رامي مهداوي - النجاح الإخباري - سواء تمت الانتخابات_على خير_ أو تم تأجليها لوقت آخر والعلم عند الله؛ علينا ان ندرك بأن القضية الفلسطينية دخلت منعطفات جديدة على عدة أصعدة، أخطرها إعادة تشكُل ما تبقى لنا من أراضي بالضفة بنظام سياسي وإداري جديد مرتبط بما يُشكل الآن في قطاع غزة من «دُويلة» لها مُقومات واضحة المعالم، أعمى من لا يرى ذلك؛ بمُباركة الاحتلال الإسرائيلي الذي يمأسس لاحتضان هذا الهجين!

من زاوية أخرى، نجد أن مخاض القوائم الانتخابية التي بدأت تطفو على السطح، هو مخاض كاذب لأنه لا يوجد حمل من أساسه لأغلب القوائم بسبب حالة العقم التي تعاني منها بإنجاب شخصيات جديدة، ما أدى الى تكرار ذات الأسماء القديمة أو/و كما يشاع طرح أسماء استنساخ من أبناء وأقارب المسؤولين على شكل إعادة تدوير وتكريم!!

العقم البيولوجي ومع التطور العلمي قد وجد حلول ناجحة في علاجه، إلا أنه لم يشفع في علاج الحالة السياسية الفلسطينية، ما أدى الى وقوف المواطن الفلسطيني أمام بانوراما حياة سياسية عقيمة ونادرة وحالات مستعصية في مختلف مكونات ما تبقى من النظام السياسي؛ لتفرض واقعاً مؤلماً مُتكلساً مليئاً بالمتغيرات والصراعات نتج عنها تكدس وتراكم سياسي وأورام فكرية خبيثة، جعلت من الوضع الراهن انفرادياً وتباينياً في كل شيء وبمختلف المؤسسات المكونة لبقايا النظام السياسي بجميع الوانه وأطيافه ومذاهبه.

بنظرة سريعة لواقعنا الحالي لا يمكن استقراء الأيام القادمة وأحداثها، لكن أستطيع القول بأنها لن تكون رحلة سعيدة إذا ما استمر حالنا بين عقم واستنساخ، فالأمر أشبه ما يكون بمغامرة غير محسوبة وخصوصاً إذا ما تم تشكيل القائمة المشتركة مع حركة «حماس»، بالتالي لا يملك أي طرف رؤية للسياق السياسي إذا جرت الانتخابات في ظل التغيرات الإقليمية والعالمية وبالأخص العربية، مع الأخذ بعين الاعتبار أن المراهنة على الوقت أمر غير منطقي.

إن من يشاهد حالنا ووضعنا المتأزم يبصم بالعشرة بأن واقعنا مُستعصٍ إذا ما بقي الحال على ذاته. فقد تم وضعنا في حالة من السُبات الديمقراطي العميق بسبب الانقلاب «الحمساوي»، ما جعل الفصائل والأحزاب والمستقلين ومؤسسات المجتمع المدني تدور في متاهات أضاعت الشعب وجعلته رهن مفاجأة الانتخابات والديمقراطية المُسيطَر عليها!!

الانتخابات - إن تمت للأسف بهذا الشكل - بين العقم والاستنساخ، ستجعل من أفكارهم وأحزابهم وجماعتهم داء وليس دواء لمعضلة الديمقراطية في ظل الاحتلال. فبعد أن توقع الشارع الفلسطيني أن تكون هذه الفصائل والتكتلات والجماعات يد مساعدة ودواء بتحريك سياسييها من أجل لملمة الفُسيفساء الفلسطينية المُتناثرة لتحقيق الحرية والاستقلال وبناء دولة فلسطينية حديثة؛ فقد أعادونا إلى الخلف في تشتيت الشعب والشباب، ما جعل واقعنا الآن أن شباب الفصائل عدو للفصيل الآخر.. وجعلت التكتلات والاختلافات أعضاءها هم من يقودون مرحلة الانقلاب وما بعده ويجب السير خلفهم دون الاستماع للقواعد ونبض الشارع.

كما في الحياة البشرية، في الحياة السياسية تنشأ الحاجة إلى علاج العقم من أجل ولادة وإنجاب حلول للواقع المرير وحالة التيه المريرة لهذه السياسة التي تسير عليها مختلف القيادات، المطلوب الآن هو توفير بيئة سياسية غير محبطة ومجهضة تسمح بالقدرات المكبوتة في الانفجار والتعبير عن ذاتها بحالة من الولادة الطبيعية الخلاقة، دون أي تدخل يؤدي الى نتائج عكسية. وهكذا تبدأ رحلة العلاج عبر خطوات مدروسة ومنتظمة في كافة مكنونات النظام السياسي، فعلاج العقم السياسي أولاً وأخيراً يبدأ من المجتمع نفسه وإلا سنقبل بالاستنساخ والتدوير وذات الوجه.