وكالات - صادق الشافعي - النجاح الإخباري - اقتحام بن غفير وزير "الأمن القومي" في حكومة دولة الاحتلال الجديدة للمسجد الأقصى ليس أكثر من فاتحة لنهج او مسار لا يعد إلا بالعدوان والاضطهاد والقهر والتوسع، وإلى فرض حقائق أمر واقع وقواعد علاقة وعمل بما يتعلق بالمسجد الأقصى، ليكون كل ذلك بداية ومقدمة تتسع لتلتقي مع نهج ومسار أمثاله من الوزراء اليمينيين المتطرفين – في حكومة نتنياهو، وليشكل مجتمعاً السياسة العامة لحكومتهم.
هذه الحكومة التي صادق عليها واعتمدها كنيست دولة الاحتلال تعلن عن الطبيعة السادية للتعامل مع الشعب الفلسطيني، وتطال بأذاها وتطرفها وفاشيتها كل مناحي حياة وحقوق كل الفلسطينيين أهل الوطن في وطنهم وفي ارضهم أيضاً.
وتصل هذه الحكومة في تطرفها وعدوانيتها الدعوة الى مراجعة لاتفاقات هدنة عُقدت منذ سنوات مثل إخلاء بعض المستوطنات في قطاع غزة وشمال الضفة، ومراجعة بنود أساسية فيها قادت في حينها إلى ما يعتبرونه الآن تنازلات يريدون التراجع عنها. كما تصل إلى التفكير الجاد بضم الضفة الغربية وبسحب الجنسية عن كل فلسطيني مقيم في أراضي 1948 عند اتخاذه أي موقف ضد سياسات حكومتهم بالذات في قمعها لأهل الوطن، وأيضاً إلى سن قانون يسمح بتوقيع عقوبة الإعدام لكل من يقوم بأعمال مقاومة لاحتلالهم.
صحيح أن اقتحام بن غفير كان محدوداً في عدد المقتحمين معه ومحدوداً في مدته وشعائره، لكنه حرص ونجح في إعلان مطالبه الأساسية والدائمة لما يدعيه من حقوق له ولأتباعه في المسجد الأقصى، وهي التي ينوي إقرارها في برنامج عمل حكومته اليمينية المتطرفة.
وجاء الإعلان عن المطالب على لسان محاميه وباسمه وعلى شكل أحد عشر مطلباً تفصيلياً وكلها عدوانية، مدانة ومرفوضة كلياً من أصحاب الحق التاريخي بالمسجد الأقصى وممثليهم الدينيين والشرعيين. ومن هذه المطالب، السماح بدخول اليهود الى المسجد الأقصى في أي وقت ومن جميع الأبواب وبدون مرافقة الشرطة، وتحديد موقع لكنيس داخل المسجد الأقصى، وإعلان الحق المتساوي لجميع الأديان في الأقصى.....إلخ. وكلها تسعى لتحقيق ادعائهم بأحقيّتهم في إقامة شعائرهم في الأقصى وصولاً إلى إعادة بناء الهيكل المزعوم.
كما نجح في مد اقتحام أتباعه لإحدى المقابر التابعة لكنيسة مسيحية كمؤشر على شمولية أفكاره وتعدياته على الديانات السماوية غير اليهودية بشكل عام.
ما قام به بن غفير وأتباعه وما يعلن عن إصراره المضي بتكراره وتوسيعه ليس سوى مقدمة وإعلان عن طبيعة حكومة دولة الاحتلال الجديدة وبرنامجها العام الأكثر يمينية ورجعية وعدوانية تجاه الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال في ارض الوطن وفي كل أماكن تواجده. ويأتي هذا الاقتحام أيضاً كاختبار لردة الفعل الفلسطينية والعربية والدولية.
وهنا، يصبح من باب التكرار للدعوة القديمة الجديدة والملحة الى ضرورة ووجوب مبادرة الخروج من حال الانقسام الى حال التوحد، ويا حبذا لو جاءت المبادرة من القيادة الرسمية الفلسطينية - قيادة منظمة التحرير- وأن تكون على درجة عالية من الإيجابية والواقعية والمرونة. ولن يكون مقبولاً في مثل هذا الوضع أي تحجج من أي طرف تكون نتيجته الوحيدة استمرار الانقسام والفرقة.
إن توحيد الصف والبرنامج سيكفل نجاح التصدي الوطني الحاسم من كل أهل فلسطين في الوطن والشتات ومن كل قواهم ومؤسساتهم الوطنية والشعبية والمجتمعية وبكل إمكاناتهم الموحدة.
ويكون ذلك، مقدمة وضرورة لإمكانية ونجاح الدعوة الوطنية الفلسطينية الموحدة الى موقف عربي رسمي وشعبي لمواجهة دولة الاحتلال بشكل عام، ولحكومتها الجديدة وسياساتها وتوجهاتها اليمينية والعدوانية المتطرفة، وبكل أشكال النضال المطلوبة وعلى جميع المستويات وفي كل الدول والمحافل والمؤسسات الدولية.
ان الموقف الدولي تجاه حكومة دولة الاحتلال وتطرفها المفرط كما هو معلن ومعروف وكما ورد في برنامجها ما زال معقولاً. وكما يبدو من خلال مواقف وإعلانات واجتماعات هيئات ومؤسسات دولية ودول كثيرة، ومن خلال مواقف وتصريحات كثيرة معلنة. وهو يبدو في وضع ورؤية أقرب ما يكون الى مواقفنا ورؤانا ومظلوميتنا.
إن إقرار مجلس الأمن الدولي في اجتماعه قبل يومين بضرورة الحفاظ على الوضع القائم بما يخص الأقصى والمقدسات مؤشر إيجابي يمكن البناء عليه.
وهذا بشكل عام يفتح الباب ويرمي بالمسؤولية على أكتافنا للعمل على تطويره إلى آفاق أعلى ومواقف أوضح. ويبقى شرط النجاح في ذلك أن يتحقق لنا وحدة الرؤية ووحدة الموقف ووحدة الأداة. وهو شرط مرتبط أولاً وقبل أي شيء بإرادتنا الوطنية.