النجاح الإخباري -  انتشر مقطع فيديو لمتطوع في إحدى مستشفيات غزة التي تستقبل يوميًّا آلاف الجرحى في ظل القصف الإسرائيلي المستمر على أحياء القطاع منذ السابع من أكتوبر الماضي، وظهر المتطوع رفقة طفل صغير في حالة انهيار يبكي بحرقة، وروى المتطوع الشاهد على مآسي الجرحى والمصابين وقصصهم تفاصيل ما حدث: 

"لم أكن أعلم أن أحدهم يصوّر المشهد ... وتفاجأت بانتشار الفيديو بشكل كبير فوجب عليَّ أن أحكي لكم قصته:

لقد تطوعت للعمل بالمستشفى في قسم الاستقبال والطوارئ وكنت أقوم بأخذ المصابين بعد الكشف عليهم من الأطباء واذهب بهم كل حسب حالته إلى الأشعة مثلًا أو تصوير سي تي، أو تصوير التلفزيون وأعود بهم إلى الأطباء ثم أوزعهم على الأقسام حسب أوامر الأطباء، إلى قسم العظام أو الأطفال أو الجراحة أو الباطنة ..

في تلك الليلة ازادت أعداد الشهداء والجرحى جراء القصف الإسرائيلي الكثيف على الكثير من المناطق المكتظة بالسكان، واستشهدت عائلات بأكملها، وصرت أركض بشكل هستيري لأنقاذ أكبر عدد من المصابين.

أعطاني الدكتور تذكرة لمصاب يدعى عمر الجاروشة عمره تقريبًا 13 عامًا في حالة خطيرة، وقال لي إذهب به إلى غرفة العمليات هذا "ايرجنت " أي مستعجل، فقمت على الفور بالذهاب به إلى العمليات وأدخلته للأطباء.

كان على باب العمليات طفل اسمه ابراهيم الجاروشة، أمسكني عند باب العمليات من يدي وقال لي "أمانة تخليه يعيش"، فبعدما أدخلت عمر خرجت لإبراهيم، وأخذته من يده، وقلت له تعال نتحدث في الخارج، وجلسنا قرب حديقة المستشفى، وكان ابراهيم مصابًا في قدمه ... قلت لإبراهيم هل تعرف عمر ؟

قال إنه ابن عمي، لقد استشهد أهلي وأهله جميعًا، وبقيت أنا وعمر أحياء، هو من تبقى لي في هذه الدنيا فجلست أواسيه وأطبطب على ظهره، ودعونا الله أن يخرج عمر من مرحلة الخطر ...

كانت هناك أسئلة كثيرة من ابراهيم تدل على براءته، ولم أستطع إلا أن أقول له: إن الله قادر على فعل كل شيء..

ساعة أو ساعتين جلسنا في الخارج، بعدها ينادي علي التمريض الذي في العمليات ... اذهب إليه وأدخل غرفة العمليات فإذا هو عمر مكفن ومكتوب اسمه على الكفن وقالو لي " الله يرحمه على الثلاجة".

اخرجت عمر مكفنًا على السرير من باب العمليات فإذا بي اتفاجأ بابراهيم يقف على الباب يلف وجهه ليقرأ الاسم وينهار بالبكاء، وانهرت معه، لم استطع تمالك نفسي، وكانت تلك الليلة من أقسى أيام عمري.

أول شيء سأفعله إذا انتهت الحرب، وبقيت حيا هو البحث عن ابراهيم الجاروشة، وإذا استشهدت أطلب منكم أن تبحثوا عنه، وهو أمانة في عنق كل من يعرفني، إذا كان ابراهيم ما زال حيًّا..

أخوكم طارق جبريل/ متطوع في المستشفى