رام الله - النجاح الإخباري - يدين المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بشدة قرار النيابة العسكرية الإسرائيلية بإغلاق ملف مقتل المواطن إبراهيم نايف أبو ثريا، وهو من ذوي الإعاقة، الذي قتل على الحدود الشرقية لقطاع غزة، بتاريخ 15 ديسمبر 2017، برصاص قناصة الاحتلال، دون إجراء أية ملاحقة قضائية.

وذكر مكتب الناطق باسم قوات الاحتلال أن الشرطة العسكرية حققت مع الجنود والقادة الذين شاهدوا الحادث وفحصوا مقاطع فيديو توثقها، لكنهم لم يعثروا على أدلة على مقتل أبو ثريا بنيران أطلقها الجيش الإسرائيلي عليه مباشرة.

ووفق تحقيقات المركز، فإن أبو ثريا، وهو مبتور الساقين ويسير على كرسي متحرك، أصيب بشكل مباشر في رأسه أثناء مشاركته في مسيرة سلمية، وكان يبعد حوالي 30 مترًا من الشريط الحدودي، في مكان مرئي تمامًا لجنود الاحتلال، ولم يكن يشكل أي خطر على الجنود، كما أن إصابته في جبينه تشير إلى أنه جرى قنصه بشكل مقصود من جنود الاحتلال، ودون وجود أي خطر على حياتهم في ظل التظاهرة التي تقوم على الهتافات والرشق بالحجارة وإشعال الإطارات، ما يؤكد أن الاحتلال استخدم قوة نارية مميتة وغير متناسبة ضد المدنيين العزل.

وتستخدم قوات الاحتلال القوة المفرطة بحق المدنيين الفلسطينيين المشاركين في المسيرات السلمية (مسيرات العودة وكسر الحصار)، المستمرة منذ 30 مارس 2018، على الحدود الشرقية لقطاع غزة، حيث قتلت (206) فلسطينياً، وأصابت نحو (12500) آخرين، في ظروف مشابهة لمقتل ابو ثريا.  وأكدت لجنة التحقيق الدولية التي شكلت بتاريخ 18 مايو 2018، للتحقيق في هذه الانتهاكات، على ما خلصت له منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية باستخدام قوات الاحتلال الإسرائيلي القوة المميتة باتجاه المتظاهرين في حالات لم ينشأ عنها أي خطر محدق على حياة جنود الاحتلال، ودون أن يشارك المتظاهرون في أعمال عدائية بشكل مباشر، وذلك خلافاً لقواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان.

وكان المركز قد تقدم بشكوى جنائية تتعلق بمقتل ابو ثريا، وقدم أدلة هامة إلى سلطات الاحتلال الإسرائيلي بهذا الشأن.  وطلبت النيابة الاسرائيلية الحصول على الرصاصة التي أدت لمقتل ابو ثريا، وحاول المركز جاهداً الحصول عليها من قبل الجهات المختصة في غزة، لكنها امتنعت عن تقديمها، وهو ما شكل ذريعة لسلطات الاحتلال للتنصل من التزاماتها واتخاذ هذا الأمر مبررا لإغلاق الملف.

يرى المركز بأن اغلاق ملف التحقيق في قضية ابو ثريا يشكل دليلاً على طريقة دولة الاحتلال في التعامل مع الضحايا الفلسطينيين، ويدلل على انتهاكاتها المنظمة لالتزاماتها القانونية الدولية، كما يشكل تنكراً للقانون الدولي، لم يكن ليستمر لولا الحصانة القانونية والسياسية الكاملة التي يمنحها المجتمع الدولي لإسرائيل.

ويرى المركز بأن هذه الحادثة، كحالة رمزية، تؤكد بشكل قاطع السجل الاسود للنظام القضائي الاسرائيلي في التعامل مع الضحايا الفلسطينيين، وهو ما تم توثيقه في آلاف الحالات الأخرى.  وفي هذا السياق، ما يزال آلاف الضحايا جراء ثلاث عمليات عسكرية حربية شنتها اسرائيل على قطاع غزة في غضون ست سنوات، ينتظرون العدالة والانصاف، في ضوء تنكر اسرائيل لحقوقهم.

وفي ظل الانكار الممنهج للعدالة أمام القضاء الإسرائيلي، الذي يوفر بشكل منظم الغطاء لانتهاكات واسعة النطاق للقانون الدولي في الأرض الفلسطينية المحتلة، تبرز الحاجة الملحة إلى اللجوء إلى آليات العدالة الجنائية الدولية، بما في ذلك من خلال المحكمة الجنائية الدولية، ومن خلال ممارسة مبدأ الولاية القضائية الدولية، رغم العقبات الجمة التي تواجه منظومة العدالة الدولية.