النجاح الإخباري - سجّلت أسعار الذهب العالمية صباح اليوم الأربعاء ارتفاعًا قياسيًا غير مسبوق، حيث لامس سعر الأونصة الذهبية حاجز 3500 دولار، مسجلاً بذلك قمة تاريخية جديدة.
فيما بلغ الفارق السعري خلال الـ24 ساعة الماضية نحو 150 دولارًا، في واحدة من أعلى وتائر الارتفاع التي شهدها المعدن النفيس.
في المقابل، شهد الدولار الأمريكي تراجعًا طفيفًا في قيمته مقابل الشيكل الإسرائيلي، مما أثر على الأسعار المحلية للذهب، نظرًا لارتباطها الوثيق بالدولار في الأسواق العالمية.
ويعاني المواطنون الفلسطينيون من تداعيات هذه التغيرات الاقتصادية.
وقد أعرب أحد المواطنين عن استيائه قائلاً: "أمر لافت للانتباه أن أسعار الذهب محليًا لا تستجيب لما يحصل في العالم"، مشيرًا إلى أن الأسعار المحلية لا تنخفض مع تراجع الأسعار العالمية.
فيما أكد أمجد رمضان، المدير المالي لمديرية المعادن الثمينة في وزارة الصناعة، أن هذا الارتفاع الحاد يُعزى إلى مجموعة من العوامل العالمية المعقدة، أبرزها التوترات في العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، والقرارات الأمريكية الأخيرة برفع التعرفة الجمركية على السلع الصينية، والتي طالت بدورها دولًا أخرى أيضًا. وقد انعكست هذه السياسات بتأثيرات مباشرة على الأسواق العالمية، وأدت إلى حالة من عدم الاستقرار والضبابية.
ووضح أن ردة الفعل الصينية والدولية تجاه هذه القرارات الأمريكية ساهمت في زعزعة الثقة بالدولار الأمريكي والأصول المرتبطة به، مما دفع العديد من المستثمرين للاتجاه نحو الذهب كملاذ آمن، في ظل ما تشهده الأسواق من تقلبات وضبابية.
ويُنظر إلى الذهب تقليديًا كوسيلة موثوقة للحفاظ على المدخرات والاستثمارات خلال فترات عدم اليقين.
وأشار رمضان إلى أن هذا الارتفاع اللافت في أسعار الذهب مرتبط أيضًا بمخاوف متصاعدة من إقالة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وهو ما خلق حالة من القلق في الأوساط الاقتصادية.
وأدى إلى تراجع الاستثمارات في الأسهم والسندات الأمريكية، وبالتالي ازدياد الطلب على الذهب.
-انعكاسات محلية على الاقتصاد الفلسطيني-
أما على الصعيد المحلي، فقد أوضح رمضان أن السوق الفلسطيني شهد مؤخرًا زيادة في الإقبال على شراء الذهب، رغم أن هذا الطلب يتركّز بشكل أساسي ضمن شريحة محدودة من ذوي الدخل المرتفع أو أصحاب رؤوس الأموال.
ويرجع ذلك إلى ضعف القوة الشرائية لدى غالبية المواطنين، بسبب ارتفاع معدلات البطالة، والأزمة المالية الناتجة عن احتجاز أموال المقاصة، وتأخير صرف الرواتب، بالإضافة إلى التراجع في قطاعي الصناعة والعمالة، وكلها عوامل ناتجة عن الإجراءات الإسرائيلية الضاغطة على الاقتصاد الفلسطيني.
وأضاف أن الفئة المقتدرة تسعى حاليًا لحماية أموالها من تقلبات السوق عبر الاستثمار في الذهب، مع التركيز بشكل خاص على المشغولات التي تتميز بانخفاض أو انعدام تكلفة التصنيع، مثل الليرات والأونصات الذهبية.
