وكالات - النجاح الإخباري - أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن قرار بلاده الاعتراف رسميًا بدولة فلسطين، في خطوة تاريخية تُعد الأولى من نوعها بين الدول الغربية الكبرى، وأثارت ردود فعل متباينة على الصعيد الدولي، لا سيما من إسرائيل والولايات المتحدة.
وفي رسالة رسمية وجّهها إلى رئيس دولة فلسطين محمود عباس، أكد ماكرون أن الاعتراف الفرنسي بالدولة الفلسطينية يأتي في إطار دعم بلاده لحل الدولتين، وتعزيز جهود إحلال السلام العادل والدائم في المنطقة. وأشار إلى أنه سيُصدر إعلانًا رسميًا بهذا الشأن خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر المقبل، داعيًا شركاء بلاده لاتخاذ خطوات مماثلة.
قرار يحمل أبعادًا سياسية وإنسانية
يأتي هذا القرار في ظل تصاعد الاحتجاجات العالمية ضد المجاعة والدمار الذي خلفته الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، والتي أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين، وسط تحذيرات أممية من “مجاعة جماعية من صنع الإنسان”، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية.
ويُنظر إلى الخطوة الفرنسية باعتبارها ذات رمزية سياسية قوية، خاصة أن فرنسا تضم أكبر الجاليات اليهودية والمسلمة في أوروبا، ما يضفي على موقفها بُعدًا خاصًا في التوازنات السياسية الإقليمية والدولية. كما يُتوقع أن تفتح هذه الخطوة الباب أمام دول كبرى كانت مترددة في اتخاذ قرارات مماثلة.
وبذلك، تنضم فرنسا إلى قائمة من الدول الأوروبية التي اعترفت مؤخرًا بدولة فلسطين، أبرزها إسبانيا، أيرلندا، والنرويج، والتي أعلنت اعترافها على أساس حدود عام 1967 مع القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية.
وتشير تقارير دبلوماسية إلى أن دولًا أوروبية مثل بلجيكا ومالطا قد تكون التالية في اتخاذ القرار ذاته، كما يُتوقع أن تزداد الضغوط على دول كبرى مثل بريطانيا وألمانيا وكندا وأستراليا للحاق بهذه الخطوة.
و قوبل القرار الفرنسي برد فعل غاضب من تل أبيب وواشنطن. فقد وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الاعتراف بأنه “مكافأة للإرهاب”، في حين قال وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس إن القرار يمثل “عارًا واستسلامًا”.
أما الولايات المتحدة، فعبرت عن رفضها التام لهذه الخطوة، حيث وصف وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو القرار بأنه “متهور ولا يخدم سوى دعاية حركة حماس”، مضيفًا أنه “يُعد صفعة في وجه ضحايا السابع من أكتوبر”، في إشارة إلى الهجوم الذي شنته حماس عام 2023.
في المقابل، رحّب الجانب الفلسطيني بهذه الخطوة، حيث قال حسين الشيخ، نائب رئيس دولة فلسطين وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، إن قرار فرنسا يعكس “التزامها بالقانون الدولي ودعمها لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة”، مؤكدًا أن هذا الاعتراف يُشكّل مكسبًا سياسيًا ودبلوماسيًا في مسار الكفاح الفلسطيني.
يُذكر أن نحو 144 دولة من أصل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة تعترف رسميًا بدولة فلسطين، من بينها روسيا، الصين، الهند، ومعظم دول الجنوب العالمي. كما كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد منحت فلسطين صفة “دولة غير عضو” في الأمم المتحدة في عام 2012، ما شكل اعترافًا ضمنيًا بالدولة الفلسطينية على المستوى الدولي.
بينما تستمر الجهود الدولية لوقف الحرب الإسرائيلية على غزة، يشكل القرار الفرنسي نقلة نوعية في المشهد السياسي والدبلوماسي، ويُعيد القضية الفلسطينية إلى واجهة الاهتمام العالمي، ويفتح الباب أمام تغيرات محتملة في مواقف دول كبرى، بما قد يعزز من فرص التوصل إلى تسوية سياسية عادلة وشاملة للصراع.