منال الزعبي - النجاح الإخباري - يلملم الشتاء برده وظلّه الثقيل فقد  انتهت أربعينية الشّتاء  التي استمرت من (21/12- 30/1).
 ولم يبقَ إلا الخمسينية  وسعودها تمتد من (31/1-21/3): لكن ما قصة سعد الذابح مع السعودات والعجوز مع المستقرضات؟
حسب معلومات موثقة فان فصل الشتاء يستمر (90) يوماً ويشمل أربعينية الشتاء ومدتها (40) يوماً وخمسينية الشتاء ومدتها (50) يوماً وتقسم الأربعينية حسب بعض الآراء إلى ثلاثة نجوم بأيام متساوية ويطلق على الأول الإكليل وتقول العرب في دخوله " إذا طلع الإكليل هاجت الفحول وشمرت الذيول وتجرفت السيول" والثاني القلب وفيه أطول ليلة وأقصر نهار في السنة وتقول العرب في دخوله `` إذا طلع القلب امتنع العذب وصار أهل البوادي في كرب ``والثالث ويطلق عليه اسم الشولة وهو آخر أيام المربعانية.
أما السعود فيروى عن سبب هذه التسمية أن جماعة قد خرجوا للغزو ومعهم شخص اسمه "سعد" فهبت عاصفة ماطرة شديدة البرد ولم ينج منهم إلا شخص واحد، ولما رجع لقومه سأله والد سعد عن سعد فأجاب لقد ذبح سعد ناقته واختبأ بداخلها لشدة البرد فابتسم الوالد لأنه تيقن أن سعداً قد نجا، ولما عاد سعد ورآه والده من بعيد قال "جاء سعد الذابح".

وفي رواية أخرى أنه قد حدث وفي أيام الدولة الأموية ولما عرف البريد بواسطة الخيل والإبل كان سعد هو الذي ينقل البريد في بلاد الشام، وفي أوائل شباط الخمسينية خرج سعد بالبريد من دمشق وكانت الأمطار والعواصف والبرد الشديد، فذبح ناقته واختبأ بداخلها فسمي سعد الذابح.

وفي الفترة الثانية التي تلتها والتي يسمونها سعد بلع أي أن سعداً كان يبلع أي يأكل من لحم الناقة التي ذبحها، ولهذا فهم يعتقدون أن الأرض في سعد بلع تبلع كل المطر الساقط فلا يظهر بركاً على سطح الأرض.

يأتي بعده سعد السعود، لأن سعد نجا فسعد حيث يبدأ الدفء والحرارة ولهذا يقولون في سعد السعود بدور الدم في العود أي تحرك الدم في شرايين سعد بعد أن كان مُتجمداً من البرد؛ والمثل صحيح حيث إنه في أواخر شباط تنتهي فترة سبات النبات فيبدأ امتصاص الغذاء من التربة، حيث تكون قبل ذلك العصارة ساكنة وتتم تغذية النبات من المواد المخزونة.

وبعد سعد السعود يأتي سعد الخبايا إذ تخرج جميع الحيوانات المختبئة من البرد كالأفاعي وغيرها، وفيه أيضاً خرج سعد من مخبئه فسمي سعد الخبايا.

وتقسم السعود الأربعة حسب فترتها على هذا النحو:

سعد ذابح: من( 1-13 شباط) وهي فترة تتسم بالبرد الشديد  كما يقول المثل "سعد ذابح ما بخلي كلب نابح".

سعد بلع: من  ( 13-25 شباط) فتبدأ الأرض بابتلاع ما يسقط عليها من أمطار بسبب ارتفاع درجات الحرارة.

سعد السعود: ( 25 شباط إلى 9 آذار) يزيد الدفء وتدب الحياة في الكائنات. 
سعد الخبايا: (9/3- 21/3) تبدأ الحيوانات بالحركة بعد سباتها مثل الأفاعي وغيرها يقول المثل: في سعد الخبايا بتطلع الخبايا).
المستقرضات:
وخلال فترة سعد السعود( 25 شباط إلى 9 آذار)  تأتي المستقرضات ومدتها سبعة أيام: ثلاثة من أواخر شباط وأربعة أيام من أوائل آذار، وتمتاز في أغلب الأحيان بالمطر الشديد والفيضانات وهبوب الرياح الشديدة والبرد القارس. وهي الأيام التي سماها العرب بأيام العجوز فقالوا: "بالمستقرضات عند جارك لا تبات" دليل شدة البرد والمطر الغزير.

 تقول الرواية: أنّ شهر آذار كان توّاقا للقدوم بالدفء بعد أن ملّ الناس من برودة وتقلبات شباط ، فخاطب شهر شباط قائلا ( شباط يا إبن عمي ثلاثة منّك وأربعة منّي بنخلّي دولاب العجوز يغنّي ، المقصود دولاب المغزل ، وهكذا كان ، فبدأ الطقس بالتحول إلى الدفء وقامت العجوز بالخروج من البيت وجلست في الحاكورة، تحت الشمسات، وبدأت بغزل الصوف مستمتعة بأشعة الشمس الدافئة والجو المعتدل، وقالت شامتة ( راح شباط وحشينا بقفاه المخباط) فسمعها شباط ، فغضب لهذه الإهانة واستنجد بإبن عمه آذار قائلا:( آذار يا إبن عمي ، أربعة منّك وثلاثة منّي ، بنخلّي الصبيّة تحرق قبقابها ، والعجوز تشعل دولابها ، وتنضّب ورا بابها ) فاستجاب له آذار ، وكانت أيام سبعة شديدة المطر والبرد، مما اضطر العجوز أن تحرق كل مالديها من حطب لتتدفأ عليه.
العجائز

قيل في  سبب تسميتها بأيام العجائز أن امرأة عجوز من العرب كان عندها حاسة الاستشعار عن بعد كما يقولون اليوم حيث أخبرت قومها أن برداً سيقع آخر الشتاء وسيتلف الزرع والضرع فلم يصدقوها لكن حدث في آخر الشتاء ما كانت قد نبأتهم به فسموها أيام العجائز .

وقالوا: إن عجوزاً لها سبعة بنين سألت العرب أن يزوجوها فقالوا:
نزوج على أن تعرض جسدها للهواء سبع ليال ففعلت فماتت سابع يوم فسموها أيام العجائز.
وبعد هذه الرحلة الباردة وحكاياتها السائدة يُفضي إلى الدفء ويقسمون أيّامه بسقوط الجمرات الثلاث:
⚪ الأولى في ٢/٢٠، وهي جمرة الهواء؛ فيشعر الناس بدفء الهواء.
⚪ الثانية في ٢/٢٧، وهي جمرة الماء؛ فيشعر الناس بدفء الماء.

⚪ الثالثة في ٣/٦، وهي جمرة الأرض؛ فيشعر الناس بدفء الارض.
هكذا كان العرب يستدلون على أحوال طقسهم وحياتهم من لون السماء إلى رائحة التراب في تناغم مع الأرض ليظلَّ عشقها حالة لا تنتهي.