نابلس - النجاح الإخباري - انضم رئيس حكومة الاحتلال السابق إيهود أولمرت  للأوساط الإسرائيلية التي تحذر رئيسها الحالي بنيامين نتنياهو من أن التصريحات حول الشؤون الأمنية المتعلقة بسوريا ستؤدي لردود فعل خطيرة. وقال أولمرت لإذاعة جيش الاحتلال أمس إن العمليات الإسرائيلية الدفاعية في سوريا هي عمليات شرعية، لكن التباهي المتعجرف بها يستدعي ردا من الجهات المستهدفة في سوريا.
ووجه أولمرت بذلك انتقادات شديدة لنتنياهو الذي يواصل الحديث الصريح عن الضربات الإسرائيلية في سوريا بخلاف سياسة الضبابية والغموض التي انتهجتها حكومة الاحتلال حتى اليوم. وتابع أولمرت «هذه التصريحات تلبي حاجة سياسية فقط وليس أي شيء آخر».
يشار الى أن أولمرت كان هو من اتخذ القرار بصفته رئيسا للحكومة عام 2007 بضرب المنشأة النووية في دير الزور شمال سوريا دون إن يعلن مسؤولية إسرائيل عنها.
في هذا السياق وفي تقرير جديد يوضح مركز الدراسات الفلسطيني للشؤون الإسرائيلية «مدار» أن جهات إسرائيلية تشكك بالإنجازات الأمنية في سوريا التي تعلن عنها إسرائيل. ويوضح التقرير أن آخر التطورات في الجبهة الشمالية تلقي شكوكاً على تفاخر القيادة الإسرائيلية بالإنجازات التي حققتها في الصراع ضد إيران في سوريا.
وضمن تعليل ذلك يقول «مدار» جيش الاحتلال الإسرائيلي نشر أمس خرائط وصوراً لمواقع في محيط العاصمة السورية دمشق قال إنها إيرانية، وأعلن أنه قصفها ليلة الإثنين الماضي. ويبدو في الخرائط استهداف عشرة مواقع في محيط دمشق، منها أربعة مواقع تابعة لـ»فيلق القدس» الإيراني، وستة مواقع تابعة للدفاع الجوي السوري، الذي أطلق عشرات المضادات من أجل اعتراض الصواريخ والطائرات الإسرائيلية. كما نشر الجيش الإسرائيلي صوراً من الأقمار الصناعيّة قال إنها تظهر «مواقع إيرانية تحوي مخازن لجمع الأسلحة".
وقال بيان الجيش :إن الغارات الليلية جاءت رداً على «إطلاق صاروخ أرض – أرض من قبل قوة إيرانية من داخل سوريا» استهدفت الأراضي الإسرائيلية. وأضاف أن من بين الأهداف :»موقعا لوجيستيا إيرانيا، وموقعا إيرانيا آخر في مطار دمشق الدولي».
وذكر الناطق بلسان جيش الاحتلال رونين منيليس أن إيرانيين هم من أطلقوا الصاروخ من منطقة دمشق صوب شمال هضبة الجولان. وأضاف أن الصاروخ إيراني الصنع وكان يستهدف مدنيين وعسكريين إسرائيليين. وأكد الناطق العسكري أن الجيش على أتم الاستعداد للتعامل مع أي سيناريو محتمل، وأنه سيواصل العمل للحفاظ على أمن سكان إسرائيل. وأوضح أنه في أعقاب تقييم للأوضاع تقرر إغلاق موقع التزلج في جبل الشيخ. ولفت إلى أنه لا توجد توجيهات خاصة يتعين على سكان الهضبة والمنطقة التقيد بها سوى الامتثال لتعليمات قيادة الجبهة الداخلية في حال تم إصدارها وفقاً لتطورات الأوضاع.
وجاء القصف الإسرائيلي بعد أقل من ساعتين على عودة رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، من تشاد. وقالت مصادر سياسية إسرائيلية إن نتنياهو أجرى قبل مغادرته تشاد مشاورات مع رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي الجديد، الجنرال أفيف كوخافي، بينما قالت مصادر إعلامية إن نتنياهو صادق على عمليات عسكرية في سوريا قبل مغادرته تلك. وأضافت أن التطورات في سوريا أدت إلى تقليص زيارته حوالي ساعة. وقال وزير شؤون الاستخبارات الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إن القصف الإسرائيلي في سوريا هو بمثابة رسالة إلى قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني وإلى الحرس الثوري الإيراني بأن من يطلق الصواريخ نحو جبل الشيخ سيدفع ثمناً باهظاً.
