النجاح الإخباري - حذّرت صحيفة هآرتس العبرية من أن إسرائيل قد تجد نفسها عالقة في حرب طويلة الأمد مع إيران، نتيجة فجوة متزايدة بين الأهداف العسكرية التي وضعتها وبين الواقع الميداني والقدرات المتاحة، خاصة في ظل التحديات التقنية والجيوسياسية المرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني.

 

ووفقاً لتحليل نشرته الصحفية ليزا روزوفسكي، مراسلة الشؤون الخارجية والأوروبية في الصحيفة، فإن غياب الدعم الأمريكي المباشر، خصوصًا في ما يتعلق بضرب المنشآت النووية تحت الأرض مثل فوردو، يجعل الطموح الإسرائيلي المعلن لتدمير البرنامج النووي الإيراني أمراً بعيد المنال، حتى وإن حصلت على دعم جزئي من واشنطن.

 

وتنقل الصحيفة عن مصادر أمنية إسرائيلية تقديرات تفيد بأن إسرائيل قد تنجح في إلحاق ضرر بمنشأة نطنز، لكنها لن تكون قادرة بمفردها على تدمير منشأة فوردو المحصنة، مما يعقّد الموقف الاستراتيجي. هذه التقديرات تأتي في ظل تأكيد مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، أن الضربة الأخيرة على منشأة نطنز أثرت على أجهزة الطرد المركزي نتيجة انقطاع التيار الكهربائي، لكنه لم يتلقَ أي تقارير عن أضرار في فوردو.

 

وكان مصدر غربي مطّلع على البرنامج النووي الإيراني قد صرّح لهآرتس بأن فشل إسرائيل في تدمير منشآت نطنز وفوردو بشكل مستقل يجعل قرارها ببدء المواجهة العسكرية مع إيران “مجازفة خطيرة للغاية”.

 

وفي هذا السياق، أشار موقع “أكسيوس” إلى أن إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة الانضمام إلى المواجهة، في وقت تفتقر فيه تل أبيب إلى الأسلحة اللازمة لضرب منشآت محصنة بعمق، مثل فوردو.

 

مع ذلك، لا يزال لدى صناع القرار في إسرائيل أمل بأن تقبل إيران العودة إلى طاولة المفاوضات بشأن اتفاق نووي جديد بشروط تراها مناسبة، خاصة في ظل إشارات دبلوماسية لافتة ظهرت خلال الساعات الأخيرة.

 

فقد صرّح وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، بأن إيران مستعدة لوقف الهجمات إذا توقفت الاعتداءات الإسرائيلية، ما اعتُبر بمثابة استعداد لوقف فوري لإطلاق النار. كما كشف الرئيس القبرصي، نيكوس خريستودوليديس، عن تلقيه طلباً من طهران لنقل رسائل إلى إسرائيل، وأفاد بأنه تحدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو وقادة في مصر والإمارات واليونان.

 

من جانبه، يرى د. راز زيمت، رئيس برنامج إيران والمحور الشيعي في معهد دراسات الأمن القومي، أن حتى لو نجحت إسرائيل عسكرياً، فإن “المعرفة النووية ستظل في يد إيران”، ما يفرض سيناريو مستقبلياً قائماً على استراتيجية “الحرب بين الحروب”، أي التدخل عند كل محاولة إيرانية لتحسين قدراتها النووية، وإلا فإنها ستستعيد تقدمها خلال فترة قصيرة.

 

ويرى زيمت أن وقف إطلاق النار يخدم مصلحة إيران حالياً، لكنه يحذر في الوقت ذاته من أن الهجوم الإسرائيلي قد يدفع طهران لتسريع جهودها لامتلاك السلاح النووي كضمانة لبقاء النظام.

 

ويضيف أن مطلب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو – الذي يشمل وقف تخصيب اليورانيوم وتدمير البنية التحتية النووية الإيرانية – يمس بشكل مباشر بـ”بوليصة التأمين” التي عملت إيران على بنائها طوال السنوات الماضية. ويرى أن طهران لن تتخلى عن هذه البنية إلا إذا واجهت تهديداً مباشراً وخطيراً لبقاء النظام.

 

وفي ختام التحليل، تشير الصحيفة إلى أن إسرائيل نفسها قد تكون على أعتاب معضلة استراتيجية كبرى: إما إنهاء الحرب والمخاطرة بأن تستأنف إيران مشروعها النووي بقوة، أو الانخراط في حرب طويلة الأمد بلا نهاية واضحة.