نابلس - النجاح الإخباري - إعلان وبيان: "الرجل الذي على اليمين... والرجل الذي على اليسار"

في زاوية مظلمة من الحياة، تُروى حكايتان مختلفتان لرجلين يظهران في ذات الصورة. إلا أن الفارق بينهما كالبحر والصحراء، كالعزة والانكسار، كالحياة والموت. قصة صورتين يرويها صاحبهما  الشاب محمد أبو كميل من قطاع غزة ويعمل في صناعة المحتوى الرقمي .

يقول أبو كميل الرجل الذي على اليمين هو أنا. رجل اعتاد على حياة كريمة، اجتهد بعرق جبينه وعزيمته ليصنع لنفسه منزلة يرضاها. كنتُ أعمل بجد، أتزين بسيرة ذاتية مليئة بكلمة "استشاري"، وقد كنت فخورًا بعقودي مع كبرى المؤسسات المحلية والدولية. حياتي كانت حافلة بالإنجازات، وبيتي كان أجمل ما أملك، منزلًا شيدته بأحلامي ومدخراتي. ذلك البيت كان رمز استقراري، في أجمل أحياء قطاع غزة، بُني بعرق سنواتٍ طويلة من العمل المضني بمعدل ثلاث ورديات يوميًا.

ويضيفأبو كميل لكن... الرجل الذي على اليسار ليس أنا، ولن أعترف به. رجل عارٍ لا كرامة له، إنه صورة مهزوزة، لرجل أُجبر على الخروج بقوة من بيته، عاريًا، أُجبر على الوقوف – كدرع بشري لمدة 12 ساعة في البرد القارس وتحت المطر الغزير. انتظر حتى اللحظة التي تحقق فيها من هويته عبر الفحص الأمني. وعندما تبين لهم أنه غير مطلوب ولا مدرج، أطلقوا سراحه، ولكن بعد ماذا؟

هذا الرجل على اليسار فقد بيته. لم يبقَ له مأوى بعدما نسفوه بالكامل، رغم أنه لم يكن يومًا جزءًا من صراعاتهم ولا مستهدفًا في قوائمهم. لم يكن أمامه سوى مواجهة حياة قاسية، منقطعًا عن العمل بعد أن حُرم من الإنترنت، ذلك الشريان الذي كان يربطه بعالمه المهني.

الرجل الذي على اليسار هو شخص تحاول الظروف أن تجبره على الرضوخ، على نسيان أحلامه، وعلى طمس ماضيه المجيد. ويؤكد أبو كميل بشدة: "لستَ أنا ولن أعترف بك! لن أرضى ولن أكون إلا الرجل الذي على اليمين".

وتشكر أبو كميل كل من وقف بجانبه، لكل من حاول أن يكون سببًا في إعادة بناء حياتي. لن أنسى صنيعكم الجميل. 

ويختم أبو كميل قبل يومين، فوجئت بفيديو نشره أحد الجنود، يظهر ما فعلوه بنا قبل ثمانية أشهر أنا وسكان البناية.