ترجمة خاصة - النجاح الإخباري - بعد امتناع الولايات المتحدة عن استخدام الفيتو في مجلس الأمن ضد مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق نار في قطاع غزة في شهر رمضان، بدأ الإسرائيليون المتطرفون الذين يعتمدون على الشعبوية في إثارة تساؤلات عن مدى اعتماد بلادهم على الولايات المتحدة، مطالبين بالاستقلال عن النفوذ الأميركي.

وعارض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشدة قرار إدارة بايدن بالامتناع عن التصويت على القرار والخروج عن التقليد الأميركي المتمثل في استخدام حق النقض ضد الإجراءات التي لا تحبها إسرائيل. 

وردا على ذلك، جمد نتنياهو خططه لإرسال وفد إلى واشنطن لإجراء محادثات حول الدفع بعملية عسكرية في مدينة رفح اقصى جنوب قطاع غزة.

وذهب بعض حلفاء نتنياهو اليمينيين إلى أبعد من ذلك، وتساءلوا عما إذا كانت إسرائيل أصبحت تعتمد أكثر من اللازم على حليفتها الأميركية، داعين إلى رسم مسار أكثر استقلالية.

وقالت الكاتبة الإسرائيلية كارولين غليك، وهي مستشارة سابقة لنتنياهو: "لقد أصبحت إسرائيل تعتمد بشكل مفرط على الأسلحة الأميركية على وجه الخصوص.. إن طبيعة علاقتنا يجب أن تتغير من علاقة دولة تابعة إلى شراكة... أعتقد أن هذا أفضل لكلا الجانبين."

وتعتمد إسرائيل على الولايات المتحدة على جبهات عديدة، منها الدعم المادي بمليارات الدولارات سنويا بالإضافة إلى الأسلحة وتوفير مظلة حماية في المنطقة.

ففي أعقاب أحداث السابع من أكتوبر، ارسلت الولايات المتحدة إلى المنطقة بارجة نووية وسفنا حربية، بالإضافة إلى فتح مخازنها الاستراتيجية للسلاح في تل ابيب أمام الجيش الإسرائيلي، كما قامت بإرسال أكثر من 200 طائرة محملة بالسلاح إلى إسرائيل منذ بداية الحرب.

وترى المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، وكذلك جناحها الوسطي واليساري، أن الدعم الأمريكي لإسرائيل هو حجر الأساس لبقاء إسرائيل. 

وقال عضو مجلس الحرب الإسرائيلي، بيني غانتس يوم الأثنين: "العلاقة الخاصة بين إسرائيل والولايات المتحدة هي ركيزة لأمن إسرائيل وعلاقاتها الخارجية، والحوار المباشر مع الإدارة الأميركية هو رصيد أساسي لا يجب التنازل عنه حتى عندما تكون هناك تحديات وخلافات".

لكن الشقوق بدأت في الظهور، إذ أن أغلبية من اليسار والوسط الإسرائيليين (82.5% و64.5% على التوالي) تؤيد التنسيق مع الأميركيين. ولكن على اليمين، تقول أغلبية تبلغ 64% إن على إسرائيل أن تتصرف فقط وفقا لحكم قيادتها، وفقا لاستطلاع أجراه معهد الديمقراطية الإسرائيلي في مارس/آذار. 

وتقول الكاتبة الإسرائيلية كارولين غليك: "قرار مجلس الأمن كان "معاديا بشدة لإسرائيل" لأنه بعث برسالة إلى حماس مفادها أن بإمكانها الحصول على كل ما تريد دون إطلاق سراح الرهائن".

بعد وقت قصير من إقرار القرار في مجلس الأمن، كتب وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن فير على موقع X: "أم شموم"، وهي عبارة منسوبة في الأصل إلى ديفيد بن غوريون، وتشير إلى أن إسرائيل يجب أن تعتني بنفسها ولا يمكنها الاعتماد على المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة.

ووجه عضو حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو، البرلماني بواز بيسموث، انتقادات أكثر اعتدالا، واصفا التوترات بين الولايات المتحدة وإسرائيل بأنها "خلاف في الأسرة". 

وقال: "إننا نمر بلحظة غير مريحة في العلاقة" ولكننا سنتغلب عليها كما حدث في الماضي مع الإدارات المختلفة.

وقال جون كيربي المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض للصحفيين إن الامتناع عن التصويت لا يمثل "تغييرا في السياسة" بالنسبة للرئيس بايدن. وأضاف: "لا يوجد سبب لأن ينظر إلى هذا على أنه نوع من التصعيد".

