النجاح الإخباري - تواصل الأزمة الإنسانية والسياسية في قطاع غزة تصاعدها في معركة شديدة التعقيد، وسط مفاوضات عسيرة بين إسرائيل وحماس لإتمام صفقة تبادل الأسرى، وفي ظل توترات عميقة داخل المؤسسة السياسية والعسكرية الإسرائيلية، وتفاعل متصاعد من المجتمع الدولي. يقدم هذا التقرير رؤية شاملة حول الاستراتيجيات المتباينة وتأثيراتها المتشابكة. اعتمادا على تحليل دقيق لمواد وتقارير الصحافة صحفية العبرية الرسمية، مع دعم بمصادر دولية.
صفقة الأسرى وحسابات الربح والخسارة
تشير صحيفة هآرتس إلى أن المفاوضات وصلت إلى مأزق حقيقي، بعد إعلان إسرائيل سحب فريق التفاوض من الدوحة، رداً على مواقف حماس التي وصفتها إسرائيل والولايات المتحدة بأنها "متصلبة" وغير قابلة للتفاوض. جاء في التقرير:
"بيان مكتب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أكد أن مواقف حماس غير قابلة للتفاوض، ورفض الرد الثاني الذي بدا واعدًا في البداية" (هآرتس).
كما يتهم التقرير حركة حماس، بقيادة زعيمها الجديد عز الدين حداد، باستغلال الأزمة الإنسانية المتفاقمة في القطاع كورقة ضغط لرفع سقف مطالبها، وهي تسعى للحصول على ضمانات تمنع إسرائيل من تكرار "خديعة" مارس الماضي، عندما تجدد القتال بدلاً من تمديد الهدنة.
بينما ترى صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن حماس ترى في الانتقادات الدولية المتزايدة لإسرائيل بسبب الأزمة الإنسانية فرصة للضغط على تل أبيب لإجبارها على تقديم تنازلات، في حين تصر إسرائيل على موقفها الحازم، معتبرة أن أي تنازل سيشجع مزيدًا من الإرهاب."
تؤكد هذه المصادر أن التفاوض يواجه تحديات جوهرية: من جهة، رغبة إسرائيل في إنهاء الحرب وفق شروطها الأمنية والسياسية، ومن جهة أخرى، تمسك حماس بأسرى متعددين كحجر أساس في الصفقة
الأزمة الإنسانية في غزة: مأساة حقيقية وجدل سياسي
تشير التقارير الإسرائيلية إلى ازدياد حدة الأزمة الإنسانية في القطاع، مع نقص حاد في الغذاء والدواء، ونقص في المساعدات الإنسانية، مما دفع منظمات دولية ووكالات أممية إلى التحذير من كارثة وشيكة. ففي تقرير لمنظمة يونيسيف:
"الوضع الإنساني في غزة حرج للغاية، مع تهديد حقيقي بمجاعة وندرة في خدمات الرعاية الصحية، مما يهدد حياة مئات الآلاف من الأطفال والنساء."
وعلى الرغم من محاولات إسرائيل السيطرة على توزيع المساعدات الإنسانية عبر صندوق أميركي، فإن تقرير نشرته صحيفة هآرتس العبرية يؤكد وجود "إخفاقات وفجوات كبيرة في التوزيع"، مع تركيز نقاط التوزيع في جنوب القطاع، مما يزيد من معاناة السكان.
وفي تصريحات لمسؤول أمني إسرائيلي رفيع:
"الوضع في غزة يشبه السير على حبل رفيع جدًا، مع احتمال تدهور الأوضاع إلى كارثة بسرعة" وفق هآرتس.
أما جيش الاحتلال الإسرائيلي، فيصر على أن "الصور الإعلامية التي تُظهر المجاعة هي صور مفبركة أو من مناطق كوارث أخرى"، ويتهم حماس باستخدام الأزمة للضغط السياسي.
