د.ايهاب عمرو - النجاح الإخباري -  

تشكل القمة العربية الأوروبية المنعقدة في مدينة شرم الشيخ في جمهورية مصر الشقيقة فرصة للقيادة الفلسطينية لعرض رؤيتها بخصوص فرص السلام في المنطقة والتحديات التي تواجه ذلك السلام المأمول، خصوصاً أنها تتم بمشاركة على أعلى مستوى في الإتحاد الأوروبي ممثلة بكل من رئيس المجلس الأوروبي، ورئيس المفوضية الأوروبية، والممثلة العليا للسياسة الخارجية، ومفوض الإتحاد الأوروبي لسياسة دول الجوار والتوسع.

 

وسوف تناقش القمة، كما أعلن عنه المواضيع السياسية ذات الإهتمام المشترك وأهمها بحث سبل التوصل إلى السلام العادل والشامل في المنطقة، إضافة إلى مواضيع ذات علاقة بالأوضاع السياسية بكل من اليمن، وسوريا، وليبيا. كما سوف تناقش مواضيع ذات علاقة بتعزيز الإستثمار، والهجرة، والمناخ، والأمن. وبالمجمل فإن القمة سوف تتناول التحديات الإقليمية والدولية على الأصعدة كافة السياسية، والإقتصادية، والتجارية، وذات العلاقة بمسائل الأمن والطاقة والهجرة والتكنولوجيا الرقمية.

 

وأحسنت القيادة الفلسطينية صنعاً بالمشاركة في تلك القمة العربية الأوروبية ما يساهم في توضيح الموقف الفلسطيني من التطورات ذات العلاقة بالقضية الوطنية على المستويات كافة المحلية، والإقليمية، والدولية، وفي مختلف الحقول سواء كانت سياسية أو إقتصادية أو غيرها، خصوصاً بعد عقد مؤتمر وارسو في بولندا الذي هدف، من بين أمور أخرى، إلى عزل الموقف الفلسطيني عن محيطه العربي، وكل ذلك مرده، بجانب عوامل موضوعية أخرى تمر بها المنطقة العربية، إلى ضعف الموقف الفلسطيني نتيجة الإنقسام البغيض الذي فرق البشر والشجر والحجر وشتت الشمل وأهدر الجهد في لقاءات ومفاوضات داخلية بين طرفي الإنقسام لم تؤدي إلى أية نتائج إيجابية يمكن أن تنعكس على الحالة الفلسطينية الراهنة.

 

ولعل المؤتمر الذي انعقد في مدينة وارسو البولندية ينكأ الجراح، فاختيار مدينة وارسو في بولندا لم يكن عبثياً، ليس فقط بسبب طبيعة النظام الدولي الحالي والتحالفات القائمة بين الحكومات اليمينية في أوروبا مع الإدراة الأميركية اليمينية الشعبوية الحالية، بل أيضاً لأسباب تاريخية يعلمها الجميع.

 

ولعله ما قاله جاريد كوشنر لأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أثناء لقاء جمعهما قبل قيام الإدارة الأميركية بإتخاذ قرارها القاضي إعتبار القدس عاصمة لإسرائيل حول التطورات الحاصلة في المنطقة لم يكن محض صدفة، ربما لأنه يعلم ما يدور في المنطقة، كونه أحد مهندسي السياسة الأميركية في المنطقة القائمة على السلام الإقتصادي بين إسرائيل من جانب، والدول العربية من جانب آخر.

وعليه، يمكن القول أنه لا بد من قراءة متأنية وواعية وإستراتجية من الأطراف الفلسطينية كافة للتطورات الحاصلة في المنطقة العربية وفي الإقليم وفي العالم وقياس آثارها السلبية والإيجابية، إن وجدت، على القضية الوطنية من أجل إستخلاص الدروس والعبر وإستشراف المستقبل، ما يساهم في المحافظة على المشروع الوطني الذي يهدف إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة. ويكون ذلك إبتداء بإزالة أسباب الإنقسام البغيض وتوحيد الصف ما يمكن أن ينعكس إيجاباً على الحالة الفلسطينية الراهنة، خصوصاً في ظل التحديات الجسام التي تحيط بالقضية الوطنية وتغول اليمين الإسرائيلي وإستقوائه على جناحي الوطن والقدس الشريف في فترة ما قبل الإنتخابات المحمومة.