محمد علي طه - النجاح الإخباري - هاتفني مشكورًا القارئ النّصراويّ أنطون عبّود فيما أنا عائد في القطار يوم الأربعاء 28 كانون الأوّل 2017 من مدينة يافا الجميلة حيث زرت مسرح السّرايا– في موقعه الرّائع بما يحمله من بُعد حضاريّ وبُعد إنسانيّ وبُعد فلسطينيّ– لترتيب لقاء فيه لمبدعين فلسطينيّين واسرائيليّين يؤكّدون على حلّ الدّولتين وعلى انّ القدسّ الشّرقيّة عاصمة للدّولة الفلسطينيّة وغير ذلك– وذكّرني بأنّ جمهوريّة غواتيمالا كانت أوّل من اعترف بانفصال القطر العربيّ السّوريّ عن الجمهوريّة العربيّة المتّحدة في العام 1961 فقلت له: وها هي اليوم أوّل دولة بعد الولايات المتّحدة تقرّر نقل سفارتها إلى القدس متجاهلة قرار هيئة الأمم المتّحدة الذي صدر قبل أيّام وكان صفعة على وجه ترامب الصّفيق.

وغواتيمالا، جمهوريّة الموز الفقيرة، يرأسها جيمي مورالس ويصرّ على أن يكون "سانشو" سيّد البيت الأبيض. وسانشو هو راكب الحمار والخادم الأمين وحامل سلاح الفارس دون كيشوت في رواية الكاتب سرفانتس أيّ هو التّابع الأعمي والجرو الصّغير "عَوعَو". ومورالس هو ابن عائلة فقيرة، عمل في صغره بائعًا للموز في أسواق العاصمة ثمّ بائعًا للملابس المستعملة، وانتمى في شبابه إلى حركة دينيّة مسيحيّة متعصّبة ومنظّمة تنظيمًا قويًّا وتؤمن بأنّ خلاص البشريّة يتحقّق بعودة اليهود إلى القدس وبناء الهيكل، وقد سيطرت هذه الحركة الرّجعيّة على غواتيمالا وتمارس طقوسها في أربعين ألف معبد فيها، مّما يزيد على عدد كنائس الطّائفة الكاثوليكيّة. وقد وصل مورالس إلى رئاسة الجمهوريّة التّابعة للولايات المتّحدة "على الغمّيض" لمحاربة الفساد المستشري في بلاده الفقيرة ولكنّ ابن الفقراء الذي انتخبه الشّعب بأكثريّة ساحقة خان طبقته وغرق هو نفسه في الفساد - ومن الطّبيعيّ أنّ البيت الأبيض يريده فاسدًا مفسودًا - ولقد اعتقلت الشّرطة في السّنة الأخيرة أخاه الذي يشغل مستشاره الأقرب بتهمة الفساد والرّشوة وتبييض الأموال كما اعتقلت أحد أبنائه أيضًا بالتّهم نفسها. واذا كان صديقه نتنياهو قد شرّع ائتلافه قانونًا يكبّل أيدي رجال الشّرطة من ملاحقة الفاسدين ذوي المناصب الرّفيعة فإنّ مورالس أعلن عن إيفان فلاسكيز، رئيس الطّاقم الأمميّ لمحاربة الفساد في غواتيمالا، شخصيّة غير مرغوبة، برسونا نان غراتا، وذلك لأنّ فلاسكيز قرّر أن يحقّق في تبرّعات عصابات مهرّبي المخدّرات للحزب الحاكم.

يعاني شعب غواتيمالا من الفقر ومن انتشار الجريمة انتشارًا واسعًا وتلعب عصابات تجّار المخدّرات دورًا مؤثّرًا في الحياة السّياسيّة ولكنّ مورالس يصرّ على أنّ خير ما يقوم به في أيّام عيد الميلاد المجيد هو القرار بنقل السّفارة "من العمارة" في تل أبيب "إلى العمارة" في القدس لأنّ هذه مشيئة الرّبّ والعقيدة المسيحيّة الرّجعيّة التي يتبنّاها ولعلّها مشيئة أموال المخدّرات.

قالوا قديمًا: قل لي من أصدقاؤك أقل لك من أنت. ومورالس هو صديق نتنياهو كما يحلو للأخير أن يصرّح مفتخرًا مثل الدّيك الرّوميّ، ولهما صديقان آخران أوّلهما هرنندس رئيس هوندوراس بلد الجريمة والجوع والفقر والحركة الدّينيّة المسيحيّة الرّجعيّة الذي سرق الانتخابات الأخيرة من منافسه سلفادور نصرالله وثانيهما رئيس الفلبّين القبضاي الأزعر رودريغو دوطرطا وقد سارعوا بالتّصويت ضدّ القرار الأمميّ في الأمم المتّحدة قبل أن تسجّل أسماءهم العريفة "نيكي" مندوبة المعلّم مستر ترامب ذي العصا الغليظة.

 مبروك "هيك أصدقاء" على نتنياهو. ويا قفّة الرّز على العدس ميلي، كلهم روس فاسدة ما فيها قنانيري.

شو هالرّيحة؟