سميح شبيب - النجاح الإخباري - المشهد الإسرائيلي الراهن، يتميز بحالة الاضطراب والتشابك، أكثر مما توحي فيه، بأنه يمتاز بالمزيد من التشدد.
حالة التشدد التي يحاول رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، أن يرسمها، من خلال تصريحاته وإجراءاته الاستيطانية، تأتي في حقيقة الأمر، للتغطية على حالة الاضطراب، داخل المجتمع السياسي الإسرائيلي، والهروب إلى الأمام.

صحيح أن الأجواء السياسية، التي رسمتها الحملة الانتخابية للمرشح الجمهوري الأميركي، دونالد ترامب، ومن ثم فوزه في تلك الانتخابات، أعطت لنتنياهو، ولليمين الإسرائيلي عموماً، نفساً إضافياً للتشدد والتطرف، لكن ما نشهده في إسرائيل هذه الأيام، هو حالة الاضطراب بعينه.
منذ أن تسلم نتنياهو، مقاليد الحكم في إسرائيل، وتمكنه من تأليف حكومته الائتلافية، من غلاة اليمين والمستوطنين لم يتمكن حقيقة، من إحكام قبضته داخل إسرائيل، بما يتلاءم وسياساته الخارجية. 

خلال حكمه ظهرت إسرائيل، بمظهر المخالف للقانون الدولي ـ الإنساني، ما زاد في عزلتها، عزله. 
كما ازداد عدد المعارضين لسياساتها، التي تتعارض ومبادئ القانون الإنساني، خاصة في الأوساط الأوروبية، ما أفسح في المجال، للمزيد من تحقيق التقدم، أمام الفلسطينيين، وكان آخرها، قرار مجلس الأمن، الخاص في الاستيطان.

بات واضحاً في إسرائيل، أن سياسات نتنياهو، تقود للعزلة، ولا تقدم حلاً لإسرائيل، يكفل سلامتها واستقرارها ومستقبلها. 
لعله من نافلة القول، إن ملفات الفساد التي فتحت والتي لا تزال تفتح في وجه نتنياهو، ترمي لإجراء انتخابات مبكرة في إسرائيل، والهدف من وراء ذلك، إزاحة نتنياهو، عن سدة الحكم.
نتنياهو يحاول الهروب من ذلك، وإطلاق المزيد من التصريحات المتشددة، وسد الأبواب أمام أي احتمال لعودة المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية، والتوقيع على المزيد من بناء المستوطنات، وغيرها من تصريحات.
الأوساط الإسرائيلية، المطلعة على سير الأمور، باتت على شبه يقين، بأن ملفات الفساد المفتوحة، ضد نتنياهو، باتت كفيلة بإزاحته عن سدة الحكم، وبأن احتمالات اندلاع انتخابات مبكرة، أوائل الخريف القادم، باتت قائمة. 

يراهن نتنياهو على قرارات وإجراءات أميركية، يتخذها ترامب، قد تساعد على بقائه في الحكم، وكان من أبرزها، نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، ما بات واضحاً، بأن ترامب وإدارته، يراجع حساباته في هذا الشأن على ضوء مواقف عربية وإسلامية، وبأن المصلحة الأميركية، لا تقتضي ذلك، وما ينسحب على نقل السفارة الأميركية، بات ينسحب على العديد من المشاريع الاستيطانية.

تتفاعل الأمور وتتشابك في إسرائيل، ولعل أبرز عواملها، بات المستجدات في الشرق الأوسط، وما شهدته الأزمة من تطورات، كان من أبرزها التقارب الروسي ـ الأميركي، وما يوجبه ذلك من ترتيبات شرق ـ أوسطية ومعالجات لقضاياها العالقة، وأبرزها الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي.
لم تعد وسائل وطرائق إسرائيل، في التعمية وذر الرماد في العيون، قادرة على تزوير الحقائق، وقلب الأمور، كما كان يحدث في السابق. 
السياسة الفلسطينية، باتت قادرة على إظهار الأمور على حقيقتها ووضوحها، خاصة فيما يتعلق بمسارات السلام، وتحقيق الأمن والاستقرار، في منطقة شديدة التوتر والاضطراب في الشرق الأوسط، وهي القضية الفلسطينية، كقضية محورية من قضايا الاستقرار والأمن في الشرق الأوسط.