عبد الناصر النجار - النجاح الإخباري - حديث خطيب الجمعة في أحد مساجد رام الله، أمس، كان عن الأمل والتفاؤل وعدم القنوط، في ظل ما يتعرض له الشعب الفلسطيني. علماً أن خطب الجمعة في مساجد الضفة موحَّدة تحت عنوان واسع، ولكن لكل خطيب اجتهاده.
بينما الإمام يخطب عن الأمل كان طفل يبكي بجانب والده ويسأله عن الشيكل الذي أعطاه إياه، ويبدو أنه فقده في المسجد، إصرار الطفل على الشيكل الضائع وفقدانه الأمل في العثور عليه وصوت الخطيب المرتفع، أثار موجة من الضحك، خاصة بين الأطفال وربما تسبب بضحك البعض أيضاً.
عن أي أمل يتحدثون.. سرعان ما تأتي الإجابة من خطيب الجمعة بأن الغلبة للإسلام والمسلمين...!! 
في مقابل خطيب الجمعة، كانت هناك مقالة في صحيفة «هآرتس»، أمس، للكاتبة إيلينا همران تحت عنوان «حكم الولجة كحكم الخان الأحمر» تتحدث فيها عن أن مصير قرية الولجة، جنوب غربي بيت لحم، المنكوبة بالاستيطان ومصادرة الأراضي منذ العام 1948 وحتى اليوم، يماثل مصير قرية الخان الأحمر، وكيف يحرم الفلسطينيون حتى من الوصول إلى مزارعهم إلاّ بإذن عسكري إسرائيلي.. وكيف يُمنعون من التمتع حتى بنبع ماء يقع في أرضهم.. بعد أن ضم إلى حديقة عامة للمستوطنين الذين يتمتعون بحماية عسكرية وتسهيلات كبيرة للسيطرة على المنطقة. 
في مقالتها تورد آية من التوراة وهي الآية 17 من الفصل «15» ونصها «في ذلك اليوم عقد الله حلفاً يقول إنني أعطيت هذه البلاد لذرّيتك من نهر مصر وحتى نهر الفرات».
هذه الآية وضعت على مدخل متنزّه «وادي الأشباح» المقام على أراضي الولجة المصادرة.
ما يدمّر أي فرصة للأمل هو أن السيطرة الإسرائيلية لم تعد فقط على ما بين النهرين، بل تعدّت ذلك كثيراً. فاقتربت أكثر إلى مقولة من «المحيط إلى الخليج».
مسؤول فلسطيني كبير يؤكد أنه لن يكون هناك تطبيع مع إسرائيل في أي دولة عربية قبل إحلال السلام؟! هل هي حقنة أمل بأن لا شيء تغير؟؟ لا نريد خلق زوبعة في فنجان.. أبناء العم وزياراتهم بل ودعوتهم إلى كثير من «بلاد العُرب أوطاني» واستقبالهم بالرقص والطبول لا تعني الكثير عند المتفائلين.. ربما هي مرحلة للضغط على قادة الاحتلال لتغيير نهجهم وإقناعهم بأهمية السلام.. لذلك علينا أن نتفاءل.
طبعاً الحديث السلبي عن هذا الحراك الإسرائيلي في قلب عواصمنا ممنوع؛ لأننا لا نريد أن نسيء إلى علاقاتنا مع أحد... ولهذا لن أكتب في هذا الموضوع بما أفكر حتى لا أسيء إلى أحد... وسأصمت، لأن في الصمت بلاغة أكبر بكثير عن الحديث الغاضب أو «فشّة الغل» التي لن تؤخر أو تقدم في هذا الأمر.
كنت أرغب بالتفاؤل، بأن أسمع مسؤولاً يطالب، أيضاً، بوقف الحرب الإعلامية بين عشيرتي غزة والضفة، حيث وسائل إعلام العشيرتين لا تتوقف يومياً عن التخوين واللعن والطعن.. تستطيع أن تكتب في رام الله ما تشاء عن وصف العملاء والخونة الذين باعوا القطاع بعدة ملايين من الدولارات ووزّعوها على أبناء عشيرتهم.. وتركوا الجوعى والمرضى لحالهم. 
في الوقت ذاته، تستطيع أن تكتب في غزة أكثر مما قاله «مالك في الخمر» عن العمالة والخيانة والتجويع والحصار إلى جانب كثير من مصطلحات الشتم حتى التي لم ترد في قواميس اللغة.
عندما تقرأ وتسمع ذلك، فأنت مطالب بالتفاؤل لأن النصر قريب، وبات قاب قوسين أو أدنى، كما قال خطيب الجمعة.
كيف لا وخطب الجمعة أصبحت بمثابة الخطة الاستراتيجية للسياسيين، لا بد من السير على نهجها.
كيف لا نتفاءل ونحن نرى الأموال تنهال علينا بالحقائب الدبلوماسية بموافقة أمنية إسرائيلية لها حق الاعتراض.. من هم المسموح لهم بتلقي الراتب، هذه الحقائب سبقتها حقائب الأنفاق ولكن، أيضاً، هنا حقائب ولكن بوجه آخر.. ابتداءً من حقائب بعض المنظمات الأهلية التي تدفع بالدولار واليورو وليس انتهاءً باستثمارات كبيرة يتم الحديث عنها رغم جيش المتعطّلين عن العمل والراغبين بالهجرة للبحث عن لقمة العيش المرّة.
كيف لا نتفاءل وقد حقّقنا من الإنجازات على مستوى العالمين العربي والعالمي الكثير الكثير، فقد حصلنا على المرتبة الأولى في كثير من المجالات، وحزنا جوائز كثيرة.. فنحن دولة حقيقية وإنجازاتنا أكبر وأكثر من إنجازات دول شقيقة أو صديقة.. دولة ولكن دون حدود.. ولا أرض ولا سماء.. لا معابر ولا اقتصاد.. لا جيش، لأننا دولة مسالمة محايدة.. ولكننا نملك سيارات حديثة ومبانيَ شاهقة وكتلا اسمنتية غرسناها في معظم أراضينا الزراعية.. نشتم من يحاول تقسيمنا، ولكن اعتمادا على مقولة الفنان الأردني موسى حجازين في مسرحيته «الآن فهمتكم» التي يقول فيها رفضاً لمقولة أن إسرائيل وأميركا تقسم العرب: «إحنا عرب وبنقسم حالنا من حالنا»، وعليه «نحن الفلسطينيين قسمنا حالنا من حالنا» فلنتفاءل.
[email protected]
عن الأيام الفلسطينية