-دور وزارة الاقتصاد ومراقبة الأسواق-
فيما يتعلق بمراقبة الأسعار محليًا، أكد رمضان على دور وزارة الاقتصاد الوطني، ممثلة بمديرية المعادن الثمينة، في متابعة سوق الذهب وضبطه.
وتقوم الوزارة من خلال جولات تفتيشية ميدانية، برصد أي عمليات غش أو تلاعب بالأسعار، كما تعمل على توعية المواطنين بآليات التحقق من السعر الحقيقي للذهب، وتوجيههم نحو التعامل مع محال مرخصة وموثوقة، لضمان سلامة عمليات البيع والشراء.
- السوق المحلي مرتبك-
وتشهد أسعار الذهب ارتفاعًا غير مسبوق تجاوز التوقعات العالمية، ما أثار اهتمامًا واسعًا لدى المواطنين ووسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
وفي هذا السياق، أوضح نقيب محلات الصاغة، مجدي البزرة، أن هذا الموضوع أصبح محورًا للحديث في مختلف الأوساط، بدءًا من النقاشات الإعلامية وصولًا إلى الجلسات العائلية.
وأشار البزرة، في تصريح خاص لـ"إذاعة صوت النجاح"، إلى أن الذهب تحول في الآونة الأخيرة إلى وجهة استثمارية قوية، ما ساهم في زيادة الإقبال عليه، رغم ارتفاع أسعاره.
وقال: "التوقعات السابقة كانت تشير إلى أن سعر الأونصة قد يصل إلى 3200 أو 3300 دولار، إلا أن السعر فاق التوقعات ووصل إلى 3500 دولار مؤخرًا، وهو ما كان متوقعًا بنهاية العام".
وعزا البزرة هذا الارتفاع إلى عدة عوامل، أبرزها التوترات الجيوسياسية بين الولايات المتحدة والصين، إضافة إلى حالة التضخم العالمية والاضطرابات الاقتصادية، والتي جعلت من الذهب ملاذًا آمنًا للمستثمرين.
وفيما يتعلق بتأثير هذه الزيادة على السوق المحلي، أكد البزرة أن الشارع يشهد حالة من التخبط، خاصة مع دخول موسم الصيف وزيادة حالات الزواج، ما يفرض على العائلات شراء الذهب كمهر للعروس. وقال: "الناس أصبحت في حيرة من أمرهم، البعض يسأل: هل أشتري ذهبًا أم أحتفظ بالنقد؟ هل أشتري جرامًا أم ليرة ذهبية؟".
وأوضح أن سعر الغرام وصل إلى ما بين 75 و80 دينارًا، ما شكل عبئًا على المواطنين، خاصة في ظل الغموض الذي يكتنف مستقبل الأسعار.
وحول آلية التعامل مع التغير اليومي في الأسعار، أشار البزرة إلى أن الأسعار المحلية تتجاوز السعر العالمي بسبب غياب المواد الخام محليًا، ما يضطر التجار إلى استيراد الذهب بتكاليف إضافية.
وأضاف: "الفرق بين السعر المحلي والعالمي قد يصل إلى 200 دولار للأونصة، بسبب التكاليف المترتبة على الاستيراد، وهو ما يتحمله المواطن سواء عند الشراء أو البيع".
أما عن تفاوت الأسعار بين المحلات، فأوضح البزرة أن السوق يخضع للعرض والطلب، وأنه رغم وجود رقابة من وزارة الصناعة، فإن لكل تاجر هامش ربح يحدده بنفسه.
"بعض التجار يكتفون بدينار ربح على الغرام، وآخرون يضيفون دينارين، وهو أمر مشروع في ظل المنافسة"، بحسب تعبيره.
وفي ختام حديثه، أكد البزرة أن الذهب، رغم تذبذب أسعاره، يبقى استثمارًا آمنًا على المدى البعيد، خاصة مع استمرار البنوك المركزية العالمية في شراء الذهب بكميات كبيرة.