وكالات - رامي مهداوي - النجاح الإخباري - عدت لها بعد غياب أربع سنوات، مشاعر وأفكار متضاربة كموجها الذي يضرب شواطئَها موجة خلفها موجة، هي كبحرها مدٌّ وجزرٌ في جميع المجالات من أجل الحفاظ على صيرورة النهوض من الركام والرماد، ما رصدتُه من خلال المشاهدات المختلفة مكنني من الاستماع الى دقات قلبها على الرغم من وجودها في غرفة الإنعاش، نعم هي تنبض بالحياة، والمشاهدون أموات!!
على الرغم من الظروف المتعلقة بالاحتلال والانقسام الداخلي، وتبعات ذلك التي أدت إلى تدهور ظروف الحياة المعيشية والإنسانية وقادت إلى تحدّيات في جميع المجالات الاقتصادية، الاجتماعية، السياسية، الثقافية، السياحية، الأمنية، الفكرية، وحتى الدينية والرياضية، إلاّ أن قلبها ما زال نابضاً.
وما تسعى له قوى داخلية وإقليمية؛ ذات أجندات متعارضة تلعب أدواراً سواء على صعيد العلاقة بين الفصائل الفلسطينية وسلطات الاحتلال، أو على صعيد التعاطي مع الانقسام الداخلي في محاولة لاغتيال هويتها الوطنية الفلسطينية بأن تكون تابعاً وملحقاً لمعسكر ديني أو محور ما، لكن ذلك مستحيل أن يتحقق لسبب بسيط جداً؛ وهو أن كل أبنائها ينبضون بهويتهم الفلسطينية التي أرهقتهم في كل تفاصيل حياتهم.
في كل منطقة وحي وشارع ومخيم دخلته وجدتُ الجميع كخلية نحل، كلٌ له دوره الوظيفي في الإطار العام والخاص، تجد بائع الفواكه الصيفية بحنطوره يُزيّن المشهد، وسائق «التوك توك» المسرع الذي يسابق الزمن من أجل وصوله الى الهدف المراد، امرأة تمسك بيديها نصف «دزينة» من الأطفال مبتسمين لسبب ما، شرطي قوي البنية له لحية غير متناسقة يتحدث مع شاب جالس على دراجته النارية، مجموعة من العمّال يحاولون إصلاح قطعة من الشارع، أسفل الشجرة التي على الرصيف تتواجد طفلة متمددة بجانب طفل آخر تعلمه القراءة على الرغم من انتهاء العام الدراسي!! ما جعلني أختلس النظر بتركيز أكثر على الكتاب لأجد عنوان الصفحة: وطنٌ يسكن فينا.
سبب زيارتي لها مكنني من الاطلاع على عدد من المشاريع المختلفة التي نتابعها في العمل، لا أُخفي عليكم بأنني أخذت طاقة إيجابية منهم جميعاً ومن أفكارهم الريادية والانتماء والشعلة التي لا تنطفئ بداخلهم، فهم ينبضون حياةً، ما جعلني أحصل على أفكار ولغة حقائق ومعلومات على صعيد قطاع العمل والتشغيل وربطه بالتنمية المستدامة_ وهذا ما سأكتب به باستفاضة لاحقاً_ وتشبيكها في مفاهيم عملية والتفكير خارج الصندوق.
هل تتخيلون معي؟! على رغم كل المُعاناة التي تعلمونها من عدوان الاحتلال الدموي الدائم عليها وتدمير البنية التحتية لها، وانقسام خانق، وتحالفات إقليمية ضدها كلٌ حسب مصالحه حتى ولو تبرع برغيف الخبز، بالإضافة الى جائحة كورونا، وقلبها ينبض يا سادة، فهي لا تعرف الموت ولا تعرف الخضوع والانكسار، وستنقلب على كل من انقلب عليها وذبح أبناءها، وستمضي الى الأمام فوق رُكام من تناسَوها، اسمعوا قلبها ينبض بالحياة، لا تستعجلوا دفنها، اسمعوا صوت نبضها: غ ز ة ...غزة...غ ز ة .. غزة غزة غزة غزة ...