من ناحية أخرى أعلن مصدر عسكري روسي في سوريا أن أربعة جنود سوريين قتلوا جراء القصف الإسرائيلي. وأكد المصدر ذاته أن الدفاعات الجوية السورية تمكنت من اعتراض أكثر من 30 صاروخاً إسرائيلياً. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن عدد الجنود السوريين الذين قتلوا جراء القصف الاسرائيلي بلغ 11 جندياً.
وينوه تقرير «مدار» أن هذا هو الهجوم الأول الذي يعلن عنه الجيش الإسرائيلي في عهد رئيس هيئة الأركان العامة الجديد كوخافي، ويعتبر استمراراً لنهج التخلي عن الغموض الذي كان يعتري اعتداءات سابقة شنتها إسرائيل على الأراضي السورية. وقالت تحليلات لمعلقين أمنيين إسرائيليين إن معظم الدلائل تشير إلى أن المعركة الجوية في سوريا ستستمر، بقوة متفاوتة، في الأسابيع والأشهر المقبلة. وأشارت إلى أن القادرين على كبح ذلك هم الروس، إذا نجحوا في فرض تفاهمات يلتزم بها جميع الأطراف.
ويتبنى «مدار»  رؤية المحلل العسكري لصحيفة «هآرتس» عاموس هرئيل الذي يرى أن هذه التطورات الأخيرة تلقي شكوكاً على تفاخر القيادة الإسرائيلية بالإنجازات التي حققتها في الصراع ضد إيران في سوريا.
وأضاف: صحيح أن الجيش سجل إنجازات لا بأس بها في جهوده لكبح التمركز العسكري الإيراني في سوريا وتهريب السلاح عن طريق سوريا من إيران إلى حزب الله في لبنان، لكن هذه القصة ما زالت بعيدة عن نهايتها، بخلاف الانطباع الخطأ الذي يمكن أن ينشأ نتيجة مجموعة الكتابات التي ظهرت في وسائل الإعلام والتصريحات في الأسابيع الأخيرة.
ويبدو أن الجنرال الإيراني المخضرم سليماني، الذي قاتل إسرائيل عشرات السنوات، لم يتخل عن جهوده. وبرأي هرئيل يدور الصراع حالياً على قواعد اللعبة في الساحة الشمالية، مع استقرار سيطرة نظام الأسد على سوريا، حيث تريد إيران الاستمرار في تهريب السلاح، بالإضافة إلى إقامة قواعد ونشر منظومات قتالية في سوريا وإسرائيل تريد منع ذلك.
وقال هرئيل إن من المحتمل أن التصريحات الإسرائيلية الأخيرة سرّعت إلى حد ما العملية. ونوه «مدار» أن هذا بدأ مع حديث رئيس هيئة الأركان المنتهية ولايته غادي أيزنكوت عن آلاف الأهداف التي هاجمها سلاح الجو في السنوات الأخيرة، وتواصل مع قرار رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو تحمُّل المسؤولية علناً عن الهجوم الذي وقع في منطقة دمشق قبل عشرة أيام. والمستويات المهنية العليا لم تكن شريكة في قرار خرق سياسة الغموض ولم تكن متحمسة لها.
يشار إلى أن المحلل العسكري ذاته قد أشار إلى أن الهجوم الإسرائيلي كشف مجدداً كذب الوعود التي نشرتها موسكو فقط قبل نصف عام. فحينها، في أثناء إعادة احتلال قوات الأسد للجولان، وعدت روسيا إسرائيل في مقابل عدم تدخلها لمصلحة المتمردين بإبعاد القوات الإيرانية إلى مسافة كبيرة عن الحدود (ونُشرت أرقام متعددة من 60 إلى 70 وحتى 100 كيلومتر). وخلص تقرير «مدار» للقول «عملياً تبين لاحقاً أن الروس لم يشملوا منطقة العاصمة دمشق ضمن وعودهم، وأن الإيرانيين أيضاً في الجولان لا يتقيدون بالاتفاقات بدقة. وعند عودة نظام الأسد إلى جنوب سوريا، عرضت حكومة إسرائيل الاتفاق مع روسيا كإنجاز كبير، وحالياً لسبب ما هناك صمت بشأن هذا الموضوع «.