نابلس - النجاح الإخباري - أطلق الشاعر الشاب مهند ذويب، في متحف محمود درويش بمدينة رام الله، مساء الأحد، مجموعته الشعرية الجديدة "ولا أريكم ما أرى"، الصادرة عن الدار الأهلية للنشر في العاصمة الأردنية عمّان، وقدم لها الشاعر د. المتوكل طه، بحضور نخبة من المثقفين والأدباء والإعلاميين والمهتمين.
وقال المتوكل طه في أمسية إطلاق المجموعة: هذا الديوان، على ما عليه وعلى ما له، يؤكد بأن ثمة شاعراً سيتطاول نصّه، ومع كل قراءة له كنت أشعر بأن هناك رجة ما في مكان مبهم تلامسني كلما انتهيت بقراءة العديد من قصائده، وهو الديوان الذي يبدأ بمدخل عبارة عن مقدمة بليغة عارفة، ولا أدري إن كان ثمة ضرورة لأن يضع الشاعر مقدمة أو مدخلاً لمجموعته الشعرية، وأفضل أن يكتشف القارئ ما سيأتي فيها تباعاً، مع أن المقدمة هنا على بلاغتها وجمالها كانت جريئة، وما إن تبدأ بمفتتح القصائد حتى تتأكد أنك ستدلف إلى فضاء ساحر، وشعر حقيقي.
وأضاف: هذا الديوان يحتوي على غير شكل للقصيدة، وأنا لا أرى أن هناك شكلاً واحداً للشعر، فالشعر أكبر من أشكاله ونظرياته ومن منظريه ومن كل من يتقوّل عليه، فلا تعريف نهائياً أو خالصاً أو جامعاً للشعر .. مهند هنا يمتلك مقومات الشاعر القادر على اجتراح القصيدة المتفتحة كوردة وحشية، حيث تميز اللغة، والإيقاع، والسبك، والصورة، وهو شاعر متأمل قادر على استخراج المعنى البكر غير المسبوق من الحياة اليومية الفائضة بقدرة أغبطه عليها.
وشدد المتوكل طه على أهمية امتلاك ذويب لصوته الخاص، "رغم أنه لم ينج تماماً من مسّ درويش .. نجا منه في غالبية مواقع المجموعة الشعرية، لكنه بقي كالغبش الناعم"، لافتاً إلى أن "إيقاع القصائد هنا سويّ، وإيقاعه الداخلي على خفوته ظاهر متفجر وأحياناً يكون لديه دويّه الخاص، وإن كان ثمة بعض الكسور العروضية تغفرلها له تجربته الأولى",
وأضاف "ثمة فلسفة عميقة مبكرة وملفتة، وقدرة على النفاذ إلى قلب الأشياء، ليستنطقها، ويعرّفها أو يعيد تعريفها، ويستل منها ورداً يقدمه للمتلقي، ليؤكد على قدرته في التقاط لبّ الكستناء من القشرة بشاعرية".
"الحالة الوطنية بعموميتها ومفرداتها بأوجاعها وآلامها وتطلعاتها وأحلامها، تتماهى في قصائد هذه المجموعة بعد تجريدها من المباشرة والخطابية"، أشار طه، ليؤكد "قصيدة مهند نص مثقف، وهاضم للتراث بكل مكوّناته إلى حد كبير، وثمة معرفة مكّنته بالمعنى الجمالي من استحضار مرجعياته، ليعجنها ويبثّها بلغة أنيقة في قصيدته التي لا تخلو من غموض يبتعد عن الإبهام، وهو غموض يتأتى من معرفة زاخرة، وتكرار واع مدرك تتحول تبعاً له الكلمات إلى ثيمات، بحيث يعلو بالمفردة ويشحنها لتكوّن موضوعاً، كما أنه متأمل وساع إلى الحكمة عبر التكثيف، ويمتلك حساسيّة مرهفة".
وأكد الشاعر المتوكل طه أن المخرج "الاستدراك"، قدم كاتباً عميق الرؤية، ليختم: بظني أن هذا المهند عاش في حياة أخرى، وكان فيها أيضاً شاعراً متميزاً.
و كما قدّم الإعلامي أحمد زكارنة قراءة نقديّة في المجموعة، أوضح فيها اختلاف هذه المَجموعة من حيث الشّكل والمضمون، وتفرّدها بصوتٍ داخليّ يعطي النّصوص أبعادًا فلسفيّة، إذ نجت نُصوصه من الخطابيّة المباشرة، وطرحت الموضوعات الوطنيّة والفلسفيّة في مشهدٍ خلفيّ متمكّن.
في حين قرأ ذويب مجموعة من قصائد المجموعة، بعد مقدّمة قصيرة قال فيها: نكتبُ لكي لا نصبح عرضة للنسيان، والاندثار، وأساطير الآخرين، نكتب لأننا نوثق بفردياتنا هذه، نشيدنا وقصائدنا ونصوصنا وقصصنا، الرواية الجمعيّة الفلسطينية، نكتبها بالحبر المسفوح على الورق الذي يلتحم بالذاكرة، وبتراب الأرض، ويتجاوز حدود الزمكان إلى المستقبل، والأجيال القادمة ... إنّ كل هذا الذي بين أيديكم، أو الذي سيكون بين أيديكم وبين أضلعي هو اعتلاء شرعيّ أو مشروع لجبل التجربة، لجبل المحاولة"، ثمّ قام بتوقيع نسخ من مجموعته للحضور، الذين شكرهم عاليًا وجزيلًا.
وصدرت المجموعة عن دار الأهلية للنشر والتوزيع في الأردن، ووقعت في 104 صفحات من القطع المتوسط وصمّم غلافها الشاعر زهير أبو شايب، أما لوحة الغلاف فكانت للفنان محسن داعي نبي من إيران.
وقدمت الفنانة إحسان سعادة قصيدة مغناة من قصائد المجموعة شاركها فيها على آلة العود مُلحن القصيدة محمد الكحلة، كما شارك على الإيقاع حسين أبو الرب.
يذكر أن ذويب كاتب وشاعر فلسطيني، درس اللّغة العربيّة، وكان رئيسًا للمنتدى الثقافيّ والأدبي في جامعة القدس، ويعمل حاليًا في وزارة الثّقافة، له ديوانٌ شعري منشور، وعشرات المقالات في الصّحف والمجلات، وقصيدة تدرّس في المنهاج الفلسطيني الرّسمي.