عمر حلمي الغول - النجاح الإخباري - أثير خلال اليومين الماضيين لغط، وزج بأسماء واتهامات جزافا وقبل تبيان الحقيقة، وجرى نفي لها من جهات الاختصاص، خاصة من وزارة الصحة، التي كانت أعلنت أمس الأول بلسان الوزيرة مي الكيلة فسخ الاتفاق المبرم مع وزارة الصحة الإسرائيلية بالحصول على مليون طعم أو أكثر من لقاح فايزر، مقابل أن تحول الشركة المنتجة للقاح الكمية ذاتها لإسرائيل لاحقا. وهدف الاتفاق يعود لرغبة الوزارة والحكومة بتأمين مطاعيم لأبناء الشعب بأسرع وقت ممكن، وذلك لحمايته من انتشار الوباء، وتعزيز المناعة في أوساط الشعب لمواجهة أية سلالات جديدة من "كوفيد- 19". لكن وفق ما تضمنه المؤتمر الصحفي لوزيرة الصحة وبرفقتها الناطق باسم الحكومة، ابراهيم ملحم، فإن اللقاح الذي وصل، تبين بعد فحصه في المختبرات الوطنية، أن صلاحيته شارفت على الانتهاء، وقد يكون له مضاعفات سلبية بدل التخفيف من حدة انتشار الوباء. 
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إنما تدحرج مع اتساع انتشار الأخبار المزورة، وتوجيه أصابع اتهام لبعض القيادات، الأمر الذي تطلب نفي من الجهات المعنية ومن الوزارة. كما أن وزارة الصحة الإسرائيلية أصدرت بيانا، ادعت فيه، أن الاتفاق المبرم مع نظيرتها الفلسطينية "سليم"، والجهة الفلسطينية، التي وقعت الاتفاق "تعلم تاريخ انتهاء اللقاح"، وأكد البيان أن التاريخ يسمح بتطعيم المواطنين دون أضرار. لكن ما يزيد الأمر تشككا بصحة بيان الوزارة الإسرائيلية، أنه ذكر، أنها ستتلف اللقاحات المعادة من الوزارة الفلسطينية؟!
وهنا يبرز السؤال، إذا كانت وزارة الصحة الإسرائيلية تثق بما أصدرته، وأعلنته من أن اللقاح مازال صالحا، ولا يشوبه أي خلل فني أو زمني، لماذا ستعمل على إتلافه؟ ولماذا لا تستخدمه أو حتى تدوره وتبيعه لجهات دولية أخرى؟ ولماذا أصدرت بيانها، الذي غمزت من خلاله بمصداقية وزارة الصحة الفلسطينية أولا وبالجهة التي وقعت الاتفاق معها ثانيا؟ هل أرادت أن تدس السم في الدسم، وإثارة البلبة في الأوساط الفلسطينية، أم أنها ذكرت الحقيقة؟ وعلى الصعيد الفلسطيني، هل ستكتفي الوزارة بإعادة اللقاحات لوزارة الصحة الإسرائيلية، وتكتفي بما حصل، وكأن شيئا لم يكن؟ أم ستشكل لجنة تحقيق محايدة وموضوعية ونزيهة لمتابعة الملف؟ وهل ستفتح تحقيقا موضوعيا مع الجهة التي وقعت الاتفاق؟ وهل ستنشر تقريرا بنتائج التحقيق أم ستبقى النتائج سرية؟ ولماذا لم ترد على بيان وزارة الصحة الإسرائيلية، الذي يشكك في صحة وقائع المؤتمر الصحفي للوزيرة كيلة؟ وهل ستلجأ الوزارة لمنظمة الصحة العالمية ومؤسساتها ذات الصلة في حال حصلت تداعيات سلبية بين الوزارتين الفلسطينية والإسرائيلية؟ 
كثيرة ومتعددة الأسئلة التي يمكن إثارتها حول الموضوع، وإن كان جلها تضمنته الأسئلة المذكورة آنفا. بالمحصلة مطلوب من رئيس الحكومة ومعه وزيرة الصحة الشروع فورا بتشكيل لجنة تحقيق نزيهة وشجاعة من جهات الاختصاص لكشف كل الملابسات، وتقديمها للجماهير الفلسطينية، أولا للدفاع عن مصداقية الحكومة كلها ووزارة الصحة خصوصا؛ وثانيا لوضع الإصبع على الجرح، وتحديد الجهة، التي وقعت على الاتفاق، وتحديد مكمن الخلل، هل هو في الاتفاق، أم عند وزارة الصحة الإسرائيلية؛ ثالثا الرد العلمي وبالوثائق والتقارير على ادعاءات وزارة الصحة الإسرائيلية، ونشر المعطيات وتعميمها على وسائل الإعلام؛ رابعا إرسال الوثائق نفسها لمنظمة الصحة العالمية لملاحقة الوزارة الإسرائيلية، التي تتحمل مسؤولية الترويج للقاحات منتهية الصلاحية والتاريخ؛ خامسا ملاحقة الجهات التي نشرت أخبارا مزورة وغير دقيقة؛ سادسا متابعة الملف إعلاميا كلما استدعت الضرورة لوضع الجماهير في صورة التطورات، وطمأنتها على سلامة إجراءات الحكومة ووزارة الصحة نفسها. 
لا يجوز الصمت عن الملف، وكأن ما حصل ليس ذا شأن، العكس صحيح، حياة أبناء الشعب أحد أهم عوامل الصمود، وهو الحقل الأهم للاستثمار بالتكامل مع حقل التعليم والثقافة. لذا من الضروي إيلاء الملف الأهمية القصوى دون تراخٍ، أو تستر على أي كان، مع ملاحقة الوزارة الإسرائيلية لفضحها وتعريتها، وكشف زيف ما نشرته، إن كان بيانها كاذبا.
 

 

عن الحياة الجديدة