بشار دراغمة - النجاح الإخباري -
في غزَّة بقايا حياة، وأمل تحاصره تجارب الزمان المرَّة، وتسنده حيثما أمكن أخبار جديدة عن المصالحة وتحديد موعد توجّه الحكومة إلى القطاع القابع في مربع الحصار، والمتكئ على ذكريات من حياة قاسية تجاوزت السنوات العشر.
كثيرون في غزة هلَّلوا للتطورات الجديدة، يترقبون وصول الحكومة إلى غزة وعقد جلستها هناك، يقارنون بصمت حالهم الذي يزداد صعوبة تحت جناح لجنة إدارية لم تمارس إلا وظيفة جباية الضرائب و"ما خفي أعظم"، وبين حكومة تمارس مهامها بشكل اعتيادي في الضفة الغربية، حقَّقت نموًّا اقتصاديًّا لم يشهد عهدها تأخُّرًا في تسديد الرواتب، قلَّصت الدين العام، ولم ترفع الضرائب، قطعت شوطًا باتّجاه تقليص الاعتماد على الدعم الخارجي، قلَّلت النفقات العامَّة، وأطلقت أجندة سياسات وطنية واضحة المعالم وتسير تباعًا في تنفيذها،وتمكنت من ضبط الأوضاع الأمنية. 
هكذا يقيس المواطن في غزة الأمور، حتى الحمساويون أنفسهم ينتظرون بشغف ممارسة الحكومة لمهامها ورفع العبء  الواقع عليهم بعد أن ضاقت سبل الحياة في غزة، ولم يعد بوسع حماس مواجهة برميل البارود الذي يزداد الضغط بداخله يومًا بعد آخر، فقدرة الغزيين على الصبر لها حدود ويبدو أن حماس أدركت أنَّ عبور حدود الصبر بات وشيكًا، وبالتالي فإنَّ الذهاب إلى المصالحة هو قرار حمساوي بإنقاذ الحركة قبل أن يكون مطلبًا شعبيًّا من وجهة نظر قيادة حماس.
مهمة الحكومة في غزة لن تكون سهلة ومعبدة بالورود، فكلّ غزّة تنتظر طوق النجاة، وما سيرثه مجلس الوزراء هو حمل ثقيل لم تجرب أيّ حكومة سابقة حمله بهذا الشكل، وهذه الظروف، والمواطن في القطاع يريد تغييرًا فوريًّا في تفاصيل حياته وينتظر أن يغاث الناس، بعد عشر سنوات عجاف.
الثقة عالية بقدرة رئيس الوزراء على تحقيقات التطلعات والأمنيات لأهالي غزة بعد تجربة متميزة في الضفة الغربية، لكن يبقى الأمر مرهونًا بالتفاف الرعاة الإقليميين للمصالحة لتقديم الدعم المالي لانتشال القطاع مما هو فيه، وأن لا يكون هناك عقبات أمنيّة من طرف حماس تعيق عمل الحكومة، خاصة فيما يتعلق بطريقة إدارة الأجهزة التي شكَّلتها حماس، وأن لا تحاول الحركة فرض رؤيتها للحلول فهذا كفيل بإعادة الأمور إلى مربعها الأول.