نابلس - النجاح الإخباري - في ظل الحراك الدبلوماسي المحموم في المنطقة، التقى رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في العاصمة واشنطن، في اجتماعين متتاليين خلال أقل من 24 ساعة.
اللقاء الذي جمع الزعيمين حمل أبعادًا تتجاوز العلاقات الشخصية، ليصل إلى ملفات مصيرية تتعلق بمستقبل غزة، واتفاقيات السلام، وخارطة النفوذ في الشرق الأوسط.
وبينما تتصاعد المحادثات الرباعية بين إسرائيل وقطر ومصر وحماس، تؤكد المؤشرات أن صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار تقترب من مراحل حاسمة، وإن بقيت بعض العقد عالقة.
ملف الأسرى في صدارة المشهد
أكد نتنياهو بعد لقائه الثاني مع ترامب، أن المحادثات تمحورت حول "تحرير الأسرى"، مشددًا على أن إسرائيل "لا تتراجع عن هذا الملف لحظة واحدة". وبحسب التقديرات الإسرائيلية، فإن نحو 80 إلى 90٪ من عناصر الصفقة مع حركة حماس قد تم التوافق عليها، في انتظار حسم القضايا التفصيلية التي قد تمدد زمن التفاوض.
تهدئة قريبة؟.. مبعوث ترامب يتحرك باتجاه الدوحة
ذكرت صحيفة "هآرتس" أن مبعوث ترامب للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، توجه إلى العاصمة القطرية الدوحة عقب اللقاء، للمشاركة في مفاوضات تهدف إلى بلورة اتفاق لوقف إطلاق النار. وأوضح ويتكوف أن "الخلافات تقلّصت من أربع نقاط إلى واحدة فقط"، معربًا عن أمله في إعلان هدنة تمتد لـ60 يومًا خلال أيام.
وتشير تسريبات إلى أن المحادثات تشمل ترتيبات ميدانية وإنسانية، وتوزيع المساعدات، وأدوار كل من الدول الوسيطة، إضافة إلى ضمانات تلزم الأطراف بعدم خرق الاتفاق.
صفقة مشروطة: "الخروج الطوعي" من غزة محل نقاش
في معرض إجابته عن أسئلة الصحفيين، كشف نتنياهو عن موقفه من مستقبل سكان غزة، قائلًا: "من يريد البقاء يمكنه ذلك، ومن يرغب في المغادرة يجب تمكينه. غزة ليست سجنًا"، وفق تعبيره. وأوضح أن حكومته تعمل بالتنسيق مع الولايات المتحدة لإيجاد دول قد تستقبل الراغبين بالخروج من القطاع.
هذا الطرح أثار جدلاً واسعًا، خاصة في ظل الانتقادات التي تعتبره خطوة نحو تفريغ غزة من سكانها، أو التمهيد لخطط ترحيل جماعي تحت مسمى "الخيار الطوعي".
الدولة الفلسطينية... خطوط حمراء أمنية
حول حل الدولتين، أعاد نتنياهو التأكيد على رفضه إقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة، موضحًا أن "على الفلسطينيين أن يمتلكوا السلطات لإدارة شؤونهم، لكنها لا يجوز أن تشكّل تهديدًا لإسرائيل"، في إشارة إلى الإصرار الإسرائيلي على الإبقاء على السيطرة الأمنية، حتى في حال وجود كيان فلسطيني إداري أو ذاتي الحكم.
إيران وحزب الله: رسائل قوة من نتنياهو
وفي سياق متصل، شدد نتنياهو على أن "إسرائيل نجحت في إبعاد إيران عن المشهد، وجعلت حزب الله يركع"، معتبرًا أن هذه الإنجازات الأمنية تفتح الباب أمام فرص استقرار إقليمي، وربما سلام أوسع.
العقبة الأخيرة: خلاف حول آلية المساعدات ومحور فيلادلفيا 2
رغم اقتراب الأطراف من إعلان اتفاق، إلا أن العقبة الأخيرة تتمثل في خلاف حول آليات توزيع المساعدات الإنسانية إلى غزة. فقد كشفت مصادر فلسطينية أن حركة حماس تطالب بإبعاد مؤسسة GHF عن العملية، في ظل مخاوف من التسييس أو تقييد المساعدات، وهو ما يعطل الاتفاق حتى اللحظة. كما أن الخلاف يتمحور حول الانسحاب من محور فيلادلفيا 2 ، الذي ترفض اسرائيل الانسحاب منه قطعيا.
خيارات على الطاولة... وقلق في الميدان
اللقاءات المكثفة بين نتنياهو وترامب تعكس محاولة واضحة لإعادة صياغة مشهد الشرق الأوسط عبر مقاربة مزدوجة: تحقيق اختراق سياسي من جهة، وفرض واقع إنساني وأمني جديد على غزة من جهة أخرى.
وبين رهانات "السلام الموسع" ومفاوضات "الخروج الطوعي" وأزمات المساعدات، تظل التهدئة المؤقتة مرهونة بتفاصيل دقيقة، فيما يبقى سكان القطاع، كعادتهم، خارج إطار القرار... رغم أنهم في قلب المأساة.