هاني حبيب - النجاح الإخباري - "لن نتسلم أموال المقاصة منقوصة قرشاً واحداً، وأي مبلغ يتوفر لدينا سيكون مخصصاً لعائلات الشهداء والجرحى" كان هذا رد الرئيس محمود عباس على القرار الإسرائيلي بإقتطاع جزئي يصل إلى قرابة 138 مليون دولار من عائدات الضرائب للسلطة الفلسطينية التي تشكل حوالي 80% من رواتب موظفيها.

القرار الإسرائيلي سبق وأن اتخذ في تموز / يوليو الماضي، ومنذ ذلك الوقت لم يسعى المستوى السياسي لاتخاذ خطوات لتطبيقه، إلاّ أن الحملة الشعواء التي شنتها مختلف أطراف اليمين الإسرائيلي، خاصة نفتالي بينيت وأفيغدور ليبرمان على نتنياهو في سياق الحملة الانتخابية دعت هذا الأخير للعودة إلى القرار المذكور والحصول على موافقة "الكابينت" الذي شهد خلافات حادة قبل تلك المصادقة من قبل رئيس الشابات نداف أرغمان الذي تردد في طرح المعطيات المطلوبة لتأمين الموافقة على القرار، كما أن قادة الأجهزة الأمنية الأخرى تحفظت عليه وطالبت بتأخيره إلى حين نضوج مسوغات أكثر أهمية من وجهة نظرهم خاصة وأنهم أشاروا إلى تناقض في الموقف الإسرائيلي الذي يقرر الاقتطاع من المقاصة من أموال السلطة وفي نفس الوقت تتم المصادقة على تحويل الملايين من الدولارات القطرية لحركة حماس، وإن إسرائيل بهذا القرار تسرّع في زيادة خطورة الوضع خاصة في قطاع غزة، خلافاً لأهدافها في عدم التصعيد.

من الواضح أن هذا القرار رغم المصادقة عليه يحظى بموافقة العديد من الأطراف المؤثرة على القرار الإسرائيلي خاصة وأنه يتزامن مع الحملة الانتخابية وإمكانية استثماره في سياقها إلا أن موقف الاتحاد الأوروبي كان الأكثر أهمية على هذا الصعيد عندما رفض في تصريح بإسم المتحدث بإسمه القرار الإسرائيلي جملة وتفصيلاّ التزاماً بالاتفاقات الموقعة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي مؤكداً الدعم الأوروبي للسلطة الفلسطينية واستمرار التزامه بما يقدمه لميزانيتها، ولعل أهم ما جاء في موقف الاتحاد الأوروبي التذكير بتدخله في قضية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" وزيادة دعمه للوكالة بأكثر من 70% عندما أوقفت الإدارة الأمريكية دعمها لها.

في مواجهة هذا القرار، إضافة إلى جملة الخطوات اللازمة للتعامل الداخلي معه هذا القرار، يتوجب مطالبة المجتمع الدولي بالتدخل العاجل والجاد من أجل إلزام دولة الاحتلال لإلغاء هذا القرار الذي من شأنه تزايد خطورة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية وهذا يتطلب التحرك السريع من قبل الدبلوماسية الفلسطينية على الساحة الدولية، دولاّ ومؤسسات ومنظمات حقوقية.

وحتى في حال قيام دولة الاحتلال بتأجيل تنفيذ القرار كما توحي بعض الإشارات فإن الحراك الفلسطيني على المستوى الدولي لا يجب أن يتوقف إلاّ بعد إلغاء هذا القرار بشكلٍ نهائي وانطلاقاً من العمل الجدي الهادف إلى إلغاء بروتوكول باريس الملحق باتفاقيات أوسلو.