د. دلال عريقات - النجاح الإخباري - تُذكرنا صديقتي المُقيمة في القدس أن الصراع سياسي وليس ديني، تُذكرنا أن الصراع على القدس برمتها وليس على الأقصى فقط. فخلال الأسبوع الماضي ترددت شعارات كان أهمها "إلا الأقصى"، بالرغم من التخاذل في مواقف الدول الإسلامية وضعف مواقف الدول العربية، إلا أن هذا الشعار يعكس حقيقة واحدة وهي أن كل شيء ممكن ومستباح إلا الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين.

عند تحليل خارطة الصّراع، يتوجب على الباحث الوقوف عند عدة محاور، أولها: أطراف الصراع، دول أو أفراد أو شركات. هنا نحلل أطراف الصراع سواء مباشرة أو غير مباشرة.

ثانياً: نوع الصراع، صفري ممكن حله بخسارة طرف وربح الآخر أو غير صفري. وثالثاً: قضايا الصراع، وهنا يدور الحديث حول مُسبّبات الصراع وقضاياه من سياسية، جغرافية، دينية، أمنية، اقتصادية وغيرها.

في الحالة الفلسطينية، بدايةً، قد يرفض البعض كلمة 'صراع' فهناك مدرسة تنادي بأن ما يحصل هو احتلال ويرفضون استعمال كلمة 'صراع' في الحديث عن القضية الفلسطينية، هنا أقول بصوت مُرتفع نعم هو احتلال. ولكن وجود هذا الاحتلال ينبعث من صراع على مصالح والقدس هي أهم هذه القضايا والأقصى جزء من القدس. اليوم لو تناولنا الصراع، لا أحد يختلف أن الصراع خرج من صبغته العربية وأصبح فلسطيني/إسرائيلي وهذا ما ظهر جلياً خلال الأسبوع الماضي من ردود فعل الدول العربية والإسلامية تجاه البوابات الإلكترونية التي فرضها الاحتلال على بوابات الأقصى المُبارك. فلسطينياً ظهر المقدسي خلال الأيام الأولى وكأنه وحده طرف الصراع إلا أن الشعب الفلسطيني في مختلف أرجاء الوطن سرعان ما ركب الموج في الدفاع عن القدس وعن حرية العبادة والدخول للأقصى بحرية مطالبين بإزالة البوابات من خلال الاعتكاف حول أبواب القدس ورفض الدخول عبر البوابات الإلكترونية للضغط على نتنياهو الذي يصر على هذه السياسة الاستفزازية بالرغم من النصائح الأمنية الإسرائيلية الرافضة لقراره.

خرج أبو مازن على الجماهير بعد سقوط الشهداء وبعد أن فقد الأمل بموقف عربي أو إسلامي يعزز من موقفه أمام حكومة نتنياهو معلناً تجميد الاتصالات مع دولة الاحتلال على كافة المستويات حتى إزالة البوابات والحفاظ على الوضع القانوني للمسجد الأقصى، وأكد على رفضه للبوابات التي هدفها فرض السيطرة وتحويل الصراع من سياسي الى ديني.

استغل عباس بذكاء هذا الوقت الذي يتكاتف فيه الشعب الفلسطيني حول الأقصى والقدس ووجه نداءً لجميع القوى والفصائل وخاص حركة حماس لتوحيد الصف وتحقيق الوحدة الوطنية وإقامة انتخابات ودعا لعقد جلسة للمجلس المركزي الفلسطيني لوضع خطط لحماية المشروع الوطني والأمم المتحدة بتوفير الحماية ورصد الأموال للقدس. بنود هامة جداً جاءت في البيان الذي تلاه أبو مازن وتابعه الشعب متعطشاً لإجراءات عملية تغير الواقع المأساوي. لحين عقد هذه الجلسات سنطرح حلولاً أكثر عملية للخروج من الوضع الراهن:

١- تواجد قوات دولية في القدس.

٢-عقد جلسة فلسطينية وطنية في القدس (اللجنة التنفيذية أو الحكومة مثلاً) فالتواجد والتمثيل الوطني في القدس يجب أن يظهر ويستمر، لا بد من عنوان فلسطيني للقدس.

٣- دعوة دور الإفتاء والتشريع لتبني فتوى تشجع الحج المسيحي والإسلامي إلى القدس.

٤- نداء لقيادات الأردن ومصر والسعودية وتركيا وقطر والمغرب وغيرها من الدول العربية والإسلامية لزيارة القدس والصلاة في الأَقْصَى بدلاً من الاكتفاء بتقديم الأموال والأقوال.

ما أثبته شباب وصبايا القدس من صمود وإرادة وتحدٍ خلال هذا الأسبوع يوجب علينا جميعاً العمل على المستوى الوطني لمؤازرة المواطن المقدسي في بقائه ولتوحيد بوصلتنا ضد الاحتلال.