ماهر ابو طير - النجاح الإخباري - يبدو الأردن، من أكثر الدول العربية، استفادة من تغيير الرئيس الأميركي، فالرئيس المنتهية ولايته، تشجنت علاقته مع الأردن، خلال العامين الأخيرين، وكان ثقيلا جدا، على صدور الأردنيين، والفلسطينيين أيضا.

لم يقف الرئيس المنتهية ولايته عند حسابات الأردن، كثيرا، خصوصا، عند اعلان صفقة القرن، من جهة، ثم اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل، وغير ذلك من خطوات، وصلت حد خنق الفلسطينيين، ومحاربة وكالة الغوث الدولية، وقطع المساعدات عن الفلسطينيين، وغير ذلك من خطوات متواصلة كانت تقود أيضا الى تهديد الرعاية الأردنية للحرم القدسي، في المحصلة.

لولا العلاقات اللوجستية بين الأردن والولايات المتحدة، على مستويات التنسيق الفني، إضافة الى استمرار دفع المساعدات الأميركية للأردن لاعتبارات تصب لصالح الامن الإقليمي، لأشهرت واشنطن وجها عدائيا علنيا.

تنفس الأردن الصعداء بسقوط الرئيس الأميركي عن كرسيه، دون اعلان ذلك جهارا نهارا، اذ يكفي تهنئة الأردن للرئيس الجديد، التي تمت حتى قبل اعتماد النتائج الرسمية، واتصال الملك بالرئيس الجديد، واحتمال مقابلة الملك له خلال الربيع المقبل، وهو صديق للأردن، وزارها مرارا خلال فترة تولي الرئيس باراك أوباما، والأردن هنا سيضمن على الأقل وقف التدهور في العلاقات الأردنية الأميركية، مع احتمالات لتجدد مفاوضات السلام.

سقوط الرئيس المنتهية ولايته عن كرسيه، أدى الى تسارع غريب في المنطقة، اذ فجأة يتصالح الفلسطينيون والإسرائيليون، ويعود التنسيق الأمني بين الطرفين، وتقوم إسرائيل لاحقا بدفع مئات الملايين من الدولارات المحجوزة لديها الى السلطة الوطنية الفلسطينية، وتتسارع موجة تحسين العلاقة، بين الطرفين، وكأنهما يرتبان معا، للعلاقة قبل مجيء الرئيس الجديد، هذا على الرغم من ان المفترض ان لكل طرف حسابات مغايرة عن الآخر، اذ ان نتنياهو خاسر من مغادرة حليفه في واشنطن، والسلطة على ما يفترض في وضع افضل، لكنك لا تعرف لماذا تحرك الجانبان معا وكأنهما فريق واحد، إزاء بعضهما، بعد تغير الرئيس الأميركي، وكأنهما يستعدان لمرحلة جديدة، عبر عدة إجراءات، تستبق وصول الرئيس الى البيت الأبيض، وما بين التكتيك او المصالح المشتركة، او شراء الوقت، كانت النتيجة ان العلاقة تغيرت فجأة، وكأنهما يواجهان وضعاً مشتركاً.

الرئيس الفلسطيني، غادر رام الله، وزار الأردن، ثم مصر، وهناك تصعيد في الحديث عن عودة محادثات السلام، وحل الدولتين، الا ان المؤكد هنا، ان هناك مبالغات، خصوصا، ان المشروع الإسرائيلي، لم يتغير تماما، وربما تعلن إسرائيل فقط عن تأجيل بعض الخطوات، حتى تتضح الصورة، لكن المراهنة على انجاز حل الدولتين، مراهنة بائسة، فقد شهدنا في فترة حكم الديمقراطيين في واشنطن، ابان حقبة باراك أوباما، ووجود هيلاري كلنتون، وجون كيري، وكثرة من المستشارين المختصين بشؤون الشرق الأوسط، والقضية الفلسطينية، اكبر دعم مالي لإسرائيل، إضافة الى ان الإدارة آنذاك لم تحقق حل الدولتين، لكنها كانت اقل قسوة على الفلسطينيين، من حقبة الرئيس المنتهية ولايته، وثلة المستشارين حوله، ممن يعادون الفلسطينيين.

زيارة عباس للأردن اعادت التأكيد على عناوين حل الدولتين، وهذه تحركات تستبق تنصيب الرئيس الجديد في واشنطن، وقد تحاول عواصم عدة في المنطقة، إعادة ترتيب الأوراق، اذا تجاوب الإسرائيليون أساسا، كما ان الإدارة الأميركية الجديدة، ليست معادية لإسرائيل، لكنها ستكون اقل فظاظة، بحق الأردنيين والفلسطينيين.

كل هذا يعني ان الأردنيين والفلسطينيين ينتظرون شهر كانون الثاني- يناير المقبل، باهتمام كبير، فقد ضمنوا من حيث المبدأ وقف مزيد من الإجراءات الأميركية-الإسرائيلية ضد الطرفين، او مصالحهما، وسوف يسعون الى إعادة مفاوضات السلام، خصوصا، ان للديمقراطيين في واشنطن خبرة كبيرة في هذا الملف، لكن الافراط في التحليلات، من حيث حدوث تغيرات كبرى، سيؤدي الى خيبات امل لاحقا، خصوصا، ان النفوذ الإسرائيلي ما يزال قويا في الولايات المتحدة، ولن تتحول الإدارة الأميركية، الى إدارة فلسطينية مثلا، بل ان اعلى درجات موقفها، ستكون من أربعة عناوين مختصرة، وقف تهديد مصالح الأردن، إعادة التوازن للسياسات الأميركية، السعي للعودة الى المفاوضات مع الفلسطينيين، ورابعها محاولة اثبات ان الرئيس الجديد مختلف.

لكن تذكروا، لن يخرج الرئيس الجديد ليقول نحن آسفون، فالقدس عربية، ونريد اعادتها للفلسطينيين، والخلاصة ان الضرر قد وقع، ولن يرفعه احد عن ظهر هذه المنطقة.

نقلا عن صحيفة القدس