عمر حلمي الغول - النجاح الإخباري - ما تضمنه موقف نتنياهو في المؤتمر الصحفي مع الرئيس ترامب يوم الأربعاء الماضي في المؤتمر الصحفي المشترك، لم يتضمن جديداً، لا سيما وان ما أعلنه، كان أكد عليه في أكثر من مناسبة منذ توليه رئاسة الحكومة الأولى عام 1996، وقبل ذلك في كتابه "مكان تحت الشمس"، الصادر نهاية الثمانينيات من القرن 20، الذي نفى فيه "وجود شيء اسمه فلسطين"، ليس هذا فحسب، بل انه اعتبر ان المملكة الأردنية الهاشمية، هي جزء من "الوطن اليهودي"، ومع ذلك قال: إن "وطن الفلسطينيين في الأردن." مع ان الأردن وقع على اتفاقية سلام مع إسرائيل، واستفاض على مساحة ما يزيد عن اربعمئة صفحة في طرح الأكاذيب المتناقضة مع ركائز التاريخ. وكان منذ النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي، يؤكد إصراره على تصفية اتفاقية اوسلو 1993، رغم كل ما بها من مثالب ونواقص، وحتى عندما أعلن عن إقراره بخيار الدولتين في جامعة بار إيلان 2009، لم يكن يقصد إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967، إنما كان ذلك شكلا من اشكال المناورة بهدف التسويف والمماطلة وكسب الوقت، وتدوير زوايا لفرض خياره الاستعماري.

لكن عودته للحديث في البيت الأبيض عن أن الأرض الفلسطينية "ليست سوى يهودا والسامرة"، وأنها "وطن اليهود"، إنما هو إسراف وإمعان في التزوير والتضليل وخداع الذات والرأي العام العالمي، وتغول في العداء لخيار السلام، وتنكر له، وقلب للحقائق رأساً على عقب. وإصرار على المضي قدما في خيار التهويد والمصادرة وأسرلة الارض الفلسطينية العربية.  وعلى ذات الأرضية رقص أقرانه في "الليكود" و"البيت اليهودي" و"إسرائيل بيتنا" ومن لف لفهم من المستعمرين على أنغام مواقفه المعادية للسلام. وهللوا وكبروا، وأعلنوا بينت وشاكيد وريغف وليبرمان وإكونيس وقبلهم الرئيس الإسرائيلي ريفلين عن "فرض السيادة والقانون الإسرائيلي" على اراضي الدولة الفلسطينية وحتى الجولان السورية العربية. لإنهم اعتبروا موقف زعيم الائتلاف الحاكم في البيت الأبيض وامام رئيس الولايات المتحدة الأميركية، بمثابة الضوء الأخضر للمضي قدما في استكمال مخططهم الاستعماري لشطب اولا خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، لانهم افترضوا عدم تمسك الرئيس ترامب في ذات المؤتمر الصحفي بخيار الدولتين، كأنه قبول بالتخلي الكلي عنه، مع انه لم يقل ذلك تماما؛ ثانيا تصفية العملية السياسية وفق القوانين الأممية ومرجعيات عملية السلام؛ ثالثا مواصلة الاستيطان الاستعماري في الضفة الفلسطينية عموما والقدس الشرقية خصوصا؛ رابعا فرض الرؤية الإسرائيلية للحل، الذي يتوافق مع خيارها الاستعماري.

رغم ان ساكن البيت الأبيض، قال على الطرفين الاتفاق على الصيغة الأنسب لهما، ولم يسقط الدور والمكانة الفلسطينية في بلوغ الحل السياسي.  الرقص الإسرائيلي على جثة التسوية السياسية حاليا لن يكون في صالح إسرائيل والولايات المتحدة ولا السلام في المنطقة. وترك الرئيس ترامب الباب مواربا بين خياري الدولتين والدولة الواحدة ليتفق الطرفان على الحل الأنسب دون التدخل الأميركي الواضح والمحدد، يعكس فقر حال سياسي لا يخدم عملية السلام، ويمنح دولة التطهير العرقي الإسرائيلية الضوء الأخضر لمواصلة برنامجها العدواني على الأرض والشعب الفلسطيني. أضف إلى أن فيه نكوصاً عن سياسات الإدارات الأميركية السابقة منذ التوقيع على إتفاقيات أوسلو 1993. ولم يقتصر الأمر على ما تقدم، بل ترافق مع إعلان ترامب الدعم غير المشروط للدولة الإستعمارية الإسرائيلية في المنابر الأممية المختلفة وخاصة الأمم المتحدة، و"التغني بديمقراطية إسرائيل"، ومطالبة الفلسطينيين ب"التخلي عن الكراهية" لإسرائيل، وهو ما حمل في طياته بشكل صريح تنكرا للحقائق، وقلبا لها، ومجافاة الحقيقة البائنة كالشمس.

لأن من يمارس ويشرع القوانين العنصرية ويرتكب جرائم الحرب منذ قيام دولة الإستعمار الإسرائيلية على انقاض نكبة الشعب الفلسطيني في العام 1948، هي إسرائيل. التي لا تمت للديمقراطية بصلة، بل هي وريثة الدول الفاشية والنازية.  وعلى أخطار ما حمله المؤتمر الصحفي المشترك على عملية السلام والحقوق الوطنية الفلسطينية، لا يعتبر ذلك نهاية المطاف، ولن يكون لإسرائيل ما تريد. لأن الشعب والقيادة الفلسطينية والأشقاء العرب والأصدقاء في العالم، أنصار السلام وحق تقرير المصير، سيكونون بالمرصاد لعربدة وعنصرية وتغول إسرائيل المارقة والخارجة على القانون ومن يقف معها.