يونس السيد - النجاح الإخباري - التصعيد الإسرائيلي ضد الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، مؤخراً، لم يكن معزولاً عما يجري في ميادين المواجهة المفتوحة للصراع الذي بات يتطلب حشد كل الطاقات وزجها في معركة كسر الإرادات الدائرة على أرض فلسطين مع اشتداد الهجمة الإسرائيلية المدعومة أمريكياً لتركيع الفلسطينيين وتصفية قضيتهم الوطنية.

فالحركة الوطنية الأسيرة، ظلت على الدوام، هي القاعدة الخلفية للمقاومة، وهي صمام الأمان والباعث والملهم للهبات الشعبية والانتفاضات المتعاقبة ضد الاحتلال، ولقد عودتنا دائماً أن تكون هي المبادرة في التصدي لمخططات الاحتلال، من السعي لتحقيق القضايا المطلبية وتحسين الظروف الحياتية داخل السجون وحتى قيادة العمل المقاوم من وراء القضبان.

اليوم يأتي التصعيد من جانب سلطة الاحتلال التي قررت، في ظل تعيين مفوض جديد لمصلحة السجون، تغيير «قواعد اللعبة» عبر تشديد قبضتها على الأسرى واستخدام هذه الورقة لأهداف أخرى، سواء في ممارسة المزيد من الضغط على قطاع غزة الذي يوشك على الانفجار، وإجباره على التفاوض من أجل «صفقة تبادل» لإطلاق الجنود الإسرائيليين المحتجزين لديه، في لحظة أحوج ما تكون فيها حكومة نتنياهو واليمين المتطرف لتحقيق «إنجاز» من هذه النوع عشية الانتخابات التشريعية في التاسع من نيسان المقبل، أو في الضغط على السلطة الفلسطينية للقبول بما يسمى «صفقة القرن».

ففي خطوة مفاجئة اقتحمت وحدة القمع التابعة لجيش الاحتلال معتقل «عوفر» وبدأت عمليات تفتيش استفزازية للأسرى، أدت إلى اندلاع مواجهة دامية مع قوات الاحتلال ما أسفر عن سقوط نحو 150 جريحاً من الأسرى، الذين قاموا بدورهم بإحراق غرف السجون ما اضطرهم إلى المبيت دون أغطية. ولم يقتصر الهجوم الإسرائيلي على سجن «عوفر» إذ سرعان ما داهمت قوات القمع التابعة للاحتلال معتقلي «نفحة» و«جلبوع»، وذلك بعد احتجاج الأسرى على اقتحام الأقسام في السجون، وهو الأمر الذي وضع الأسرى كافة في سجون الاحتلال في حالة من الغليان، قبل أن يقرروا النفير العام وقطع أي اتصالات مع ممثلي مصلحة السجون والتهديد بالإضراب العام. ومع استهداف ضابط في جيش الاحتلال وإصابته بجروح على حدود قطاع غزة، في سياق الرد على التصعيد الإسرائيلي ضد الأسرى، لم يتردد الاحتلال، عدا عن قصف أهداف في قطاع غزة على دفعتين، في الاستثمار السياسي بوقف إدخال أية أموال لتغطية رواتب الموظفين في القطاع وإغلاق المعابر ووقف إمدادات الوقود ليضاعف الحصار والأزمات المتواصلة في قطاع غزة وكأنه بحاجة المزيد من هذه الأزمات.

الخطوات الاحتجاجية التي سيعلن عنها الأسرى بعد إجراء المشاورات اللازمة، من الواضح أنها ستكون مدروسة وشاملة، ولكنها أياً كانت ستواجه بالتأكيد بمزيد من القمع للاحتلال، وهو ما يقتضي من الفلسطينيين النزول إلى الشارع وممارسة كل أشكال المقاومة، وعدم إتاحة المجال للاستفراد بالأسرى أو تركهم فريسة سهلة لهجماته عبر تدفيعه ثمناً باهظاً جراء المساس بالأسرى، باعتبارهم جبهة رئيسية من جبهات المواجهة المفتوحة مع الاحتلال، والتي بها يستطيعون إفشال مخططاته ومعها كل الصفقات المشبوهة، والتي دائماً ما ينتصرون بها في مواجهة الظروف الصعبة.

عن القدس الفلسطينية