النجاح الإخباري - إن كنت زائرا لفلسطين وتنوي التوجه إلى بعض المدن، فعليك أن تعرف تاريخ المنطقة وجغرافيتها، وتتقن بعض العبرية حتى تصلك وجهتك بسهولة، فنابلس مثلاً على اللافتات في الشوارع الرئيسية أسمها "شخيم"، والقدس "أورشيلم" وهو ما ينطبق على الكثير من البلدات والمواقع الفلسطينية.

"هي حرب وجود" يقول وليد عساف، رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان لـ"النجاح الإخباري"، ويشرح "تعمل إسرائيل على طمس الوجود الفلسطيني وتشويه الحقائق وتزويرها، فهي لا تكتفي بسرقة الأرض ومصادرتها، وعملية قتلنا وتشريدنا، وتدمير الشجر والحجر، بل تعمل على إلغاء وجودنا وتغيبنا تماماً".

ويلاحظ على الشوارع الرئيسية الرابطة بين المدن الفلسطينية أن أسماء المدن والبلدات يتم التلاعب بها وتحويله إلى أسماء عبرية، بل أن بعض المستوطنين يقومون عمداً بشطب الأسماء عن اللافتات العربية مستعينين بأدوات حادة أو ألوان".

كما أن المتجول على الخط السريع الرابط بين مدينتي رام الله والخليل يكتشف أن الكثير من اللافتات تم العبث بها، وشطبت عنها بعض أسماء البلدات والقرى الفلسطينية، وبالتالي يصبح صعباً على الزائر  التعرف على طبيعة المنطقة بالشكل المطلوب. وحين تسير على الشارع الرئيس المعروف باسم "شارع الستين" لا يوجد أي لافتة بالعربية، وعندما تصل لنهاية الشارع تصادفك لوحات وإشارات ضوئية استفزازية ولافتة كتب عليها "كريات أربع" وهو اسم مستوطنة إسرائيلية، بينما تم تغيب اسم محافظة الخليل التي يسكنها نحو نصف مليون فلسطيني. 

يقول الكاتب النرويجي تور فولاند الذي زار الضفة الغربية من أجل تأليف كتاب عن الاعتداءات على الصحافة: "يشعر الإنسان خلال التنقل في الضفة أن هنالك ما هو مفقود، فأسماء المستوطنات والمناطق الإسرائيلية بارزة على اللافتات بشكل كبير، بينما تفتقر معظم البلدات والقرى الفلسطينية الواقعة على الطرق الرئيسية لأي لوحات تعريفية، بالتالي لا تتمكن من معرفة أسماء هذه المناطق على الأقل".

ويؤكد الدكتور بلال الشوبكي، رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل أن تغييب الأسماء العربية لا يقتصر على الشوارع في الضفة، بل أنها مسألة قديمة. وتابع: "فإسرائيل عندما احتلت الأرض الفلسطينية منذ عام 1948 قامت باستبدال ألاف الأسماء العربية بأخرى عبرية تم استخراج غالبيتها من كتب توراتية قديمة لا علاقة لها بهذه الأماكن، فتل أبيب مثلاً أسمها في الأصل "تل الربيع"، وايلات كانت تعرف قديما باسم "أم الرشراش، ونتانيا اسمها الأصلي "أم خالد"، وحتى الجبال والوديان غيروا أسمائها، فجبل أبو غنيم في القدس بات اسمه الآن "هار هحوما"، وجبل المكبر يطلقون عليه "نوف تسيون"، وجبل الطور يسمونه متسبور نسوريم، وهناك الآلاف من النماذج على محاولات الدولة العبرية طمس الوجود العربي والفلسطيني من هذه المنطقة".

ويرجع مسؤول في وزارة الأشغال العامة والإسكان في رام الله سبب تقصير السلطة الفلسطينية في وضع اللافتات إلى عدة أسباب، ومنها عدم وجود موارد مالية لهكذا مشاريع تحتاج إلى العناية والصيانة بشكل مستمر، كذلك وجود تضارب في الصلاحيات بين المؤسسات والوزارات المختصة، بالإضافة إلى الحاجة إلى موافقة الاحتلال على وضع هذه اللافتات خاصة أن معظم البلدات والقرى الواقعة على الشوارع الرئيسية تقع في مناطق سي الخاضعة للسيطرة الأمنية الإسرائيلية.

وبينما تخضع اللافتات الإسرائيلية إلى صيانة دورية، تبقى اللوحات على مداخل المناطق الفلسطينية على قلتها بلا عناية، وبعضها مشوه والأسماء عليها بات من الصعب قراءتها. 

وتتعد طبيعة اللافتات الإرشادية على الشوارع والطرقات الرئيسية في الضفة الغربية، فهناك لوحات خضراء تكتب عليها أسماء المناطق باللغات الثلاث الإنجليزية والعبرية والعربية، ويقوم مستوطنون متطرفون بإزالة الكتابة العربية عن العديد منها، وتحمل اللافتات نفسها أرقاماً تبين بعد المنطقة بالكيلو مترات، وهناك لافتات بيضاء توضع غالباً عند المفترقات لتبين الاتجاهات، أمام اللوحات البنية فهي تدل على المناطق السياحية، أمام اللافتات الحمراء فهي لتحذير الإسرائيليين من الدخول للمناطق والمدن الواقعة تحت السيطرة الأمنية الفلسطينية. كما يوجد لافتات صفراء لتحذير الإسرائيليين من الوقوف في مناطق قريبة من المناطق الفلسطينية من أجل تصليح مركباتهم.