شبكة النجاح الإعلامية - منال الزعبي - النجاح الإخباري - في الوقت الذي تواصل فيه آلة الحرب الإسرائيلية اجتياحها لقطاع غزة برًا وجوًا، لم يكتف الاحتلال بحصاره البري والبحري الخانق، بل أقدم على اختطاف سفينة "مادلين" في المياه الدولية، في مشهد وصفه مراقبون بأنه "قرصنة سياسية وإنسانية"، بينما يعيش الغزيون يوماً جديدًا من المجازر، في ظل قصف متواصل ومجاعة قاتلة.
مادلين .. "شرف المحاولة"وبخصوص قرصنة الاحتلال لسفينة "مادلين" التي سيطر الاحتلال عليها واقتاد المتضامنين المدنيين على متنها للتحقيق، وهي السفينة رقم 36 في سلسلة سفن تحالف "أسطول الحرية"، الهادفة إلى كسر الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ عام 2007.
قال الدكتور خالد معالي، المختص في الشأن الإسرائيلي، في حديثه لـ"النجاح" إنّ محاولة "مادلين" رغم اعتراضها تبقى خطوة شجاعة حركت ضمير العالم، مشيرًا إلى أن الاحتلال أقدم على اعتقال النشطاء الذين كانوا على متنها، واقتيادهم إلى الزنازين، "وهو ما يحفّز مزيدًا من المتضامنين حول العالم للتحرك لنصرة غزة".
وأوضح أن نتنياهو ارتكب "حماقة استراتيجية" عندما أصدر أوامر بوقف السفينة في المياه الدولية، مضيفًا:
"من المعلوم أنه يُمنع اعتراض سفينة لا تشكل خطرًا، خاصة إن كانت تحمل نشطاء سلميين ومساعدات رمزية... لكن عقلية الطغاة لا تفكر إلا بمنطق القوة."
ورأى معالي أن هذه "القرصنة" تعكس "اضطرابًا في قيادة الاحتلال"، مشيرًا إلى أن نتنياهو يريد صورة نصر مفقودة، ويضغط على المقاومة لتقديم تنازلات، "لكنه لا يحقق إنجازًا سياسيًا أو عسكريًا، بل فقط يضاعف جرائم الحرب".
وأضاف:
"نتنياهو يخشى أن يُجبر على وقف الحرب، لأنه يراها هزيمة له. ومع أن المقاومة لم ترفض الاتفاق، إلا أنها تطلب ضمانات، وهو أمر مشروع."
وحذّر معالي من أن "كل الاحتمالات باتت واردة، من تجنيد المتدينين إلى فتح جبهات جديدة مثل إيران، وهذا يُفاقم الضغط على نتنياهو... لكن المؤشرات تصبّ في صالح الشعب الفلسطيني". قائلًا:
"لا حرية دون ثمن... والزمن ليس في صالح الطغاة."
ويذكر أن السفينة انطلقت من ميناء كاتانيا بجزيرة صقلية الإيطالية في الأول من يونيو/حزيران 2025، محمّلة بمساعدات إنسانية وناشطين دوليين مدافعين عن حقوق الإنسان، متحدية الحصار البحري غير القانوني المفروض على أكثر من مليوني فلسطيني في غزة.
وتكتسب هذه الرحلة أهمية إضافية، كونها تأتي بعد شهر واحد فقط من قصف الاحتلال الإسرائيلي سفينة "الضمير العالمي" قبالة سواحل مالطا بواسطة طائرات مسيّرة، مما يعكس خطورة المهمة وتمادي الاحتلال في استهداف أي مبادرة إنسانية حتى خارج حدوده.
دماء وجوع.. غزة تختنق تحت الأنقاض
ومن شمال القطاع، نقل مراسلنا عبد الهادي عوكل صورة مأساوية قائلاً:
"اليوم كان أحد أيام الإبادة الجماعية... القصف بدأ مع الفجر ولم يتوقف."
وأوضح أن طائرات الاحتلال استهدفت مناطق متعددة، أبرزها حي الشجاعية حيث ارتقى أربعة شهداء، فيما تُستهدف خيام النازحين في خان يونس وعبسان، وتُقصف جباليا والزيتون والنصيرات. وقال:
"حتى اللحظة، نحو خمسين شهيدًا سقطوا اليوم وحده، في استنزاف يومي متواصل."
وأشار إلى أن معاناة السكان تفاقمت، خصوصًا في مراكز توزيع المساعدات التي تُقصف رغم أنها تقصد الجوعى، مضيفًا:
"يموت الغزيون إما قصفًا أو جوعًا. كليو الدقيق بـ100 شيكل، والسكر بـ300 ش... والأسعار تذبح من بقي حيًا."
وفي ظل تعنت الاحتلال وإصراره على إباده شعب كامل قصفا تجويعًا عبر منع وصول المساعدات وتقييدها تحدث عن انهيار شبه تام في النظام الصحي، في ظل خروج معظم المستشفيات عن الخدمة، وصعوبة التعامل بالعملة المتداولة، ما تسبب في "شجارات يومية" على الطعام، وصلت إلى حدّ "مقتل مواطن بسبب صحن فاصولياء".
ممارسات علنية تكشف الوجه الحقيقي للاحتلال؛ عدوان لا يستثني يابسة ولا بحرًا، ولا يرحم لا نازحًا ولا متضامنًا. ورغم السواد الممتد، تبقى غزة شاهدة على أن الصمود نفسه مقاومة… وأن الطغاة – عبر التاريخ – لا ينتصرون أبدًا، مهما طغوا وتجبروا.