النجاح الإخباري - تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي اقتحامها لمدينة نابلس في إطار عملية عسكرية واسعة استُشهد خلالها شقيقان فلسطينيان يوم الثلاثاء في اقتحام الاحتلال لللبلدة القديمة وأحياء عدة في المدينة ، ووقعت عشرات الإصابات جراء اعتداءات الاحتلال التي امتدت إلى الفرق الطبية والصحفيين، في حين أُصيب 4 جنود إسرائيليين.

وقال الصحفي والمختص بالشأن الإسرائيلي محمد أبو علان إن الاجتياح الإسرائيلي الأخير لمدينة نابلس، والذي أسفر عن استشهاد شقيقين بدمٍ بارد، لم يأتِ في سياق أمني حقيقي كما يدّعي الاحتلال، بل في إطار استعراضي وتدريبي لرفع جاهزية قواته في المناطق المأهولة بالسكان، مضيفًا: "نابلس لم تكن تتحضّر لمفاعل نووي كي يقتحمها الاحتلال بهذا الشكل الوحشي، لكنها كانت تستعد ليوم جديد من الحياة فقط."

 لا أسلحة.. لا مطلوبين.. فقط دم

ولم يعلن جيش الاحتلال، كعادته، عن ضبط أسلحة أو اعتقال مطلوبين خلال اقتحامه لبلدة نابلس القديمة، ما ينسف الذريعة الأمنية التي يسوقها الاحتلال لتبرير كل عملية اقتحام، بحسب أبو علان.

ويؤكد أن الهدف لم يكن سوى استعراض القوة، وتوجيه رسالة مفادها: "نحن نستطيع اقتحام أي مدينة، في أي وقت، دون قيد أو شرط".

وأضاف: "الاحتلال يريد الحفاظ على حرية حركته في المدن الفلسطينية، ويمنع نشوء أي بنى مقاومة مستقبلًا داخل المدن، لهذا يقتحم ويعدم ويهدم متى شاء."

 رسالة مزدوجة: للداخل الإسرائيلي وللفلسطينيين

ويرى أبو علان أن الاجتياح لم يكن موجّهًا فقط للفلسطينيين، بل حمل أيضًا رسالة إلى الداخل الإسرائيلي، مفادها أن "الجيش يعمل في الضفة ويمنع تنفيذ العمليات"، بحسب ما أوضح أبو علان، مشيرًا إلى أن صحفيين إسرائيليين رافقوا الجيش خلال الاقتحام، منهم "إيتي بلومنتل" مراسل قناة "كان" العبرية، لتوثيق العملية إعلاميًا وكسب الرأي العام.

إعدام الشقيقين على الهواء

وخلال الاجتياح الذي دام نحو 36 ساعة، فتش جنود الاحتلال أكثر من 300 منزل، وصادروا قطعة سلاح بدائية واحدة (كارلو)، بينما أعدموا الشقيقين بدم بارد بذريعة محاولتهما سحب سلاح جندي، وهو ما تم نفيه عبر فيديوهات متداولة. كما أصيب أربعة جنود "بطريق الخطأ" بنيران صديقة، ما يؤكد ارتباك الجيش وارتجالية العملية.

ويرى أبو علان أن هذه العمليات ليست سوى تدريبات ميدانية حقيقية للجيش الإسرائيلي، تُجرى داخل المدن والمخيمات الفلسطينية: "نحن حقل تجارب دائم لجنود لم يولدوا بعد حين استُشهد أمين لبادة، ومع ذلك اقتحموا بيته مجددًا قبل أيام، وكأنهم يعيدون كتابة فصول الدم بحذافيرها."

 طوباس الصغيرة.. 101 شهيد منذ بدء العدوان على غزة

وسلّط أبو علان الضوء على محافظة طوباس التي تُعد من أصغر المحافظات سكانًا، لكنها فقدت منذ بداية عدوان الاحتلال على غزة أكثر من 100 شهيد، آخرهم رائد بشارات، الشاب من ذوي الإعاقة الذي اغتاله الاحتلال مؤخرًا في طمون، وهو "دليل إضافي على انتفاء أي قيمة للإنسانية في سياسات جيش الاحتلال"، حسب تعبيره.

وأوضح أبو علان أن العمليات الميدانية في الضفة الغربية تسير جنبًا إلى جنب مع مشروع استيطاني متسارع، يشمل توسيع المستوطنات وضم ما يصل إلى 65% من الضفة، بحسب ما تسرب عن لقاءات مسؤولين إسرائيليين مع نظرائهم الأميركيين، والحديث عن تفتيت ما تبقى إلى "20 كانتونًا منفصلًا"، يمنع تشكيل كيان فلسطيني موحّد.

 تشويش الحياة.. وقتل الإحساس بالأمان

وأنهى أبو علان حديثه بالتأكيد على أن الاحتلال يسعى من خلال هذه العمليات إلى ضرب روتين حياة الفلسطيني، وتعطيل المدارس، والعيادات، والمحلات، وبث الرعب في قلب كل من يحاول أن يظن أن الصباح في بلده قد يحمل شيئًا غير الرعب.

"يريدون للفلسطيني أن لا يشعر بالأمان، حتى في مدرسته أو عيادته.. هذه هي رسالتهم: لا أمان لكم ما دمتم هنا."