النجاح الإخباري - في الوقت الذي يناقش فيه الكنيست الإسرائيلي اليوم مشروعًا رمزيًا لفرض "السيادة" على الضفة الغربية باعتبارها جزءًا من "الوطن التاريخي للشعب اليهودي"، يعيش الفلسطينيون أزمة اقتصادية ومعيشية حادة لا تقل وطأة عن الصراع السياسي. فقد حُرم أكثر من 90% من عمال الضفة من تصاريح العمل في إسرائيل منذ هجوم 7 أكتوبر، في حين تستمر تل أبيب في تعزيز الروابط التجارية مع الضفة، مستخدمة هذه السيطرة السياسية تحت غطاء "أمن الدولة".

الكنيست يصوّت... والائتلاف يهتز

وأوردت الصحافة العبرية اليوم الأربعاء أن الكنيست ناقش اليوم مشروع قرار تقدّمت به أحزاب يمينية مثل: "الليكود والصهيونية الدينية وعوتسما يهوديت"، يدعو إلى فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية. ويصف هذا المشروع الضفة بـ"جزء لا يتجزأ من الوطن التاريخي للشعب اليهودي"، وهو قرار رمزي لا يحمل قوة قانونية ملزمة لكنه يعكس توجهًا سياسيًا تصعيديًا. بحسب يدعوت أحرنوت العبرية.

وجاء في الترجمات للصحف والتقارير العبرية اليوم أنه رغم الدعم الكبير من وزراء اليمين الإسرائيلي المتطرف، أعلن أعضاء في الأحزاب الحريدية مثل "يهدوت هتوراه" معارضتهم، معتبرين أن القرار بلا معنى عملي حقيقي.

معاناة وحصار على الأرض

ووفق تقرير أعدته "Times of Israel"، فقد شهدت الضفة الغربية تراجعًا حادًا في تصاريح العمل الممنوحة للفلسطينيين، حيث انخفض عدد العمال الذين يدخلون إلى الأراضي المحتلة "إسرائيل" لأداء أعمالهم بنسبة تقارب 90% منذ أكتوبر 2023. حُظر دخول العمال إلى قطاعات حيوية مثل البناء والزراعة، ما تسبب في بطالة جماعية وانهيار اقتصادي واسع.

وجاء في التقرير أن أحد العمال واسمه محمد أبو زهرة، قال: "لا يوجد أي دخل – صفر. لم أعمل منذ سنتين. بعنا الذهب، واستلفنا من الأصدقاء، وكتبنا شيكات مؤجلة."

لقمة مغمسة بالدم

في ظل غياب البدائل، يلجأ آلاف العمال إلى التسلل إلى داخل إسرائيل عبر حواجز وجدران، معرضين حياتهم لخطر الاعتقال أو إطلاق النار، وفق تقديرات أمنية إسرائيلية تذكرها "Times of Israel" بأن أكثر من 40,000 فلسطيني يعملون دون تصاريح في الداخل المحتل، وهو ضعف عدد العمال قبل الحرب. أحدهم يؤكد: "لو كان طفلي في البيت جائعًا – سأفعلها مجددًا." 

تبعية اقتصادية خانقة

رغم التراجع في العمالة الفلسطينية، تؤكد بيانات نشرها الصحف العبرية ومجموعة أبحاث "تمر" أن الاقتصاد الفلسطيني بقي مرتبطًا اقتصاديًا بإسرائيل، حيث يأتي 60% من الواردات الفلسطينية من إسرائيل، و87% من صادرات الضفة تُتجه للسوق الإسرائيلي أو تمر عبره. هذه التداخلات الاقتصادية تخلق تبعية عميقة تعيق الاستقلال التنموي الفلسطيني.

خسائر إسرائيلية

كما تشير التقارير المدرجة في الصحف العبرية "Times of Israel" اليوم إلى أن غياب العمال الفلسطينيين أدى إلى خسائر مالية فادحة في قطاعات البناء والزراعة تصل إلى مليارات الشواكل. ومع ذلك، يرى خبراء الأمن أن استمرار وجود العمال الفلسطينيين في إسرائيل يمنع تصاعد الأزمات الأمنية، حيث إن "الجوع يولّد اليأس، واليأس يولّد التطرف." 

ضم متصاعد وضغط يومي

هذا النقاش البرلماني لا يجري في فراغ؛ بل يتزامن مع إجراءات ميدانية لفرض السيطرة، تشمل هدم المنازل، وقف البناء الفلسطيني، وتشديد القيود على الحركة، كما رصدت تقارير صحفية 

بينما يناقش الكنيست مشروعًا رمزيًا لضم الضفة الغربية، يعيش الفلسطينيون أزمة اقتصادية خانقة تهدد فرص حياتهم الكريمة. الاقتصاد الفلسطيني يُدار داخل اقتصاد إسرائيلي، والسياسة الإسرائيلية تسير في اتجاه دمج الضفة بشكل فعلي، وإن لم يكن رسميًا بعد، عبر تقييد الحركة، تدمير البنية التحتية، وإضعاف القدرة الاقتصادية.

في غياب حل سياسي دولي حقيقي، تتحول المعاناة الفلسطينية إلى جزء من سياسة متعمدة لإعادة رسم حدود السيطرة على الأرض والإنسان، لتبقى الضفة الغربية اليوم على صفيح ساخن سياسيًا وإنسانيًا.