النجاح الإخباري - بعد ست شهور صمد فيها مجمع الشفاء الطبي أمام آلة الحرب الإسرائيلية في غزة، يتحول اليوم من تاريخ عريق أكبر من دولة الاحتلال نفسها إلى كومة ركام فوق مئات الجثث.
وعلى أطلال الدمار الذي خلفته قوات الاحتلال، وقف المسن أبو وائل حسونة، شاهدًا على مأساة لن يغفرها الزمن، حيث كان مجمع الشفاء الطبي، معلمًا بارزًا في قلب غزة، يتأمل الخراب الذي حل بمكان كان يعج بالحياة والأمل. النيران التي التهمت المباني والقذائف التي مزقت الجدران لم تترك سوى الذكريات المؤلمة لما كان يُعتبر ملاذًا للعلاج والرعاية الطبية.
تحت ركام المباني المحترقة والغرف الطبية المدمرة، يكمن حزن عميق لفقدان ملاذ كان يومًا مصدر الأمل والشفاء لآلاف الأرواح، يقول حسونة بحسرة: "لم نكن نتوقع هذه الكارثة"، ويكمل: "بعد انسحاب الجيش، وجدنا منازلنا مدمرة والمستشفى قد تحول إلى أنقاض. هذا المستشفى كان يخدم كل قطاع غزة، واليوم لم يعد هناك شيء صالح للاستخدام."
تكلفة باهظة وخسائر جسيمة
المأساة لا تقتصر على الدمار المادي فحسب، بل تمتد لتشمل الخسائر البشرية الجسيمة. السلطات الصحية في غزة تتحدث عن مئات الجثث التي عُثر عليها في محيط المستشفى، شهادة صامتة على وحشية الحرب وتكلفتها الإنسانية الباهظة.
"الخوف يساورنا على أنفسنا وعائلاتنا وكل الناس"، يضيف حسونة. "من يمرض اليوم لا يجد مكانًا للعلاج. لقد حُرمنا من مستشفى الشفاء، والبيوت المقابلة له أصبحت كومة ركام."
العملية العسكرية الإسرائيلية في محيط مستشفى الشفاء التي بدأت في الثامن عشر من مارس وانتهت بانسحاب الجيش، تركت وراءها مشهدًا مروعًا لمجمع الشفاء الطبي المدمر بالكامل.
الدفاع المدني بغزة يؤكد أنه لم يعد هناك متر واحد صالح للاستخدام، والمكان الذي كان يومًا مركزًا طبيًا أصبح الآن مجرد ذكرى.
وأفاد المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة، أن أكثر من 400 فلسطيني استشهدوا على يد قوات الاحتلال في مستشفى الشفاء ومحيطه، وحوالي 300 مدني تم اعتقالهم، قبل انسحاب آلياتها تاركةً وراءها جرحًا عميقًا في قلب المجتمع.
"هذا المكان، مستشفى الشفاء، كان مكانًا للمدنيين وللشعب"، يختتم حسونة حديثه. "اليوم، إذا مرضنا، لا نعرف إلى أين نتوجه. لقد خسرنا المستشفى وندعو الله أن يعوضنا خيرًا."
في ظل الصمت الذي يخيم على أنقاض مستشفى الشفاء، تتردد صدى كلمات حسونة، مذكرةً بأن الحروب تخلف وراءها أكثر من مجرد مبانٍ مدمرة؛ إنها تخلف جروحًا في نسيج الإنسانية، جروحًا قد لا تلتئم أبدًا.