غازي مرتجى - النجاح الإخباري - كتب غازي مرتجى

*

تحوّل النظام السياسي الفلسطيني عمليًا إلى هياكل "انقسامية" وبات التغنّي بالديمقراطية دربًا من الاستخفاف بالوعي الفلسطيني – إنّ إقرار الانتخابات البلدية سيُعيد "الهيبة الديمقراطية" للدولة الفلسطينية ونجاحها سيُعطي دفعة كبيرة لإمكانية إعلان موعد مُحدد لتجديد الشرعيات المختلفة .

القرار الأخير الذي اتخذته كتلة حماس في التشريعي لتشكيل لجنة إدارية لقطاع غزة يعتبر خطوة جديدة نحو الانفصال النهائي عن ما تبقى من الوطن – والاطلاع على تفاصيل ما تقدمه الحكومة لقطاع غزة رغم عدم تواجدها هناك بشكل كامل يجعلنا نستغرب من هذا القرار فهل ستعمل اللجنة الادارية على سداد ثمن الكهرباء ؟ أم ستقوم بمتابعة التحويلات الطبية ؟ فإن قامت بذلك كيف ستستطيع تمويل ملف إعمار غزة ؟ .

**

لن تقوم الولايات المتحدة بنقل سفارتها إلى القدس , هذه القناعة تولدّت بعد مراقبة التصرفات والقرارات المتناقضة التي يتخذها ترامب منذ رئاسته للولايات المتحدة . "البيزنس مان" الأمريكي سيتمكّن من عقد صفقة سياسية اقتصادية كبيرة خلال العام 2017 ولن يستمر بالتعامل مع "الصراع" بطريقة من سبقوه وسيعمل على تسجيل أول إنجاز له من خلال إعادة إحياء العملية السلمية بأسلوب ونظام جديدين وفي ظل الهجوم الديبلوماسي الفلسطيني سنكون أمام مشهد جديد من حشر إسرائيل بالزاوية  . كل ما سبق يتطلب موقفًا عربيًا جادًا وحقيقيًا فالقمة العربية التي ستعقد في البحر الميت بعمّان ستكون بداية جديدة لموقف عربي سيساعد بلا شك بالضغط على المجتمع الدولي لوقف العنجهية الإسرائيلية التي لا تزال تضرب بعرض الحائط القرارات الدولية ومستمرة بجرائمها ضد الشعب الفلسطيني المغلوب على أمره من الاحتلال دومًا ومن الانقسام غالبًا .

موقف القمة العربية  الذي سيكون شرارة الانطلاق نحو تحرك دولي متصاعد للضغط على العالم لوقف التجاوزات الاسرائيلية والقبول بالمبادرة العربية للسلام يلزمه تحرك أسرع وأكثر جديّة لرأب الصدع الفلسطيني الداخلي , فأطراف الانقسام التي تبتعد يومًا تلو الآخر عن الحُلم الفلسطيني بإقامة الدولة سيتفقان سياسيًا بالمواقف وبشكل رسمي بعد إعلان حماس لوثيقتها خلال الايام المقبلة . حماس التي ترفض ما اتبعته منظمة التحرير "براغماتيًا" ستتخذ موقفًا سياسيًا أكثر ليونة من موقفها الحالي بحسب ما تحدث مقربين منها عبر الإعلام . الغريب في الأمر  أنّ أساس الخلاف المستمر هو "البرنامج السياسي" . هذا "الخلاف" هو الأعقد والأكبر منذ فوز حماس بانتخابات التشريعي . فكلما وصل الطرفين إلى حلول منطقية للإجراءات العملية على الأرض وقف "البرنامج السياسي" عائقًا أمام بدء التطبيق . هذا الموقف الجديد لحركة حماس والتحول نحو الليونة السياسية وقبولها رسميًا بدولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران يُمكن أن يتم استغلاله في الاتجاه الصحيح ولتتوافق الأطراف الفلسطينية على برنامج سياسي مشترك يؤهل لعقد المجلس الوطني والاعلان عن انتخابات برلمانية رئاسية لدولة فلسطين بدلا من حالة الرقص المنفرد الحالية.

 

عودة إلى القمة العربية المُطالبة بتفعيل قرارات "قمة سرت" التي نصّت على ضمانات عربية لمنع انهيار السلطة ماليًا وتفعيل شبكة أمانها المالية .. فهل تفعل ؟

***

في أسوأ الكوابيس لم نتوقع أن تكون ردة الفعل الفلسطينية أمام القرار الإسرائيلي الأخير بمنع الآذان بهذا الصوت الخافت . لماذا لم نر أي تحركات ميدانية أو على الأقل "فيسبوكية" ضد القرار . أم أنّ كي الوعي الفلسطيني وتحول الثقافة العامة نحو لعن كل ما هو فلسطيني سبب صريح لعزوف الجميع عن الوقوف بوجه الاحتلال ؟

 ****

لقد لخصّت الزميلة جيفارا البديري الصورة الفلسطينية المُهترئة داخليًا وشعبويًا .. فهذه الأصوات التي استغلّت حدث اغتيال الشهيد "الأعرج" لتسب وتلعن السلطة نسيت الفاعل الرئيسي وهو الاحتلال . البديري التي كتبت عبر صفحتها الشخصية بوستًا يصلح أن يتحوّل فيلمًا طويلا يمكن تمثيله يوميا بممثلين وكومبارس جُدد أوجزت الوهم الذي نعيش .

لقد وصلت الثقافة الوطنية إلى حضيض التراشق الداخلي وتبرئة الاحتلال . ليس عمدًا بالتأكيد إنما تساوقًا مع مرحلة قذف كل ما هو فلسطيني حتى دون اعتبار لإمكانية تدمير وعي وثقافة وطنيتين فقدنا آلاف الشهداء للوصول لها .

ليس بعيدًا عن ذلك فكُلي أمل أن يخرج القاضي المُكلف بالحكم بقضية الشهيد الأعرج للقول :"اختاره الوطن وسقطت قضيته الشخصية فللقانون رُوح وللشهيد الرحمة ".

هذا ما كتبته البديري على صفحتها الشخصية ..