عبد الله عبيد - النجاح الإخباري - بين الفينة والأخرى تخرج وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين بقرارات صادمة، جراء إعلان الولايات المتحدة الأمريكية قرارها بتخفيض مساعداتها المالية للـ "أونروا" التي تعاني أصلا من مصاعب مالية متلاحقة منذ سنوات.

الاونروا حذرت مؤخراً من التخفيضات على البرامج الرئيسية في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة، إذا لم يتم التغلب على العجز المالي الذي تسببت به الولايات المتحدة.

وبحسب صحيفة "الديلي ميل" البريطانية فإنه لم تتوافر أرقام بعد بشأن التخفيضات التي يجري التخطيط لها إذا لم يتم حل الفجوة الرئيسية في التمويل، حيث أرسلت رسالة إلى موظفي الوكالة في نهاية الأسبوع والتي تلقي الضوء على الإجراءات القادمة.

ونقلت الصحيفة عن مصدر على دراية بالخطط في المناطق التي من المتوقع أن تتأثر بمزيد من التضييق، قائلاً إنها تتضمن برامج التوظيف والمساعدات والإسكان ودعم الصحة العقلية، ضمن أمور أخرى.

وذكرت الصحيفة أن الرسالة التي وجهت لموظفي "الأونروا" أوضحت أن "الوكالة" ستعمل على الحفاظ على برامج المساعدات الغذائية الحيوية خاصة بالنسبة لقطاع غزة الفقير.

تخوفات اللاجئين

اللاجئون الفلسطينيون بالأخص الذين يعيشون في قطاع غزة، أعربوا عن قلقهم وتخوفهم من تحذيرات الأونروا الأخيرة بتخفيض مساعداتها على البرامج الرئيسية في غزة والضفة، مشيرين إلى أن هذه التحذيرات قد تؤثر على حياتهم المعيشية خصوصاً بعد إعلان الاحتلال الإسرائيلي بمنع إدخال معظم السلع إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم التجاري بدءًا من اليوم الثلاثاء.

وكانت حكومة الاحتلال الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو اتخذت قراراً بتشديد الحصار على قطاع غزة من خلال منع استيراد وتصدير السلع والبضائع لقطاع غزة، باستثناء المواد الغذائية والمستلزمات الطبية والأبقار والأعلاف والقمح والقش.

اللاجئ الفلسطيني، خليل أحمد ويقطن في مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة، أعرب عن تخوفه من تحذيرات الأونروا، التي تأتي مع قرار الاحتلال بمنع دخول البضائع لغزة.

ويقول أحمد لمراسل "النجاح": أصبحنا نعيش في غزة دون حياة، فالأونروا تقلص مساعداتها شيئاً فشيئاً، وها هو الاحتلال يشدد حصاره علينا.. ولا نعلم ماذا تخبئ لنا الأيام القادمة".

تشديد الخناق

أما اللاجئ أبو محمد عيسى والذي يقطن في مخيم جباليا شمال غزة، فيرى أن إعلان أونروا بتخفيض مساعداتها مرتبط بقرار الاحتلال بمنع الاستيراد والتصدير لغزة، وذلك لتشديد الخناق على أهالي القطاع، حسب وجهة نظر.

وأضاف عيسى لـ"النجاح": "نحن نعيش على مساعدات وكالة الغوث، وفي السنة الأخيرة خفّضت من هذه المساعدات علينا، ولا نعلم ماذا نفعل في حال انتهت من تقديم الخدمات إلينا"، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن عائلات كثيرة من اللاجئين الفلسطينيين قد تنتهي حياتها حال انتهاء عمل الأونروا.

ولم يخف عيسى قلقه الشديد حيال قرار الاحتلال بمنع إدخال البضائع لغزة، بالتزامن مع تحذيرات الأونروا، وأردف قائلاً " المصائب لا تأتي فرادى علينا.. فقرار الاحتلال لن يكفينا نحن كلاجئين في غزة، إلا أن الوكالة تصدمنا كل يوم بقرارات جديدة أيضاً".

وبعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية للقدس، أعلنت واشنطن تجميد عشرات ملايين الدولارات المخصصة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).

وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية أنه ومن أصل 125 مليون دولار من المساهمات الطوعية لهذه الوكالة للعام 2018، أكدت واشنطن دفع "شريحة أولى" بقيمة 60 مليون دولار خصوصا لدفع الرواتب في المدارس والمرافق الصحية في الأردن والضفة الغربية وقطاع غزة.

قنبلة موقوتة

في السياق، اعتبر المحلل السياسي والخبير في الشأن الإسرائيلي، حسن عبدو أن اجراءات الاحتلال الأخيرة ضد غزة، وقرارات الأونروا المتمثلة بتخفيض المساعدات للاجئين مرتبطة ارتباطاً ببعضها البعض.

وبحسب تحليل عبدو لـ"النجاح" فإن هناك خطة سياسية تسمى "صفقة القرن"، يتم العمل والضغط من أجل انجاحها وتمريرها، مشيراً إلى أن الإدارة الأمريكية تحاول صب اهتماماتها وتركيزها على انجاحها.

وقال" هذه الضغوط سواء سياسية أو اقتصادية على الرئاسة الفلسطينية أو على غزة، للقبول بصفقة القرن"، لافتاً إلى أنه كلما زاد الرفض الفلسطيني لهذه الصفقة زادت الضغوطات علي الشعب الفلسطيني.

وأوضح المحلل عبدو أن الفترة القادمة ستشهد خناقاً كبيراً بالنسبة لقطاع غزة بسبب ما أعلن عنه الاحتلال، بالتزامن مع تحذيرات وكالة الغوث.

وتوقع المختص بالشأن الإسرائيلي أن تؤدي هذه الإجراءات إلى تصعيد في غزة، معللاً أن القطاع أصبح قنبلة موقوتة، وهذه الإجراءات توحي بمرحلة جديدة للعلاقة مع قطاع غزة"، حسب رأيه.

وكانت الفصائل الفلسطينية قالت اليوم الثلاثاء: إن قطاع غزة تحول في ظل الاجراءات الجديدة الى قنبلة قابلة للانفجار في اية لحظة، محملة المسؤولية عن كافة النتائج المترتبة عن هذه السياسات الإسرائيلية العنصرية المتطرفة لحكومة الاحتلال الاسرائيلي.

وأكدت في مؤتمر صحفي في اعقاب الاجتماع إن الصمت الإقليمي والدولي على استمرار الاحتلال وتواصل جريمة الحصار الخانق المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من اثني عشر عاما شجع العدو الإسرائيلي للتمادي في إجراءاته الإجرامية المخالفة لحقوق الإنسان والقوانين الدولية".

من الجدير ذكره، أن الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة قد تعدى الـ 11 عاماً، عقبه ثلاثة حروب متكررة حرقت الأخضر واليابس وقتلت آلاف الغزيين، وزاد الوضع المأساوي في غزة.