر يزرع شتاءاً فقط، ففي هذا المشروع لن تضيع المياه في الوادي كما في السابق، وتجري إلى حيث جمعها في محطة معالجة إسرائيلية والتي تكلف خزينة فلسطين دفع ثمن معالجتها مرتين" .

بدوره، يوضح مدير زراعة جنين احمد عبد الوهاب أن أهمية المياه للزراعة وخاصة بعد قيام الجانب الإسرائيلي بمصادرة جزء كبير من المياه السطحية والجوفية، و رغم أن محافظة جنين تشتهر بتوفر الأراضي الزراعية الخصبة، إلا أن نقص مياه الري أمام المزارعين شكل عائق كبير لديهم، ولكن بعد البدء بمشروع تنقية المياه الأول من نوعه على مستوى الوطن تحققت أرباح هائلة على المستوى الشخصي والمحافظة.

ويشير عبد الوهاب " تميز المشروع عن غيره بأنه الأول في محافظة جنين، فمنذ بداياته قبل عام والنصف، عمل على تنقية المياه العادمة غير صالحه للاستعمال البشري من الأوساخ والشوائب،  بعد ذالك يتم تحلية المياه حتى يتمكن المزارعين من استعمالها، وفي حال بقيت كما هي دون إعادة تدوير فأنها تشكل خطراً على الزراعة والمزارعين بشكل خاص وعلى البيئة بشكل عام".

ويؤكد عبد الوهاب على أن فعالية المشاريع زاد عدد المزارعين في المنطقة من 15 مزارعاً إلى 45 مزارعاً، بالرغم من وجود بعض المشاكل كونه أول مشروع في الوطن إلا انه سيتم زيادة المساحات المستخدمة من خلال زيادة منسوب المياه، حيث تم استخدام نمطين لزراعة كان بدايتها زراعة المحاصيل العلف للثروة الحيوانية، حيث خرجت النتائج مبشره للاقتصاد الوطني وتغطية احتياجات الحيوانات طيلة أيام السنة، أما النمط  الاخر فكان للبساتين وزراعة الأشجار نصيب فيها مثل الافوجادو والمانجا والنخيل والجوز الامريكي وغيرها.