الداخل الإسرائيلي هش
وتشهد المؤسسة الإسرائيلية خلافات سياسية وعسكرية متزايدة تعكس تعقيد المشهد. فوفقًا لتقرير نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت تم تعيين بوعاز بيسموت، وهو شخصية سياسية متملقة لنتنياهو، كرئيس لجنة الرقابة الخارجية على المؤسسة الأمنية في الكنيست، رغم افتقاره للخبرة، مما يثير القلق بشأن جودة الرقابة في ظل الحرب.
في الوقت ذاته، تكشف صحيفة معاريف عن صراع متصاعد بين الأحزاب الحريدية والليكود بسبب قانون "التهرب من الخدمة"، الذي لم يُمرر بعد، رغم الأعباء المتزايدة على الجيش، الذي يعاني نقصًا كبيرًا في جنود الاحتياط، وسط أطول حرب في تاريخ إسرائيل.
وفي تصريحات وزير جيش الاحتلال "يسرائيل كاتس":
"قادة حماس في الخارج يحتفلون في القصور، وسيفتحون أبواب الجحيم إذا لم يُطلق الأسرى قريبًا"
كما أشار وزير التراث عميحاي إلياهو إلى:
"الحكومة تتجه نحو محو غزة، وستكون كل غزة يهودية" وفق هآرتس.
هذه التصريحات تعبّر عن توجهات سياسية وتصعيد خطابي يفاقم الأوضاع ويعكس السياسة الإسرائيلية الصارمة تجاه القطاع.
ويرصد تقرير هآرتس خلافات عميقة داخل الجيش الإسرائيلي حول استراتيجيات القتال، حيث يعتمد القادة على تدمير المباني تفاديًا لخسائر الجنود، وسط تهديد العبوات الناسفة التي تُركب باستخدام ذخائر إسرائيلية لم تنفجر.
يُذكر أن:
"الجيش يُلقي أكثر من ألف قنبلة وصاروخ جوي أسبوعيًا في القطاع، وسط توترات مستمرة بين قيادة سلاح الجو وقيادة المنطقة الجنوبية" بحسب هآرتس.
هذه العمليات تسببت في دمار واسع وارتفاع أعداد الضحايا المدنيين، مما يزيد من التوتر السياسي والإنساني.
تصاعد الردود
تشير تقارير الأمم المتحدة إلى تزايد الاحتجاجات والتضامن الدولي مع غزة، منها منع رسو سفينة سياحية إسرائيلية في اليونان، واستجواب مواطنين إسرائيليين في بلجيكا بشبهة التورط في جرائم حرب.
وفي تحليل منشور في تقرير منظمة العفو الدولية:
"تصاعد ردود الفعل الدولية يعكس فقدان الصبر مع التصرفات الإسرائيلية، وقد يشكل تحديًا سياسيًا دبلوماسيًا أمام الحكومة الإسرائيلية".
هذه التطورات تضع إسرائيل أمام ضغط دولي متزايد، يكرّس دور حماس كلاعب رئيسي في ميدان التفاوض، ويمنحها هامشًا أوسع للتمسك بمطالبها. في الوقت ذاته، تغرق قضية غزة في مأساة إنسانية متفاقمة؛ مجاعة تهدد حياة عشرات الأطفال يوميًا، وحالة كارثية متصاعدة يدفع ثمنها أبرياء القطاع بكل قساوة. بهذا، يتداخل الحساب السياسي مع الألم الإنساني، ليزيد من تعقيد المشهد ويجعل البحث عن حلول عاجلة ومستدامة ضرورة لا تقبل التأجيل.
المصادر
- هآرتس، عاموس هرئيل، "حماس تطمح إلى ترجمة الأزمة الإنسانية في القطاع إلى تنازلات إسرائيلية في المفاوضات"، 24 يوليو 2025.
- يديعوت أحرونوت، "حماس تستغل الأزمة الإنسانية للضغط على إسرائيل"، 22 يوليو 2025.
- معاريف، "خلافات داخل الحكومة الإسرائيلية حول تعبئة الجيش وقانون التهرب من الخدمة"، 22 يوليو 2025.
- منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، تقرير الوضع الإنساني في غزة، 20 يوليو 2025.
- منظمة العفو الدولية، تقرير حقوق الإنسان، 23 يوليو 2025.