نابلس - النجاح الإخباري - بينما تتواصل الجهود الإقليمية والدولية لوقف الحرب المستمرة على قطاع غزة، كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية عن ملامح مخطط سياسي يجري بحثه بين الولايات المتحدة، إسرائيل، وعدد من الدول العربية، يهدف إلى إنهاء العمليات العسكرية عبر صفقة تشمل الإفراج المرحلي عن الأسرى الفلسطينيين، مقابل تنازلات سياسية وأمنية من حركة "حماس"، وتعويضات سياسية لإسرائيل تهدف إلى احتواء معارضة اليمين المتطرف داخل الحكومة.

التهدئة مقابل مكاسب سياسية لإسرائيل

بحسب التسريبات، يربط المخطط بين وقف إطلاق النار وإنجازات سياسية لإسرائيل، تشمل توقيع اتفاق تطبيع محتمل مع سلطنة عُمان و تجديد الاتصالات مع السعودية بشأن علاقات رسمية. كما تشمل إعلان تاريخي من سوريا بإنهاء حالة العداء مع تل أبيب.

تُستخدم هذه "التعويضات" لإقناع وزراء اليمين المتطرف الذين يعارضون إنهاء الحرب، فيما لم يتضح بعد ما إذا كانت هذه الخطوات ستُقنعهم فعليًا بدعم الاتفاق.

مراحل التنفيذ: من الأسرى إلى تفكيك الحكم في غزة

هذا ويقترح المخطط أن تبدأ العملية بالإفراج عن عشرة أسرى أحياء لدى حماس، يليها مفاوضات قصيرة المدى حول المبادئ العامة لإنهاء الحرب. تشمل الشروط: نفي قادة حماس من قطاع غزة، وإنهاء حكم الحركة في القطاع.، إضافة إلى تسليم الإدارة المدنية لائتلاف عربي يشرف على إعادة إعمار غزة.

بينما تلعب قطر دور الوسيط، حيث أبلغت قيادة حماس في الدوحة بأن موافقتها على الصفقة ستؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار، بينما التزمت واشنطن بمنع إسرائيل من استئناف الحرب بعد تنفيذ المرحلة الأولى.

مخاوف إسرائيلية وحق العودة للقتال

ورغم الالتزام الأمريكي، تطالب إسرائيل بضمان صريح يسمح لها باستئناف العمليات العسكرية في حال فشل المفاوضات بعد الإفراج عن الأسرى. وأكدت مصادر إسرائيلية لصحيفة هآرتس أن هذا الشرط يشكل "الخط الأحمر" الذي تتمسك به الحكومة.

نتنياهو بين الضغط الأمريكي واليمين المتشدد

يتزامن هذا المخطط مع زيارة مرتقبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن، وسط شكوك حول نواياه الحقيقية، إذ تشير مصادر عبرية للصحيفة إلى احتمال أن يكون الهدف من الزيارة هو كسب الوقت أو إفشال الصفقة، خصوصًا مع تصاعد تصريحات وزراء مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش الداعية إلى مواصلة الحرب "حتى النهاية".

ويعتقد بعض الوزراء الإسرائيليين أن تصريحات رئيس الأركان هرتسي هاليفي حول استنفاد الحرب تم تنسيقها مع نتنياهو، تمهيدًا للإعلان عن الصفقة، لكن يبقى موقف القيادة السياسية متذبذبًا، بين المناورة والتفاوض.

الساحة السورية: سلام جزئي مقابل انسحاب جزئي

في مفاجأة أخرى، كشفت المصادر لصحيفة هآرتس أن إسرائيل تُجري مفاوضات سياسية غير مباشرة مع مسؤولين سوريين عبر قنوات أمنية، تتضمن مناقشة إمكانية انسحاب إسرائيل من بعض المناطق التي احتلتها مؤخرًا في جنوب سوريا (ديسمبر 2024) مقابل إعلان سوري ببدء مفاوضات سلام. لكن إسرائيل ترفض الانسحاب من جبل الشيخ، وتطلب دعمًا أمريكيًا في هذا الملف.

السعودية وعُمان: بين التجميد والانفتاح

لم تُسجّل السعودية أي تقدم ملموس في ملف التطبيع مع إسرائيل، رغم كونه حلمًا لإدارة بايدن. ويؤكد محللون أن ولي العهد محمد بن سلمان لن يتقدم خطوة واحدة دون وقف شامل للحرب.

بالمقابل، تجري سلطنة عُمان اتصالات نشطة مع إسرائيل، وقد تقود هذه المفاوضات إلى إعلان رسمي عن تطبيع العلاقات بعد انتهاء العمليات العسكرية، ما قد يُشكّل مكسبًا سياسيًا لنتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في حال عاد إلى الواجهة.

الموقف الغامض لحماس في غزة

لا تزال قيادة حماس داخل القطاع متحفظة على هذا المخطط، رغم إشارة بعض قادة الخارج إلى إمكانية القبول به. وهناك تخوف من انقسام داخل الحركة، أو اختلاف في تقييم الثمن السياسي الذي قد تدفعه مقابل الإفراج عن الأسرى ووقف الحرب.

بين المكاسب السياسية التي تُغري إسرائيل، والتنازلات الصعبة التي تُطلب من حماس، تبقى الصفقة المقترحة رهينة مواقف الأطراف المتصارعة، والضمانات التي تقدمها واشنطن لكل طرف. نجاحها يتطلب توافقًا إقليميًا غير مسبوق، وتنازلات من الجميع، فهل يشهد الشرق الأوسط نهاية حرب غزة عبر مداخل التطبيع والانفتاح السياسي؟ أم أننا أمام فصل جديد من المراوغة والمواجهة؟