محمد علي طه - النجاح الإخباري - كلّما هلّت انتخابات الكنيست ظهرت أحزاب عربيّة جديدة ترغب بأن تجرّب حظّها، وبرزت شخصّيات اجتماعيّة تطمح بعضويّة البرلمان، وهذا حقّ شرعيّ فنحن شعب يصبو للتعدّديّة، ولكنّي أنا النّاخب العاديّ يحقّ لي أن أسأل الحزب الجديد والمرشّح الجديد عن الجديد الّذي يقدّمه لنا.

قال لي قارئ جمعتني به مناسبة سعيدة: علينا نحن العرب الفلسطينيّين في هذه الدّولة أن نكون مثل يهود أميركا الّذين لهم تأثير قويّ على مجلسي الشّيوخ والنّواب، وعلى الجمهوريّين والدّيمقراطيّين، وأن نلعب اللّعبة السّياسيّة بشّطارة وبذكاء والا نبقى على الهامش لا يهتمّ بنا أحد، ولا يلتفت إلينا أحد، ولا يسمعنا أحد، ولا "يلكشنا" أحد.

أعجبتني رغبته الشّديدة في تغيير واقعنا القاسي فسألته: أتعرف كم مليارديرًا عندنا يموّلون الحملات الانتخابيّة للرّؤساء والنّواب؟ وكم شركة عالميّة نملك؟ وما عدد الصّحف ومحطّات التلفزة العالميّة والمواقع المؤثّرة الّتي نملكها؟

وقبل أن يجيبني على سؤال واحد من هذه الأسئلة قلت: نحن لم نأتِ الى وطننا من دولة أوروبيّة أو آسيويّة مثلما قدم اليهود إلى أميركا كما أنّنا– وشعبنا- نعيش صراعًا قوميًّا مع الآخر منذ مائة عام، وقد دفع الطّرفان مئات الآلاف من الضّحايا ثمنًا له- وهذا ليس موجودًا في أميركا– ثمّ هل تعرف الرّجل الأبيض الّذي كان يقتل الهنديّ الأحمر ويسلخ جلدة رأسه؟ نحن يا عزيزي لا نستطيع أن نكون يهود أميركا ونرفض أن نكون الهنود الحمر.

وأمّا القارئ عبد الله الذّي التقيته في حيّ الألمانيّة الحيفاويّ فعاتبني لأنّ القائمة المشتركة لم تدخل الائتلاف الحكوميّ كي يكون نوّابنا من متّخذي القرار ويخدمون ناخبيهم في قضايا السّكن والأرض والعمل والتّعليم والصّحة ونحظى بالوظائف الكبرى في الوزارات والشّركات والمعاهد العليا وبالميزانيّات السّمينة.

أدركت الهوّة العميقة بين طموحه وأحلامه وبين معاناتنا فقلت ساخرًا: عرض رئيس الحكومة على نوّاب القائمة المشتركة وزارة الصّحة فرفضوا وطالبوا بوزارة الماليّة ثمّ عرض عليهم وزارة الاتّصالات فأبوا وطالبوا بوزارة الخارجيّة، فضحك الرّجل، وتابعت: هذه الحكومة تسعى الى ترانسفير سياسيّ للعرب من الكنيست فكيف توافق على وجودنا في ائتلاف معها؟ وكيف نكون في ائتلاف يرى القدس الموحّدة عاصمة إسرائيل ويبني المستوطنات في المناطق الفلسطينيّة المحتلّة ويتنكّر لحقّ اللاجئين بالعودة ويصادر الأرض ويهدم البيوت ويسنّ قانون القوميّة؟

نحن ندخل البرلمان كي نرفع صوت المظلوم ونعارض القوانين الجائرة ونفضحها ونحصل على ما أمكن من الحقوق وكي نستلّ لقمة الخبز لأولادنا من انياب الذّئب وبراثنه، وكي نرسّخ بقاءنا في وطننا الصّغير الجميل، ونناضل لإنهاء الاحتلال واستقلال شعبنا.

وهل هذا قليل يا عبد الله؟

كلّما طلّت وهلّت الانتخابات فتحوا لنا مجّانًا موجات الأثير كي نشكّك بدربنا ونزرع اليأس في أفقنا ونتشاجر على السّمك الّذي في البحر، وكلّ ذلك باسم الديمقراطيّة والتّعدّديّة وحريّة الرّأي. وباسم الّذي لا يتسمّى...

ومن حضر السّوق يا جماعة الخير باع أو اشترى، وكلّه يذهب في الغسيل!!