وبعد 7 أكتوبر/تشرين الأول، دافع بايدن بقوة عن إسرائيل وسافر للقاء نتنياهو بعد أقل من أسبوعين من الهجمات، وفي ذلك الوقت، تم استقباله بلوحات إعلانية كبيرة على طول الطريق السريع في تل أبيب وعليها صورته والعلم الأميركي وعبارة "شكرا سيدي الرئيس".

منذ ذلك الحين، تسببت الانتقادات المتزايدة من قبل بايدن لعدد الضحايا بين الفلسطينيين في حدوث توترات، وأتاحت للأعضاء الأكثر شعبوية في الحكومة الإسرائيلية المجال للقول بأن إسرائيل لا ينبغي أن تأخذ الرأي العام الدولي في الاعتبار أو أن يعوقها تحالفها مع الولايات المتحدة. 

وفي بداية زيارة وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت إلى البنتاغون يوم الثلاثاء، قال نظيره الأميركي إن حماية المدنيين الفلسطينيين واجب أخلاقي واستراتيجية. 

وفي تصريحات حازمة على نحو غير عادي، وصف وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن الوضع في غزة بأنه "كارثة إنسانية". وحذر أيضا من أن "عدد الضحايا المدنيين في غزة اليوم مرتفع للغاية وأن حجم المساعدات الإنسانية منخفض للغاية".

وقال غالانت إنه أكد خلال الاجتماع على أن إسرائيل لن توقف عملياتها العسكرية في غزة حتى يتم إعادة جميع الرهائن المتبقين. وكتب على موقع X: "فقط النصر الحاسم" هو الذي سينهي الحرب.

وحسب وول ستريت جورنال فقد أذهل رد الحكومة الإسرائيلية ضد إدارة بايدن الوسطيين في إسرائيل، الذين يرون أن استمرار الدعم الأميركي أمر حاسم في هزيمة حماس وضمان عدم حدوث 7 أكتوبر مرة أخرى. 

وقال تشاك فريليتش، نائب مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق: "إن نتنياهو يلعب الآن بأحد العناصر الأكثر أهمية للأمن القومي الإسرائيلي".

وأضاف: "لا يهم مدى جودة جنودك، إذا لم يكن لديهم أسلحة، فسينتهي الأمر"، في إشارة إلى حزم المساعدات العسكرية السنوية التي تتراوح عادة بين 4 و5 مليارات دولار. بالإضافة إلى مليارات كمساعدات اقتصادية.

ويواجه نتنياهو أرقام استطلاعات منخفضة قياسية بعد هجمات 7 أكتوبر، مما دفع بعض المحللين إلى القول إن الزعيم الإسرائيلي يضخم مواجهته مع الولايات المتحدة للفوز بأصوات اليمين. 

و15% فقط من الإسرائيليين يرغبون في رؤيته رئيساً للوزراء بعد الحرب، وفقاً لاستطلاع رأي أجراه معهد الديمقراطية الإسرائيلي في كانون الثاني (يناير). 

وأظهر استطلاع للرأي أجراه (معهد إسرائيل للديمقراطية) في مارس/آذار أن 32% فقط من الإسرائيليين يوافقون على سلوك نتنياهو منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول.

وقال زعيم المعارضة في إسرائيل يائير لابيد: "إن اللامسؤولية التي أظهرها نتنياهو لا يمكن تصورها".

وتابع: "إنه يقوم بتسريع هذه الأزمة فقط لكسب النقاط مع قاعدته".

وقال ألون بينكاس، القنصل العام الإسرائيلي السابق في نيويورك: "يجب أن نشعر بالقلق طالما أنه رئيس الوزراء، فهو يضحي بكل شيء من أجل بقائه السياسي".

ويحاول الزعيم الإسرائيلي أيضًا الدفع بقانون لا يحظى بشعبية يعفي الإسرائيليين المتشددين من الخدمة في الجيش. وكان من المقرر طرح هذا القانون للتصويت يوم الثلاثاء، لكنه تأجل.

نادراً ما استخدمت الولايات المتحدة نفوذها في مجلس الأمن من قبل للتعبير عن عدم رضاها عن إسرائيل. 

وكانت المرة الأخيرة في عام 2016، في عهد إدارة أوباما، عندما امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت على قرار يدعو إلى وقف جميع المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة.