النجاح الإخباري - كشفت التقارير الإسرائيلية الأخيرة تابعها "النجاح الإخباري" عن تحوّلات عميقة في استراتيجية تل أبيب تجاه قطاع غزة، مع تركيز غير مسبوق على مناورة برية موسّعة بالتوازي مع خطة لإعادة تركيب ديموغرافي للسكان.
ويشير تقرير صحيفة يديعوت أحرونوت إلى أن إسرائيل تستعد لعملية برية بقيادة وحدات مشاة ودبابات من الفرقتين 98 و162، مدعومة بمئات الدبابات والجرافات وناقلات الجنود، في خطة قد تمتد حتى يناير 2026، بهدف السيطرة على لواء مدينة غزة وتدمير شبكة الأنفاق. ويرى محللون أن هذا التوجه يعكس محاولة لإعادة تشكيل الواقع الميداني قبل البحث عن أي حلول سياسية.
الاستعدادات المكثفة والتكتيكات الجديدة
وفق التقارير، تركز الخطط العسكرية على ثلاثة محاور رئيسة:
- تدمير البنى التحتية دون الدخول إليها، عبر تقنيات متقدمة تم تدريب الجنود عليها في قاعدة "تسيئيليم".
- مواجهة حرب العصابات، بتجنب الكمائن والقتال في الأزقة والأنفاق، مع اعتماد تكتيكات مرنة لتقليل الخسائر.
- جدول زمني طويل، حيث من المتوقع أن تمتد العملية حتى يناير 2026 بهدف "حسم لواء مدينة غزة" وتدمير شبكة الأنفاق.
ويرى محللون أن التكيف مع تكتيكات "حماس" يشير إلى تحول نوعي في طبيعة المواجهة، وأن النصر الحاسم قد يظل صعب التحقيق رغم التفوق التكنولوجي والعتاد العسكري، ما يعكس محدودية أهداف العملية مقارنة بتكلفتها البشرية والمادية.
الهجرة كحلّ ديموغرافي وسياسي
تقرير صادر عن إسرائيل هيوم يشير إلى أن إسرائيل تخطط لتشجيع الهجرة من غزة بالتوازي مع العملية العسكرية، من خلال تقديم حوافز محدودة للسكان الراغبين بالمغادرة، في وقت تواجه فيه تل أبيب رفض الدول استقبال المهجرين إلا مقابل صفقات استراتيجية، بما فيها تسهيلات لبيع أنظمة أسلحة. ويرجح مراقبون أن هذه الخطط تهدف إلى فرض واقع ديموغرافي جديد، وقد يرقى ذلك إلى خرق محتمل للقانون الدولي. ويؤكد محللون أن الربط بين المساعدات والعمليات العسكرية يكشف عن استخدام "الإنسانية" كأداة تكتيكية ضمن الاستراتيجية الإسرائيلية.
كما تشير المصادر إلى أن إسرائيل صادرت ربع مليار شيكل من أموال السلطة الفلسطينية لتغطية المساعدات في غزة، ما يعد غطاءً مدنيًا للعملية العسكرية، ويعكس محاولة دمج أهداف عسكرية مع مظهر إنساني.
تحذيرات الجيش من فشل الخطط
أوردت تايمز أوف إسرائيل أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي زامير حذر من غياب رؤية سياسية واضحة لما بعد العملية، مشيرًا إلى أن الإنجازات العسكرية قد تتآكل في حال غياب خطة سياسية شاملة. ويرى محللون أن الانقسام بين القيادة العسكرية التي تدرك حدود القوة، والقيادة السياسية التي تراهن على مغامرات غير محسوبة، يعمّق أزمة الحكم في إسرائيل ويضعف الجبهة الداخلية.
وتشير تقارير معاريف إلى أن أجهزة الاستخبارات (الموساد والشاباك) عارضت عملية اغتيال قيادات في الدوحة، بينما أيدها رئيس الوزراء ووزير الأمن، ما يعكس تصدعات استراتيجية داخل أعلى هرم السلطة. ويضيف محللون أن هذه التوترات الداخلية تضيف أبعادًا جديدة إلى أزمة الشرعية التي تعصف بالنظام السياسي الإسرائيلي.
التكاليف البشرية والمخاطر الميدانية
تشير التقديرات إلى أن العملية قد تتسبب في إصابات كبيرة بين القوات الإسرائيلية، بينما قد يبقى بين 100 و300 ألف مدني محاصرين في مناطق القتال، ما يزيد التعقيد الإنساني والعسكري. ويرجح مراقبون أن استخدام المقاومة لعبوات ناسفة وفخاخ في المدينة سيجعل الاقتحام "بطيئًا وعنيفًا"، مع ارتفاع المخاطر على المدنيين.
التداعيات الإقليمية والدولية
أحدثت عملية الاغتيال في الدوحة صدمة إقليمية امتدت من الخليج إلى العواصم الغربية، إذ أدى الاستهداف المباشر إلى تجميد مفاوضات صفقة الأسرى، وفق معاريف، ما أثار غضبًا قطريًا بدأ يطفو على السطح تدريجيًا. ويرى محللون أن هذه الأزمة تهدد الوساطات الإقليمية ومسار التطبيع العربي، فيما يعكس تصعيد الاستيطان في منطقة E1 بالضفة الغربية، بحسب مصادر عبرية، خطوة لتعزيز الضم الفعلي وقطع أوصال الضفة، مما يقوض فرص إقامة دولة فلسطينية متصلة.
على الصعيد الدولي، تزايدت الإدانات لإسرائيل بسبب استخدام سياسة "التجويع كسلاح"، مع مخاوف من تهجير قسري واسع، وهو ما اعتبره محللون محاولة لإعادة رسم الواقع الديموغرافي بالقوة، وقد يؤدي إلى تحقيقات قانونية دولية. ويرجح مراقبون أن استمرار هذا التوجه سيترك إرثًا من الاستقطاب والدمار يتجاوز غزة ليطال الضفة الغربية والمشهد الإقليمي بأسره.
الاستراتيجية الإسرائيلية
يظهر التحليل أن الاستراتيجية الحالية تتضمن محورين رئيسيين:
- تفتيت القدرة القتالية للمقاومة عبر مناورة برية متدرجة.
- موازاة سياسية تهدف إلى تغييرات ديموغرافية وتهجير جزئي للسكان.
ويرى محللون أن الجمع بين هذين المسارين يرفع المخاطر على المستوى الإنساني والشرعي والدبلوماسي، ويؤكد مراقبون أن هذه السياسة قد تنتج إرثًا طويل الأمد من الاستقطاب والدمار داخل غزة وخارجها، مع انعكاسات على الضفة الغربية والمحيط الإقليمي.
ويرى محللون أن متابعة الملف تتطلب:
- مراقبة دقيقة لتطورات المناورة العسكرية وجدولها الزمني ومصادرها الرسمية وغير الرسمية.
- توثيق حالات النزوح والتهجير وقياس الربط بين المساعدات وسياسات الإجلاء.
- متابعة التحقيقات الدولية والمنظمات الحقوقية حول جرائم الحرب المحتملة.
- تحليل انعكاسات الخطوات الاستيطانية على فرص حل الدولتين ومسار التطبيع الإقليمي.
تبقى غزة والضفة الغربية ساحة يُمارس فيها الضغط السياسي والديموغرافي، بينما يراقب المجتمع الدولي التطورات عن كثب، وسط مخاطر محتملة قد تشكل معالم المنطقة لسنوات قادمة.