أحمد الشنباري - النجاح الإخباري - كثيرًا ما خط الصحفيون بأقلامهم قصصًا وحكايات صنفت فيما بعد بقضايا الرأي العام، حتى أصبحت حديث المواطن في الآونة الأخيرة وفي ظل حجم الجرائم النوعية التي يشهدها قطاع غزة، لتبقى حرية الكتابة والنشر للصحفي محفوفة بمخاطر المسائلة عبر الشكاوى المقدمة ضده، لاسيما قضية الصحافية "هاجر حرب" التي تطرقت في تحقيقها إلى رشاوي الأطباء في دائرة العلاج بالخارج.

وأن تكتب قصة صحفية أو تنشر ما يتعلق بقضية لا تروق لحاكم غزة، قد تسجن وتسأل أمام العدالة، فجرأة الصحفي في الكتابة والتعبير يقابلها الالتزام بضوابط ومعايير قد تجرد مادته الإعلامية من فحواها، أو حتى يكتب له الفشل بعد أن يُلام مجتمعيًا.

مراسل "النجاح الإخباري" حاور عددًا من الصحفيين الإلكترونيين في قطاع غزة ليقل الصحفي الاستقصائي أمجد ياغي الذي سجن على خلفية الكتابة في موضوع تناول فيه التحرش الجنسي في المؤسسات، قائلا: "أعمل في الصحافة منذ سبعة أعوام مضت، وقد تعرضت لعشرات المرات من الاستدعاءات والتهديدات من قبل أمن غزة".

ويضيف "البعض لا يروق له نشر الأخبار كما هي"، مشيرًا إلى أنَّ حرية الصحافة تسير نحو أفق ضيق، نتيجة الملاحقة الأمنية للصحفيين، المعبرين عن آرائهم".

ويرى الصحفي محمد البرعي أنَّ الملاحقة الأمنية للصحفيين تأتي في إطار الترويج للشائعات، وهذا ما حصل معه خلال نشر خبر، حيث أجبرت على التوقيع على تعهد ".

مضيفًا: "الصحفي في غزة أصبح يحسب مليون حساب لكل كلمة ممكن ينشرها في حال لم تكون على مزاج الأمن في غزة".

أما الصحفي "أسامة الكحلوت" والذي يعمل في الصحافة الإلكترونية يقول لـ"النجاح الاخباري": "العمل في غزة فيه حرية كاملة عندما يتعلق الأمر بتقرير اجتماعي

أو إنساني أو نقل الصورة الإنسانية الاجتماعية، ولكن الأمر يصعب عندما يتعلق التقرير بجرائم فلن تحصل على تفاصيل ما بعد الخبر أو متابعات لأي قضية تتعلق بمساجين أو دوائر حكومية"، ويتابع: "لن تحصل بسهولة على ما تريد وقد يحتاج الامر لأيام".

البعد القانوني:

من جهته أكَّد الخبير القانوني "مصطفي إبراهيم" لـ"النجاح الاخباري" على ضرورة التزام الصحفي بالأبعاد القانونية في تغطية قضايا الرأي العام، والتي يتحمل الصحفي تغطيتها كقضايا القتل والسرقة".

وأشار إبراهيم إلى محددات التغطية الإعلامية، بحيث لا يمكن للصحفي نشر محاضر التحقيق أو قضايا وطنية قومية كأسرار للمقاومة الفلسطينية، مضيفًا "لا يجوز كتابة أي موضوع دون الأدلة الكاملة، وطلب إذن مسبق من الشخص نفسه في نشر أي معلومة في إشارة إلى قانون المعاملات الإدارية الذي يحكم ذلك".

أزمة ثقة

أما الصحفي الاستقصائي "فادي الحسني" يشير إلى وجود "أزمة ثقة" بين الصحفيين بشكل عام والمؤسسة الرسمية، حيث أصبحت تتعامل الأخيرة بشك وريبة تجاه الصحفيين عند طرح الأسئلة.

ويقول الحسني لـ"النجاح الاخباري": "يجد الصحفي نفسه أمام طريق توصله في نهاية المطاف إلى الفشل في إنتاج مادته الإعلامية".

وتسائل الحسني: "إلى متى سيمنع الصحفي من تقديم المعلومات وإلى متى ستبقى السلطة الرابعة مجرد شعار؟".

واختتم حديثه، بتوصية قائلًا: "يجب تطبيق قانون الرأي والتعبير، وإعادة صياغة قانون الطبع والنشر بما يلائم الحالة الفلسطينية، بالإضافة لتعزيز دور نقابة الصحفيين، ووضع استراتيجية موحدة لكل مؤسسات الاعلام".

الشكاوى والإجراءات

أما النيابة العامة وعبر الأستاذ "هيثم مهنا" يقول لـ"النجاح الاخباري": "القوانين كفلت حرية الرأي والتعبير"، مشيراً الى ضوابط النشر في حق الحصول على المعلومة من مصدر مشروع، بالإضافة إلى قيود الحرية والتي لا يمكن تجاوزها".

وحول الإجراءات المتبعة بحق الصحفيين أكَّد مهنا على أنَّ النائب العام أوجد نيابة متخصصة سميت بنيابة المؤسسات؛ ليتم التنسيق من خلالها بين المؤسسة الإعلامية والصحفي للحضور أمام النيابة.

مؤكِّداً على حق الصحفي في تقديم حجته وإحضار محاميه، بالإضافة إلى إمكانية التوصل إلى حلٍ ودي مع المشتكي قبل الذهاب الى المحاكم.

وفي إطار الشكاوى المقدمة ذكر"مهنا" أنَّ معظمها يكون من خلال النشر على المواقع الإلكترونية والتواصل الإجتماعي من قبل الصحفيين.

وذكر خلال العام الجاري قدمت ما يقارب تسع شكاوى للنيابة العامة احتفظت بجزء منها في النيابة فيما حول جزء إلى المحاكم.