النجاح الإخباري - منذ اندلاع الحرب الدامية على قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023، تشهد الأوضاع الداخلية في قطاع غزة حالة متفاقمة من الفوضى والانفلات الأمني، وسط تقارير عن انتشار النهب والسرقة وازدياد نشاط اللصوص وتجار الأزمات. ويُنظر إلى هذا الواقع بوصفه "مأزومًا ومقلقًا"، في ظل اتهامات لإسرائيل بالسعي المتعمد لتفكيك النسيج المجتمعي في غزة، عبر تغذية الفوضى وتعميق الانقسام الداخلي بين المدنيين والفصائل الفلسطينية.
وفي هذا السياق، برزت مجموعة "ياسر أبو شباب"، كأحد أبرز التشكيلات المسلحة التي تحظى بدعم إسرائيلي غير مباشر، وقد اعترف رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بدعم إسرائيل جماعة مسلحة في غزة تُعارض "حماس"، من دون أن يُسميها. لكن وسائل إعلام إسرائيلية قالت إنها مجموعة "القوات الشعبية" التابعة "لأبو شباب".
مجموعات مسلحة جديدة في الشجاعية وخان يونس: يرأسها ياسر حنيدق ورامي حلس
فيما كشف موقع صحيفة يديعوت أحرنوت أنّ مجموعتين مسلحتين جديدتين، محسوبتين على حركة "فتح"، تنشطان حالياً في قطاع غزة بتنسيق ودعم مباشر من جيش الاحتلال، بهدف العمل ضد حماس.
ووفقاً للموقع، فإنّ إحدى هاتين المجموعتين تعمل في مدينة غزة، وتحديداً في حي الشجاعية، بينما تنشط الأخرى في مدينة خان يونس جنوبي القطاع، وهما منطقتان تنتشر فيهما قوات الاحتلال بشكل مكثف ضمن عملية "عربات جدعون".
وفي ذات السياق، أشار الموقع إلى أن المجموعات الجديدة يرأسها ياسر حنيدق ورامي حلس، وهما من عناصر حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) ويتقاضيان رواتب من السلطة الفلسطينية، مشيرة إلى أن مجموعتا ياسر حنيدق ورامي حلس تعملان ضد حماس بقطاع غزة بالتنسيق مع جيش الاحتلال، وتتلقيان السلاح والمساعدات الإنسانية من إسرائيل، وفق زعم الصحيفة.
ووفقاً ليديعوت فإن حلس ينتمي لعائلة كبيرة معادية لحماس منذ 2007، ومن أبرز شخصياتها القيادي في اللجنة المركزية للحركة، أحمد حلس (أبو ماهر)، المقرّب من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، من جانبها، أصدرت عائلة حلس بيانا تبرأت فيه من العمل مع الاحتلال.
مجموعات مسلحة تعمل بدافع الانتقام من حماس
وتشير ذات المصادر بأن مجموعة ياسر حنيدق تتحرك بدافع الانتقام لمقتل العقيد السابق في الأمن الوقائي سلامة بربخ، الذي قتل على يد عناصر حماس عام 2007، وكان محسوبًا على التيار المناهض لـ"حماس" داخل "فتح".
ورجّح موقع صحيفة يديعوت أحرنوت أن يعمد الجيش إلى "توسيع هذا النمط من التعاون مع جهات محلية معادية لحماس كلما أُتيحت الفرصة"، رغم تصريحات نتنياهو المتكررة بأنّ "إسرائيل لن تسمح بقيام حماستان أو فتحستان في غزة".
حماس تمهل ياسر أبو شباب 10 أيام ليسلم نفسه
وكان ياسر أبو شباب، وهو من مواليد 1990 ومن سكان رفح في جنوب قطاع غزة، قد شكل مجموعات مسلحة باسم "القوات الشعبية" مقرها في المنطقة الشرقية الجنوبية في رفح، الخاضعة لسيطرة جيش الاحتلال الإسرائيلي، حيث ينشط عناصرها.
وقد أمهلت حركة حماس، الأربعاء، أبو شباب، 10 أيام لتسليم نفسه إلى الجهات المختصة في قطاع غزة، تمهيدا لمحاكمته بتهم تتعلق بـ"الخيانة والتخابر مع جهات معادية، وتشكيل عصابة مسلحة".
وقالت ما تسمى بهيئة القضاء العسكري في بيان، إن "المحكمة الثورية بغزة قررت طبقا لأحكام قانون العقوبات الفلسطيني رقم 16 لسنة 1960، وقانون الإجراءات الثوري لسنة 1979، إمهال المتهم 10 أيام لتسليم نفسه للجهات المختصة، من تاريخ اليوم الأربعاء 2 تموز/ يوليو".
وأوضحت المحكمة أن أبو شباب يواجه ثلاث تهم، هي "الخيانة والتخابر مع جهات معادية خلافا لنص المادة (131)، وتشكيل عصابة مسلحة خلافا لنص المادة (176)، والعصيان المسلح خلافا لنص المادة (168)" من القانون الفلسطيني.
وأضافت "في حال عدم تسليم نفسه، يعتبر فارا من وجه العدالة ويحاكم غيابيا".
وتابعت "على كل من يعلم بمحل وجوده أن يخبر عنه، وإلا يعتبر متسترا على مجرم فارّ من وجه العدالة".
في المقابل، نقل موقع صحيفة يديعوت أحرنوت عن مصادر أمنية أن جهود ياسر أبو شباّب وعناصره – البالغ عددهم نحو 400 عنصر حتى الآن – "لم تنجح في توسيع المشروع وإنشاء جهة سلطوية فعلية، حيث لا يزال نشاطهم محصوراً في المنطقة العازلة قرب رفح، دون أن يتمكنوا من فرض حضور فعلي خارجها".
ليبرمان: إسرائيل تسلح عصابات في غزة
وفي يونيو الماضي، نقلت الإذاعة الرسمية الإسرائيلية عن زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" اليميني المتطرف، أفيغدور ليبرمان، قوله إن إسرائيل سلمت أسلحة لعصابات في قطاع غزة بأمر من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة.
وقال ليبرمان إن "إسرائيل نقلت بنادق هجومية وأسلحة خفيفة إلى مليشيات إجرامية في غزة"، مؤكدا أن هذه الخطوة تمت "بأوامر من نتنياهو".
وأضاف أن تسليح عصابات إجرامية في غزة لم يحصل على مصادقة المجلس الوزاري المصغر، مؤكدا أن رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) يعلم بالأمر.
وأردف "لكنني لست متأكدا من أن رئيس أركان الجيش ( إيال زامير) كان يعلم، نحن نتحدث عن ما يُعادل (تنظيم الدولة الإسلامية) داعش في غزة".
وأضاف ليبرمان محذرا "لا أحد يضمن عدم توجيه هذه الأسلحة إلى إسرائيل. ليس لدينا أي وسيلة للمراقبة أو التتبع".
وتدلل المعطيات السابقة على تعقيدات المشهد الأمني والسياسي في قطاع غزة،في ظل محاولات إسرائيلية واضحة لتفكيك سلطة حماس، وسط تحذيرات من انزلاق القطاع نحو مزيد من الفوضى والصدام الداخلي.