خالد جميل مسمار - النجاح الإخباري - كلنا يعلم ان الفلسطيني في لبنان لا يحق له العمل أو التملك او بناء بيت يؤويه وأهله، وغير ذلك الكثير من الممنوعات.

كنت لا أشعر بذلك اثناء وجودي هناك بحكم عملي في صفوف الثورة الفلسطينية بسبب الحضن الدافئ من جماهير الشعب اللبناني وحركته الوطنية اللبنانية التي قاسمتنا الحلو والمرّ، واصبحت شريكتنا في مواجهة العدو الصهيوني وفي الدفاع عن الثورة الفلسطينية.

كنا نشعر ونحن في لبنان اننا بين أهلنا وجماهيرنا دافعنا عن بيروت نحن والحركة الوطنية اللبنانية كما ندافع عن حدقات عيوننا، كان ذلك في العام 1982 م. وصمدنا وإياهم (88) يوما.

كنا في بيروت وصور وصيدا والنبطية وقلعة الشقيف.. وما ادراك ما قلعة الشقيف، وفي البقاع والجبل.. والجنوب والشمال.. في طرابلس.

كم كنا نشعر اننا بين اهلنا وناسنا واحبابنا..

ولا انسى ذلك الوداع المؤثر الرائع.. والحزين عندما غادرنا بيروت على متن السفن الى مختلف الاقطار العربية البعيدة عن مدى البندقية التي كنا نوجهها الى صدر العدو المحتل.

كنا ونحن نغادر بيروت كمن يترك قلبه هناك.

شعرنا اننا نغادر وطننا الى غير رجعة..

نعم وطننا.. الذي احتضننا وعشت انا فيه أكثر من سبع سنوات متواصلة حيث تزوجت وأنجبت زوجتي اليافاوية هناك ثلاث من بناتنا.

غادرنا لبنان في ظل عدم اهتمام عربي بعد صمود بطولي اذهل العالم كله. في مثل هذه الايام من شهر آب من العام 1982م كانت صواريخ البوارج الصهيونية والطائرات القاذفة ومدفعية الدبابات تلقي حممها فوق بيوت بيروت وعماراتها الشاهقة.

الحديث لا ينتهي عن بيروت ومعركة بيروت والشجون كثيرة..

ولكن ذكرى حصارنا في بيروت ومن ثمّ خروجنا منها في مثل هذه الايام من عام 1982م

ثم وفاة شقيق زوجتي اليوم في بيروت.. اثار هذه الشجون مرة اخرى.

شقيق زوجتي (نزار – ابو خالد) أصيب من قبل المنشقين في دمشق اصابة بالغة وعاد الى اهله في بيروت الى ان توفاه الله اليوم.

صحيح ان هذا امر شخصي يهمني وحدي انا وزوجتي ولكني فجعت عندما علمت من الاهل هناك ان الفلسطيني بالاضافة الى الممنوعات الكثيرة التي ذكرتها بداية هذه الخاطرة ممنوع ان يدفن في مدافن اللبنانيين!

الله اكبر، الا يكفي الفلسطيني التشرد في اصقاع الارض..  والتوقيف في المطارات وعدم السماح له في دخول الكثير من الدول العربية الا بصعوبة بالغة؟ الا يكفيه ما يعانيه أهله في القدس وفلسطين المحتلة كلها..؟!

الا يكفيه.. الا يكفيه..

ثم لا يجد قطعة صغيرة في مدفن عربي يدفن فيه جثمانه..؟!

ولكن الحمد لله أن لنا مقبرة الشهداء في بيروت حيث ساعدت سفارتنا هناك بدفنه في تلك المقبرة التي تضّم خيرة ابناء شعبنا اللبناني والفلسطيني.

رحم الله ابا خالد (نزار قاسم بيبي)

ورحم الله شهداءنا اللبنانيين والفلسطينيين.