النجاح الإخباري - تصاعدت لغة التهديد في الخطاب السياسي الإسرائيلي، مع اقتراب موعد العملية البرية في مدينة غزة التي تصفها إسرائيل بأنها "المعقل الأخير لحماس". ففي تصريحات نقلها موقع "واي نت" التابع لصحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، حذّر وزير جيش الاحتلال "كاتس" من أنّ المدينة مهددة بمصير مشابه لما حلّ برفح وبيت حانون إذا لم توافق حماس على شروط إسرائيل.

كاتس قال إن "أبواب الجحيم ستُفتح قريبًا على حماس في مدينة غزة" في حال لم تُسلّم الحركة بكل شروط الاحتلال، وعلى رأسها إطلاق سراح جميع الأسرى ونزع سلاحها. وأوضح خلال اجتماع للحكومة، أنّ المؤسسة الأمنية صادقت بالفعل على خطط الجيش "لهزيمة حماس في غزة".

تأتي تهديدات كاتس بعد يوم واحد فقط من إعلان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أنه منح الضوء الأخضر لشن عملية واسعة النطاق للسيطرة على مدينة غزة. نتنياهو شدّد خلال جولة ميدانية مع قواته في القطاع على أنّ الحرب لن تتوقف إلا وفق "شروط إسرائيل"، مضيفًا أنه وجّه ببدء مفاوضات "فورية" لإطلاق سراح جميع الأسرى وإنهاء الحرب بما يخدم الأجندة الإسرائيلية.

وفي متابعة خاصة لـ"النجاح الإخباري" لما أورده الإعلام العبري، يتضح أن إسرائيل تُسرّع خطواتها نحو مرحلة جديدة من الحرب في قطاع غزة، حيث يستعد الجيش لعملية برية وُصفت بأنها "الأخطر والأكثر تعقيدًا" في قلب مدينة غزة، فيما يحاول رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو تسويق خيار مزدوج يقوم على "حسم حماس وتحرير الأسرى بشروط إسرائيلية". هذا المشهد – بحسب ما كشفت تقارير صحيفتي يديعوت أحرونوت ويسرائيل هيوم يكشف حجم التوترات الداخلية والتحديات الميدانية التي تواجه المؤسسة العسكرية والسياسية على حد سواء.

 

مركبات جدعون ب: تسطيح الأبراج وملاحقة الأنفاق

بحسب تقرير يديعوت أحرونوت للصحفي يواف زيتون، فإن جيش الاحتلال صادق عبر الكابنيت على خطة "مركبات جدعون ب"، التي ستركّز القتال في مدينة غزة، حيث تُوصف بأنها "المعقل الأخير لحماس".
وتكشف مصادر عسكرية أن الاستعدادات تشمل:

  • تسوية آلاف المباني بالأرض، بما فيها أبراج من 10 إلى 15 طابقًا، خصوصًا في أحياء صبرا والرمال والشيخ عجلين.
  • تفجير أنظمة أنفاق جديدة تقول إسرائيل إن حماس أعادت حفرها حتى في مناطق سبق أن اجتاحها الجيش.
  • تحديات لوجستية تتمثل في حاجة الجيش إلى كميات ضخمة من المتفجرات وأدوات هندسية متآكلة بفعل الحرب الطويلة منذ السابع من أكتوبر.

ونقلت الصحيفة عن قائد رفيع قوله: "المباني تمنح المسلحين إمكانية الخروج من الأنفاق وحفر أخرى جديدة في سرية… لذلك التسطيح ليس خيارًا بل ضرورة عملياتية".

تعب الاحتياط وتصدعات داخلية

تقرير يديعوت أشار أيضًا إلى تزايد الإرهاق بين جنود الاحتياط الذين استُدعوا أكثر من مرة منذ الحرب. بعضهم عبّر عن تململه من غياب "توزيع عادل للتضحيات"، في ظل استمرار إعفاء فئات مثل الحريديم.
كما نقلت الصحيفة انتقادات لضبابية القيادة السياسية، وصراعات بين وزير الأمن يوآف كاتس ورئيس الأركان هرتسي زمير، وهو ما يزيد حالة الإحباط لدى الجنود.

نتنياهو: المفاوضات تحت النار

في موازاة ذلك، كتبت صحيفة يسرائيل هيوم أن نتنياهو أعلن بدء مفاوضات "فورية" لتحرير الأسرى، لكنه ربطها بشكل مباشر بإنهاء الحرب وفق شروط إسرائيل.
وفي كلمة مسجلة من فرقة غزة، قال: "حسم حماس وتحرير كل أسرانا يسيران جنبًا إلى جنب".

التقرير أوضح أن نتنياهو لم يعد يقبل بصفقة جزئية أو هدنة محدودة، بل يطرح خيارًا واضحًا: إما تفاهمات شاملة، أو استمرار العملية العسكرية نحو احتلال مدينة غزة والتقدم بعدها إلى مخيمات الوسط.

الميدان يسبق التفاوض

وبحسب التقديرات التي استعرضها الكابنيت، فإن الجيش يتوقع أن يفر معظم مسلحي حماس جنوبًا مع حركة النزوح القسري إلى المواصي، بينما تبقى مجموعات محدودة للقتال داخل المدينة.
ورغم إعلان نتنياهو عن المفاوضات، شددت الصحيفة أن الجدول الزمني لاحتلال غزة قُدّم بالفعل، وأن العمليات لن تتوقف بانتظار أي اتفاق.

وبينما يواصل الاحتلال تصعيد غاراته الجوية التي دمّرت مئات المباني في قلب المدينة، تبرز مخاوف جدّية من أن يكون الفلسطينيون على أعتاب فصل دموي جديد يجمع بين الاجتياح البري والمساومات السياسية على حساب دماء المدنيين.

من تسطيح الأبراج في قلب غزة إلى وعود نتنياهو بتحرير الأسرى، تكشف القراءة في الإعلام العبري أن إسرائيل تمضي نحو فصل جديد أكثر دموية، يجمع بين التصعيد الميداني والمساومات السياسية. غير أن الأسئلة تبقى مفتوحة: هل ينجح الاحتلال في فرض "حسم عسكري" لم تحققه حروبه السابقة؟ أم أن غزة ستظل، كما تصفها حتى تقاريرهم، عقدة لا تُفكّ، ومعضلة تنهك جيوشهم وخططهم؟