منال الزعبي - النجاح الإخباري - "رغم صغر سني، إلا أن الذاكرة مثقلة بهموم وأوجاع لن تُمحى"، حمدت الله أنها نجت من حرب خطفت آلاف الأرواح بلا رحمة، لتضيف، "الاحتلال قتل الحياة في غزة لم يسلم الأطفال ولا الشيوخ ولا النساء، ولا حتى الأجنة في الأرحام، في داخل كل منا ركام يشبه ركام غزة".

الطالبة مرام عبد المجيد البشيتي في تفاصيل قصتها مع الحرب تروي: " في صباح السابع من أكتوبر كنت أستعد لجامعتي وصارت الحرب"، وتضيف بأسى واضح:"طبعا كنت مفكرة أنه أسبوع بالكثير وتوقف الحرب زي باقي الحروب الي مرت علينا، لكن للأسف الحرب طالت، طالت أكثر من أعمارنا".

حرب حولت قطاع غزة شماله وجنوبه إلى ساحة حرب، تقول: "كانت خان يونس حيث أسكن  تعتبر منطقة آمنة حين نزح إلينا الكثير من الناس، وما أقسى النزوح! هو ضياع وتشتت، شعور فعلي بأنك أصبحت بلا وطن في انتظار الموت!"

وتضيف مرام: "رغم أنّ الأهالي جميعًا أبدوا تكاتفًا غير مسبوق، أعاد لذهني مشهد المهاجرين والأنصار في تكاتفهم وتراحمهم،  "شلنا بعض" أعداد كبيرة من البشر في مكان واحد ضيق لكن "كنا مونسين بعض"، إلا أنَّ الحرب االتي اشتعلت بعظام الأطفال والمدنيين اشتد عودها وصارت أحمى وأقسى، فلم يعد هناك أي مكان آمن في غزة.

وتكمل الحكاية: "ثم شاء القدر أن ننزح إلى مدينة رفح، وكنا من المحظوظين بوجود أقارب هناك، لكن كثير من الناس لا أقارب لهم ولا مكان يأويهم لجأوا إلى المدارس والمشافي والخيام وأحيانًا إلى الشوارع، في تفاصيل مؤلمة يصعب رصدها وحصرها".

"في نزوحنا إلى رفح كنا ثمانية أفراد في غرفة واحدة، ورغم شح الإمكانات من مأكل ومشرب وملبس وشعور بالخوف والجوع لكننا نحمد الله على نعمة المأوى، ولو كان سقفًا يظلنا، بعد أن غادرنا بيوتنا ولا نعلم ما حل بها، كنا ننتظر أي فرصة لنطمئن لكن في خانيونس كان الوضع صعبًا جدًا ، قصف كثيف وأحزمة نارية، وهو الحال ذاته عشناه في رفح، ففي غزة ..أينما تولي وجهك يدرك الموت وأنت ميت حتى لو نجوت، فالحرب أذىً طال الروح والجسد".

في الحرب وفوق الظروف الصعبة والشتات والخوف ورائحة الموت عشنا العوز والجوع في ظل ارتفاع أسعار الأكل بشكل كبير، تقريبًا عشنا على المعلبات، وفي أحسن الظروف دجاج مجمد،  أما الخضار والفاكهة فباتت حلمًا صعب المنال" .

وكما يقال: " كُنا أَقوى من الحياة لكن سَقطَ الصبرُ في الحَنايا شهيدًا"، ولم يعد بمقدورنا الاحتمال أكثر بعد أن تهدم بيتنا، ووُئدت كل الأحلام والذكريات، نزحنا هذه المرة بعيدًا إلى مصر في فرصة لم  تتح للجميع، بتكاليف باهظة لكن أرواحنا أغلى، الإنسان أغلى، هناك ولأن من تربى في غزة لديه من العزم ما يلين الحديد، بدأنا نحاول الحياة من جديد، وفور سماعي بمبادرة جامعة النجاح التي عبَّر اسمها عنها "يدًا بيد" كنت بحاجة إلى يد تنتشل حلمي، وتعيد إليَّ شغفي لأشعر أنني على قد حياة، وكان انتسابي إليها تجربة رائعة ممتعة ومفيدة، رغم ضيق الوقت، إلا أنَّ المحاضرين بذلوا قصارى جهدهم، وأبدوا مرونة عالية تُشهد لهم".

قضينا شهرين في مصر، لم تكن الحياة سهلة أبدًا، لكن وكنوع من أنواع الفرج وكون عمي يعيش في أستراليا تمكن من استخراج فيز واستقطابنا".

حلم مسلوب، ووطن منكوب، وبيت تهدّم قهرًا وظلمًا.. ها نحن الآن في أستراليا، ربما هي حلم للكثيرين إلا أننا لا يمكن أن نشعر بالارتياح ونحن محملين بكل تلك الأوجاع، ولنا في غزة أهل وأحبة تحت القصف والموت"، لا يمكنني التفكير في المستقبل بعد كل ما مرّ ويمر، لكن الأمر كله لله، نسأله المدد والعوض، فحتى لو انتهت كل هالمعاناة كيف ينتهي التفكير بالأهل والصحاب والأحباب ؟ كيف نوقف الحنين لأماكن ألفتها الروح ولم تعد موجودة؟  كيف للإنسان أن يواجه كل هذا الفقدان و المأساة في أيام معدودات ؟!

صور للبيت المهدم: