رامي مهداوي - النجاح الإخباري - بما أن الجميع، في الوقت الحالي، يتحدث عن غلاء الأسعار المتوقع، أقول: نحن بطبيعة الحال نعيش غلاء الأسعار في مدينة رام الله بطريقة لا يوجد لها مثيل على الصعيد العالمي، وربما نحن بحاجة إلى الاستعانة بكل من العلماء: ديفيد كارد، وجوشوا دي أنغريست، وغويدو إمبنز، الحاصلين على جائزة نوبل للعلوم الاقتصادية لعام 2021، ضمن منهجيتهم بالعلاقات السببية للإجابة عن معرفة سبب وجود هذا الغلاء هنا في رام الله!!
هل يعقل أن أدفع ثمن قهوة أميركية بكاسة كرتون 19 شيكلاً (ما يقارب 5 يوروهات 6 دولارات)، لم أجد هذا السعر في برشلونة ولا في روما ولا أيضاً في واشنطن!! مع الأخذ بعين الاعتبار أن حبوب أرابيكا، ذات الجودة الأعلى من بين حبوب القهوة، يتم تداولها بسعر قريب من دولار واحد للرطل في نيويورك!!

وهنا أستذكر ما اختتم به الصديق - "الزعيم" - الصيدلي زياد البرغوثي، إحدى منشوراته على "فيسبوك" الذي أبدع بوصفه إمارة موناكو: "وفنجان القهوة فيها أرخص من معظم مقاهي رام الله". المثير للدهشة أن أسعار فنجان القهوة تختلف من منطقة لأخرى، ومن بائع لآخر، كل على هواه، لتطال العديد من السلع والخدمات في شتى المجالات.

أعترف لكم بأنني بعد ثمن القهوة الذي دفعته تغيرت مفاهيم كثيرة لدي في طبيعة الشراء والاستهلاك اليومي في مدينة رام الله على كافة الأصعدة، بكل وضوح قمت بتغيير النمط الاستهلاكي وهذا ما على الجميع أن يفعلوه، فلا يعقل أن صحن الحمص أو الفول "الأكلات الشعبية" ثمنه يوازي سعر الدجاج!! لماذا سعر ساندويش الفلافل يواصل الارتفاع في رام الله؟!! لا يعقل أن كرتونة البيض يختلف سعرها في نفس اليوم وفي محلات تجارية مختلفة يتراوح من 10/12/15/18/20/22 شواكل!!

أنا هنا لا أتحدث عن موجة غلاء الأسعار عالمياً، ولا أتحدث عن مراقبتها وما تقوم به وزارة الاقتصاد الوطني من جهد واضح في ملاحقة المخالفين، كان آخره إحالة 301 من المتهمين في التلاعب بالأسعار للنيابة العامة، والمتابعة المستمرة من قبل الوزارة لأسعار السلع الغذائية في السوق الفلسطيني، وإطلاق خط الشكاوى 129 للتبليغ عن من يلعب باستقرار أسعار السلع الأساسية، لكن أتحدث بوضوح أنه يجب النظر إلى أسعار مدينة رام الله بشكل مختلف، وبحاجة إلى وضع حد لما يسمى السوق المفتوح.

"سلة السلع" التي يستهلكها أي مواطن في مدينة رام الله هي أضعاف ثمن "سلة السلع" التي يستهلكها أي مواطن في أي مدينة أخرى، ليس هذا فحسب، وإنما يجب أن نأخذ بعين الاعتبار الكمية، ولنوعية، وحتى الخدمة ذاتها، أخشى من أننا سندفع يوماً ما ثمن أكياس المشتريات البلاستيكية مبررين ذلك بمحاكاة الأسواق الأوروبية!! والحفاظ على البيئة، بالتالي يجب على المواطن في مدينة رام الله ألا يخزق طبقة الأوزون وإنما يخزق جيبه!!
يروى عن الخليفة عمر بن الخطاب أنه جاء إليه الناس، فقالوا: غلا اللحم فسعّره لنا، فقال: أرخصوه أنتم، فقالوا: نحن نشتكي غلاء سعر اللحم واللحم عند الجزارين، ونحن أصحاب حاجة فتقول: أرخصوه أنتم، وهل نملكه حتى نرخصه؟ وكيف نرخصه وهو ليس بأيدينا؟ فقال: اتركوه لهم.

في النهاية، أقول: إن المواطن في مدينة رام الله بشكل خاص، وكل المدن بشكل عام، هو الأساس في قدرته على محاربة غلاء الأسعار، لا تسكت عن حقك، وقم بالشكوى في حالة شعورك بالغش أو الغبن أو المبالغة في زيادة الأسعار.