غزة - عبد الله عبيد - النجاح الإخباري - أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خطة تهدف إلى تهجير سكان قطاع غزة، البالغ عددهم حوالي 1.9 مليون نسمة، إلى دول عربية مجاورة مثل مصر والأردن. وقد أثارت هذه الخطة غضبًا واستنكارًا دوليًا واسعًا، حيث اعتُبرت انتهاكًا صارخًا للحقوق الفلسطينية وخطوة تهدد استقرار المنطقة.

وفي مقابلة مع قناة "فوكس نيوز"، أكد ترامب أن الفلسطينيين الذين سيغادرون غزة لن يُسمح لهم بالعودة، وسيتم توطينهم بشكل دائم في مناطق جديدة توفر لهم "حياة أفضل"، مشددًا على التزامه بـ"شراء غزة وامتلاكها". كما أوضح أنه يعتزم تحويل القطاع إلى "موقع جيد للتنمية المستقبلية"، مضيفًا: "سأهتم بالفلسطينيين وسأتأكد من أنهم لن يقتلوا".

رفض دولي

واجهت هذه الخطة رفضًا قاطعًا من المجتمع الدولي والدول العربية. فقد وصفتها العديد من المنظمات بأنها "وصفة لانعدام الاستقرار" في الشرق الأوسط، وأكدت أن "غزة ملك للفلسطينيين وليست للبيع". كما شددت على أن "لا استقرار في المنطقة إلا بحل الدولتين".

وفي خطوة حاسمة، دعت مصر إلى عقد قمة عربية طارئة في القاهرة في 27 فبراير 2025 لمناقشة تداعيات هذه الخطة. وعبّرت كل من مصر، الأردن، السعودية، والإمارات عن رفضها المطلق لهذه المقترحات، مشددين على ضرورة التمسك بحل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.

غضب فلسطيني

على الصعيد الفلسطيني، أثارت خطة ترامب ردود فعل غاضبة داخل الأراضي المحتلة وفي الشتات. ففي الولايات المتحدة، عبّر العديد من الفلسطينيين الأمريكيين عن استيائهم من هذه المقترحات، معتبرين أنها تعيد إلى الأذهان النكبة الفلسطينية عام 1948، حينما أُجبر مئات الآلاف من الفلسطينيين على مغادرة ديارهم قسرًا.

من جانبها، رفضت حركة "حماس" الخطة بشدة، ووصفتها بأنها "محاولة لتصفية القضية الفلسطينية وتهجير أهل غزة قسرًا من أرضهم". وأكدت أن هذه المقترحات "محكوم عليها بالفشل منذ البداية"، مشددة على أن أي محاولات لفرضها ستُواجَه بالمقاومة الشعبية.

عقلية سمسرة

 

وصف المحلل السياسي أحمد رفيق عوض خطة ترامب بأنها نابعة من "عقلية السمسرة والمصلحة والبلطجة"، وليست منطق رئيس دولة كبرى. وقال في حديثه لـ"النجاح": "بالنسبة لترامب، الوطن قطعة أرض، لا يهمه تاريخها أو هويتها الثقافية والدينية". وأضاف أن الخطة تأتي كجزء من "مشروع استعماري جديد" يهدف إلى تعزيز الاحتلال الإسرائيلي وإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل.

وحذر عوض من أن هذه الخطة قد تكون مقدمة لعملية تهجير قسرية حقيقية لسكان غزة عبر تصعيد عسكري واسع، مشيرًا إلى أن المجتمع الدولي مطالب باتخاذ خطوات جدية لوقفها قبل فوات الأوان.

تهديد حقيقي

في السياق ذاته، حذر المختص بالشأن الإسرائيلي عصمت منصور من خطورة هذه الخطة، معتبرًا أنها تشكل "تهديدًا حقيقيًا لوجود الفلسطينيين". وقال منصور لـ"النجاح": "نحن أمام لحظة مصيرية... إما أن نواجه هذه المخططات، أو سنجد أنفسنا أمام نكبة جديدة".

وأضاف أن المخطط لا يقتصر على غزة فقط، بل قد يمتد إلى الضفة الغربية، حيث بدأت بالفعل عمليات تهجير في بعض المناطق مثل جنين ومخيم نور شمس. وأكد أن التصدي لهذه السياسات يتطلب تشكيل قيادة فلسطينية موحدة، تكون على مستوى التحديات الراهنة، وقادرة على حماية القضية الفلسطينية من التصفية.

وفي ظل هذه التطورات، يتزايد القلق الدولي من تداعيات خطة ترامب على استقرار المنطقة، مع تأكيد العديد من الأطراف على ضرورة إيجاد حلول سلمية وعادلة تضمن حقوق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة. ويبقى السؤال الأبرز: هل ستنجح الإدارة الأمريكية في فرض رؤيتها القسرية على الفلسطينيين، أم أن المقاومة السياسية والشعبية ستتمكن من إفشال هذه المخططات كما حدث في محاولات سابقة؟