وكالات - النجاح الإخباري - تمّ قبل أيام إغلاق أحد المخابز في إحدى المدن الفلسطينية، وذلك بسبب عدم النظافة وعدم الالتزام بشروط السلامة والصحة، وانتشار الآفات والقوارض داخل المخبز، وربما أن هذا المخبز ليس الوحيد من المخابز أو من محلات أو مصانع إنتاج الغذاء، الذي لا تتوفر فيه شروط السلامة والصحة، من أجل إيصال المنتج الغذائي أو غيره من المنتجات إلى المستهلك بشكل آمن ومع الفائدة المرجوة من الاستهلاك.
وقبل فترة كذلك تمّت مصادرة وإتلاف كميات من الخضار والفواكه غير الصالحة للاستهلاك البشري في أسواق الخضار، وهذه الأحداث تسلط الضوء وبقوة على أهمية سلامة الغذاء ونوعيته، وعلى أهمية موضوع الأمن الغذائي، وليس فقط على أهمية توفره.
ورغم الجهود التي تبذلها الجهات المعنية والمختصة في ملاحقة ظاهرة الأغذية أو الأدوية غير الصالحة، أو من يقوم بإنتاجها وإيصالها إلى المستهلك، إلا أن الكميات التي يتم ضبطها أو مصادرتها أو إتلافها لا تشكل إلا الجزء الصغير مما هو موجود في الواقع. وبالتالي فإن نسبة كبيرة من هذه المنتجات تصل إلى المستهلك الفلسطيني، وقد لا يؤدي استهلاكها إلى حدوث آثار صحية لحظية أو فورية، ولكن هذا لا يعني عدم وجود آثار بعيدة المدى قد تنعكس في صورة أمراض مزمنة أو أمراض عضالة قد تكون مميتة.
وحسب المنظمات الدولية المختصة، فإن الغذاء غير الآمن يشكل تهديداً لصحة الإنسان والاقتصاد، ويؤثر أكثر على الفئات الضعيفة والمهمشة، خاصة النساء والأطفال، والسكان المتضررين من النزاعات، والمهاجرين. ويموت ما يقدر بنحو 420 ألف شخص حول العالم كل عام بعد تناولهم أطعمة ملوثة، ويتحمل الأطفال دون سن الخامسة 40% من عبء الأمراض المنقولة بالغذاء، مع 125 ألف حالة وفاة في كل سنة.
ولا شك أن الوضع الخاص الذي نحيا فيه، من حيث عدم القدرة على مراقبة الحدود أي التحكم في ما يدخل إلينا، وفي ظل الوضع الاقتصادي الحالي، وفي ظل التشرذم الاجتماعي الحاصل، وفي ظل قلة الوعي أو قلة المعرفة بطبيعة المنتجات لدى المواطن، وفي ظل عدم وجود الإمكانيات البشرية والتقنية الكافية لدى الجهات المعنية، وبالطبع في ظل وجود أناس جشعين وعلى استعداد للتضحية بالمستهلك والمواطن من أجل الجمع السريع للمال، في ظل ذلك كله، فإن المستهلك الفلسطيني هو الذي يدفع الثمن.
وإذا كانت عمليات الضبط والمصادرة أو عمليات إغلاق المنشآت التي لا تلتزم بشروط الصحة، تتم وبالتحديد من خلال الضابطة الجمركية أو من خلال طواقم حماية المستهلك المنضوية تحت مظلة وزارة الاقتصاد، فلماذا لا يتم العمل على زيادة نجاعة هذه الجهات من حيث العدد والتدريب ومن حيث توفير الحماية والدعم؟ وإذا كانت هذه الجهات تنجح وفي ظل الوضع الحالي في السيطرة على أو في منع وصول نسبة قليلة من هذه البضائع الفاسدة إلى المستهلك، فمن المتوقع أن تتم زيادة طاقمها، أو زيادة إمكانياتها وتدريبها وإعدادها، لكي تكون قادرة على القيام بدور أكبر، هذا مع العلم أن هذه الطواقم تلقى الدعم الكبير من المجتمع.
ويلعب المستهلك، أو المواطن، وكما أظهرت حادثة إغلاق المخبز، دوراً مهماً في الحد من ظاهرة الأغذية والأدوية الفاسدة، وذلك من خلال الإبلاغ عن أي منتوجات مشتبه بها، أو منتجات لم يعتد عليها، سواء من حيث شرائها بأسعار منخفضة، أو منتجات منتهية الصلاحية، أو الشعور بأمر ما من حيث الطعم أو الرائحة أو الشكل، أو حتى طبيعة المغلف، أو إذا حدثت أي مضاعفات صحية بعد استهلاكها، ولذا يعتبر المستهلك الواعي اليقظ، بالإضافة إلى الأجهزة المختصة والمؤسسات الأهلية، وتنظيم وتوحيد جهود الجهات العاملة في هذا الصدد، الأداة العملية القادرة على الحد من ظاهرة أصبحت تؤرق المجتمع كله.  
ومع تصاعد القلق والإرباك عند الناس حول سلامة السلع التي تصل اليهم، وبالأخص السلع الأساسية كالخبز مثلاً، وفي ظل أوضاع مربكة كالأوضاع الحالية في بلادنا، ومن أجل طمأنة المواطن، وبالتالي عدم إثارة الناس، فالمطلوب من الجهات الرسمية، وغير الرسمية، المهتمة بسلامة الغذاء والدواء منع وصول المواد الفاسدة للناس، ووضع برنامج منظم ومتكامل من أجل سحب عينات عشوائية، سواء أكان من الخضار أو الفواكه، أو الدواء، أو حتى الخبز والكعك، وإجراء الفحوصات الروتينية لهذه العينات في مختبرات فلسطينية تم اعتمادها، والتأكد من خلال مختصين علميين لجاهزيتها، سواء طاقمها أو أجهزتها أو خبرتها، في القيام، بهذه الفحوصات. والأهم كذلك نشر نتائج الفحوصات من خلال الإعلام، لكي تصل إلى المستهلك الذي بات لا يعرف مدى سلامة السلع التي يستهلكها وبشكل يومي.