الفوائد لابن القيم (ص: 3) - النجاح الإخباري - رمضان ولَّى فإنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرنا في مصيبتنا هذه وأعد علينا رمضان أعوامًا عديدة وأزمنة مديدة، لكن من كان يعبد الله في رمضان فقط فإن رمضان يمضي، ومن كان يعبد الله وحده فإن الله حي لا يموت، وإذا كنت قد أحببت رمضان، فاعلم أن حسن العهد من الإيمان، ومن حُسن عهدك برمضـــان ألا تنقض ما بنيته من الصالحات فيه، ولنستقيم على طاعة الرحمن طوال العام ولا نكون فقط من عُبـــَّاد رمضـــان.

واحتسب في عبادتك، أجر الهجرة مع النبي ﷺ لأن الفتن تكثُّر بعد انقضــاء رمضــــان، عن معقل بن يسار : أن رسول الله ﷺ قال: عبادة في الهرج كهجرة إليَّ. [رواه مسلم]

ومن الثـــوابــــت التي سنثبُت عليها بعد رمضــان إن شــــاء الله تعالى ما يلي:

إصلاح الفرائـــض: بالمحافظة على الصلوات الخمس في أول وقتها، يقول الله تعالى في الحديث القدسي: وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضت عليه [رواه البخاري].

والمحافظة على ركعتين قبل الفجر، والدعـــاء وقت السحر، ثمَّ الجلوس من بعد الفجر إلى الشروق، وقول أذكـــار الصبـــاح، فتكون قد أصلَّحت نهارك وحصلَّت رصيد إيماني عال مع بداية يومك.

إصلاح الحـــال مع القرآن: قال تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا [الإسراء:82]، فالقرآن يُطهِّر قلبك من أثر الذنوب التي تقف حائلاً بينك وبين ربك جلَّ وعلا، وبه تتنزل الرحمة التي لن تتمكن من العمل إلا بها.

لذا عليك أن تهتم بإصلاح الجوانب الخمسة التي يحدث بها هجر للقرآن، وهي:

إصلاح التلاوة، فلا يقل وردك بحال من الأحوال عن جزء يوميًا، وإن فاتك وردك يومًا، بحيث لا يمر عليك شهر إلا وقد ختمت تلاوة القرآن.

سمـــاع القرآن: فتتأمل وتُسمِّع قلبك الآيات التي تُتلى، بالأخص في الصلوات الجهرية، وتُخصص وقتاً لسماع القرآن بتدبُّر.

التدبُّر: قال تعالى: أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا [محمد:24]، فالتدبُّر هو الذي سيفتح الأقفال التي على قلبك، فعليك أن تُدوِّن الآيات التي أستوقفتك وتقرأ تفسيرها بعد ذلك .. وأنزِّل نفسك منزلة المُخاطب .. يقول ابن القيم رحمه الله: “إذا أردت الانتفاع بالقرآن فاجمع قلبك عند تلاوته وسماعه، وأَلْقِ سمعك، وأحضر حضور من يخاطبه به من تكلم به سبحانه منه وإليه، فإنه خطاب منه لك على لسان رسوله، قال تعالى: إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ [ق: 37]” [1].

الذكر:
لابد أن يكون لك ورد ثابت للذكر .. من تسبيح واستغفــار وصلاة على النبي وتهليل وتحميد وحوقلة والباقيات الصالحات وأذكار الصباح والمساء، بالأخص في تحركاتك وتنقلاتك .. والذكر من أسباب الثبـــات.

الصُحبـــــة الصـــالحة: يقول تعالى: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا [الكهف: 28]، فالغربة ثقيلة، والإنسان بحاجة إلى التواجد داخل جو إيماني يُنشطه على فعل الطاعات.

كثرة الدعــــــاء: يقول الله جلَّ وعلا: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ .. [البقرة: 186]، فعليك أن ترفع يديك وتستشعر قُرب الله  منك عند دعائك، وبُث إليه شكواك وخوفك من البُعد عنه سُبحـــانه واسأله الثبــــات.

حصِّن الفرائــض بنوافـــل: وتحبب بها إلى الله ، كما قال تعالى في الحديث القدسي: وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه [رواه البخاري].

المصدر: موقع الكلم الطيب (من مقال للشيخ هاني حلمي).